تكنولوجيا

سينما فيسبوك تغير قواعد اللعبة دولياً

في تطور لافت للأنشطة التي تقدمها شبكة فيسبوك عملاق التواصل الاجتماعي، أعلنت المنصة استضافة العرض الأول الحصري للفيلم الوثائقي «ذا أوتسايدر»، والذي يتم عرضه ضمن برنامج «الأحداث المدفوعة»، بمعنى ضرورة شراء الجمهور للتذاكر لمشاهدة الفيلم. ويأتي هذا العرض ليدشن دخول المنصة مجال عروض السينما الحصرية على المستوى العالمي. وبالرغم من أن الشبكة استضافت خلال الأشهر الماضية عدداً من عروض البث المباشر والفعاليات الحية المدفوعة، فإن هذه المرة الأولى التي يتم فيها عرض فيلم سينمائي عبر المنصة.

يستمر العرض الأول للفيلم مدة 12 ساعة من لحظة بداية العرض بتوقيت البلد التي تشاهد منها، كما تتيح المنصة إهداء الفيلم إلى أحد الأصدقاء. ويرى الخبراء أن هذا العرض ربما يدشن بداية دخول فيسبوك صناعة الترفيه من باب العروض الحصرية المدفوعة، الأمر الذي ربما يحولها في المستقبل إلى أضخم قاعة عرض في العالم.

الفيلم المعني يحمل اسم «ذا أوتسايدر»، وهو عمل وثائقي عن مايكل شولان أحد سكان مدينة نيويورك، والذي استطاع أن يجمع مجموعة ضخمة من الصور التي تصور الفظائع والدمار والمآسي التي خلفتها هجمات 11 سبتمبر على تلك المدينة. وبعد ذلك، طلب الفريق الذي كان يعمل على إنشاء المتحف والنصب التذكاري الوطني لذكرى 11 سبتمبر من شولان الانضمام إلى هذه الجهود. ويركز الفيلم على الدراما المصاحبة للرؤى المختلفة والمتنافسة لإقامة هذا المتحف على مدار 20 عاماً، إلا أن الشكل الذي خرج به الفيلم في النهاية أثار غضب إدارة المتحف لدرجة أنهم وصفوه بالعمل «التشهيري».

تأتي أهمية هذا الاتجاه، كما يقول ستيفن روزنباوم أحد مخرجي الفيلم، من أن الشراكة مع فيسبوك تمثل طريقة جديدة للوصول إلى جمهور عالمي، وقبل هذه اللحظة الفارقة، كان المسار المعتاد هو العثور على موزع دولي، وبعد ذلك توقيع اتفاقات مع دور العرض السينمائية لعرض العمل، وبعيداً عن الأسواق الكبرى الناطقة باللغة الإنجليزية لم يكن الأمر يستحق العناء، ولكن الاتفاق مع فيسبوك يغيّر قواعد اللعبة تماماً مع وجود جمهور أوسع بكثير يمكن أن يشاهد الفيلم ويدفع التذاكر، وبالتالي يدخل جمهور الأسواق صغيرة الحجم ضمن المعادلة، ولكن في الوقت نفسه فإن الخاسر الأكبر سيكون الشاشة السينمائية التقليدية.

مشاهدة الفيلم ستتم عبر منصة فيسبوك على المستوى العالمي في 19 أغسطس الحالي، من خلال خاصية «فيسبوك لايف»، وتحدد سعر التذكرة بمبلغ 3.99 دولار في الولايات المتحدة. وقالت فيسبوك إنها لن تستقطع نسبة من أسعار التذاكر بالنسبة للفعاليات المدفوعة التي ستنفذها الشركات الصغيرة والمستقلة حتى عام 2023، وبعد انتهاء فترة العرض الأول، سيكون الفيلم متاحاً للمشاهدة عبر الطلب.

ويستطيع أي مستخدم لمنصة فيسبوك مشاهدة العرض الأول للفيلم في البلدان التي تتوافر فيها خاصية الأحداث المدفوعة عبر الإنترنت؛ وهي الخاصية التي تتوافر حالياً في أكثر من 100 دولة حول العالم، بالإضافة إلى ذلك سيقدم فيسبوك بعض العروض والإعلانات الترويجية للمساعدة في تسويق الحