أقصى شمال العالم: 12 مغامراً كويتياً واجهوا العواصف الثلجية والدببة القطبية في سفالبارد النرويجية
القطب الشمالي- هاشتاقات الكويت:
في إطار سلسلة رحلاته الاستكشافية الجريئة التي بدأها برحلة إلى القطب الشمالي خلال مارس 2013، ثبت فيها علم الكويت، ورحلة مماثلة إلى القطب الجنوبي (أنتاركتيكا) في ديسمبر من العام نفسه، جسد من خلالها صور المحبة والسلام، وثبت فيها أيضا علم الكويت، ثم الصعود إلى قمة جبل شمس في سلطنة عمان في مارس 2016، والذي يعتبر أعلى قمة أرض في الخليج العربي بارتفاع 3000 متر تقريبا عن سطح البحر..
استكمل المغامر الكويتي عبدالله الحسينان، هوايته برحلة مغامرة جديدة، قاد فيها فريقا كويتيا مكونا من 12 مغامرا، ورافقه مصورة إلى جانب مرشدة ومرشد نرويجيين، فيما كانت وجهته إلى سفالبارد النرويجية وهي عبارة عن أرخبيل في المحيط المتجمد الشمالي وجزر تقع شمال قارة أوروبا وفي أقصى شمال العالم.
الحسينان تحدث عن المغامرة الجديدة، قائلا إن الهدف من هذه الرحلة إلى سفالبارد، لا يختلف كثيرا عن الرحلات السابقة في استكشاف المجهول، والتعرف على جمال الطبيعة وخلق الله تعالى، وللمساهمة في تعزيز القدرات البدنية والفكرية والنفسية، والتدريب على تعزيز قيم الإصرار والتحدي والعزيمة والصبر، ولتوصيل رسائل سلام واحترام ومحبة من الكويت إلى شتى شعوب العالم، مضيفا أن الرحلة امتدت إلى ٨ أيام و٧ ليال، وشملت عبور منطقة محظورة، واستكشاف الجزيرة القطبية بطبيعتها الصرفة، وطقسها القاسي.
وأضاف ان فكرة المغامرة الجديدة بدأت من أبريل الماضي، وفي وجهة جديدة، وبفريق كويتي بالكامل من الشباب، ومن الجنسين، وممن يهوى المغامرة، ووضعنا في الاعتبار الأول التهيئة النفسية والذهنية والجسدية والترتيبات النظرية، وما يتطلب العمل به بشكل جماعي عند مواجهة التحديات والصعوبات والأحوال الجوية الصعبة والبرد القارس والرياح العاتية.
وحول مشوار الرحلة، قال الحسينان: هبطت طائرتنا النفاثة إلى «لونغ يير بين» عاصمة سفالبارد، مرورا بتلك الجبال المتجمدة الرائعة والخلابة، وهناك استقبلتنا إحدى المرشدات وبرفقتها مصورة، لتأخذنا إلى المسكن الذي مكثنا به ما يقارب الليلتين، تم فيها تجهيز المعدات والزلاجات والخيام والطعام، وغيرها من الاحتياجات الاستهلاكية، ومتطلبات أساسيات الحياة في دائرة القطب الشمالي، عقب ذلك، توجهنا إلى السفينة السياحية المخصصة لمثل هذه المناطق، والتي بدأت تشق عباب البحر على امتداد 3 ساعات حرصنا جميعا على أن نكون متواجدين فيها على السطح بالرغم من البرودة الشديدة، لمشاهدة المناظر الخلابة، فيما كانت وجبة الطعام التي تناولناها في السفينة من السلمون الشهي، إلى أن توقفت السفينة في منطقة جليدية صلبة لنترجل منها، ومن ثم البحث عن مكان نخيم فيه، وكانت خطواتنا بطيئة نسبيا لافتقاد الفريق الخبرة الكاملة في مجال التزلج، وهذا ما دفعنا إلى إحداث تغيير محدود في الخطة الأساسية وأن نخيم في مكان قريب من البحر، يعرف بمملكة الدببة القطبية، وتمتعنا بمشهادة دبين قطبيين على بعد مناسب لم يكن ليشكل خطرا علينا، وعقب نصب خيامنا الصغيرة، قمنا بإيقاد الموقد لإذابة الثلج، ليصبح ماؤنا، إلى جانب تسخين طعامنا، ولنملأ قنينة الماء التي أطلقنا عليها لقب «الحنونة»، لكونها مصدرا لدفئنا على امتداد يوم كامل لا تغييب فيه الشمس، وكنا نشرب منها الثلج المذاب في اليوم التالي.
وأضاف: هكذا كان روتيننا اليومي في مشوار الرحلة، نتزلج ثم نأخذ قسطا من الراحة، يسبق ذلك تناول وجبة الإفطار ثم الغداء مع مراعاة حفظ الطعام داخل الملابس التي نرتديها حتى لا يتجمد، ثم نكمل المشوار بالتزلج إلى نقطة تخييم جديدة، لنتوقف وننصب خيامنا ونعد طعامنا، بينما تبدأ مناوبات مراقبة الدببة من أعضاء الفريق كل على حدة، فيما فقدنا في يومنا الثالث للرحلة احدى عضوات الفريق إثر إصابة في الظهر، واضطررنا للاتصال بمروحية الطوارئ لنقلها إلى «لونغ يير بين» لعلاجها.
فيما استمررنا في الانتقال من مكان إلى آخر بهدف الوصول إلى قمة «نيوتن»، ولكن ومع سرعة الفريق التي تطورت بشكل ملحوظ مع الأيام، اضطررنا لتغير المسار والتوجه إلى قمة «تورين»، إلا أن الأحوال الجوية ساءت بشكل كبير، الأمر الذي دفعنا لإعداد جدار جليدي لسد الرياح، وللمحافظة على بقاء الخيام التي اضطررنا للبقاء فيها ومواجهة الأحوال الجوية الصعبة والرياح الشديدة ليوم كامل تقريبا، وبالرغم من عدم تحسن الجو في اليوم التالي اضطررنا، ومن واقع شغفنا للصعود إلى قمة «تورين» حيث بدأنا بالصعود لمسافة امتدت إلى 900 متر تقريبا فوق سطح البحر، ولم يتبق لنا سوى 200 متر للوصول إلى القمة، إلا أن الرؤية أصبحت شبه معدومة بسبب العاصفة الثلجية والتي باتت تشكل خطرا على الفريق، فاضطررنا إلى العودة إلى نقطة الانطلاق، فيما كان الجو يزداد سوءا، الى ان أشرقت الشمس في اليوم التالي، ووصلت درجة الحرارة إلى ٦ درجات تحت الصفر، ليصبح الجو جميلا بالنسبة لنا، استمعتنا فيه بوجود الشمس، ولتصبح جاهزيتنا عالية وبمهارات متطورة للفريق، لنبدأ مشوار العودة إلى السفينة، في الوقت الذي أبدت فيه المرشدة النرويجية والمصورة وطاقم السفينة عن دهشتهم وإعجابهم بقدرات الفريق وامكاناته ومغامرته الجريئة، وقد جاء من بلد حار تصل درجة الحرارة فيها إلى ٥٠ درجة، وأعربوا عن سعادتهم بمعرفتنا، واننا كنا خير ممثلي لدولتنا الحبيبة وعن رغبتهم في زيارة الكويت قريبا.
أسماء فريق المغامرين الكويتيين
ضم الفريق ١٢ مغامرا كويتيا هم: عبدالله الحسينان (قائد الفريق)، فارس الحسينان، عبدالله أبو قماشة، عبدالله الحماد، عبدالله الأنصاري، عبير العمر، العنود الرقم، أحمد الأنصاري، سارة القطان، منال العطار، يحيى قاسم، أمينة المطوع.
وقد تم اختياره من خلال مقابلات لتقييم الشخصية المناسبة لهذا النوع من الرحلات التي تتطلب القدرة على التحمل البدني والذهني لأسوأ الظروف، وإلى التعاون والمرونة والتحمل والاعتماد على النفس، والتعامل مع المعطيات الخارجة عن الإرادة، إلى جانب القدرة على التكيف بما هو متاح ومتوافر من موارد ومرافق، كما روعي في الاختيار التحري عن الخبرات السابقة لكل مغامر في خوض تجارب مشابهة.
على هامش الرحلة
– الجديد في هذه الرحلة إنها عززت فهم التعايش في الأجواء القطبية والطرق السليمة المتبعة في هذا النوع من المغامرات القاسية والتي تعتمد على كيفية مواجهة العواصف الثلجية وكيفية الحفاظ على حرارة الجسم في أسوأ الظروف وكيفية الحماية من الدببة القطبية والحيوانات المفترسة وغيرها من الأساليب العلمية والمغامراتية التي تعلمها من الرحلات السابقة.
– الترتيب لمثل هذه الرحلات يتطلب توفير التأمين الصحي، وتأمين الطوارئ الذي يشمل إرسال طائرة مروحية الى الموقع عند حالات الضرورة والنقل الى المستشفى، وقد تعرضت عضوة في الفريق لحالة صحية سيئة وآلام في الظهر بسبب الإرهاق الشديد وتم نقلها عن طريق الهيلكوبتر الى أقرب مستشفى، وقد تشافت تماما، وأبدت رغبتها في العودة لاستكمال الرحلة إلا ان التغيير في الخطة حال دون ذلك.
سفالبارد: تخضع سفالبارد إلى السيادة النرويجية الكاملة وفق معاهدة ١٩٢٠، وهي منطقة اقتصادية حرة ومنزوعة السلاح. وكانت تعتبر قاعدة لسفن صيد الحيتان في القرنين السابع عشر والثامن عشر، ويستخدم سكانها عربات الثلوج والطائرات والقوارب للتنقل بين الأماكن.
وتعتبر منطقة تزاوج للعديد من الطيور البحرية، ومن حيواناتها أيضا الدببة القطبية والرنة والثعالب القطبية وبعض الثدييات البحرية.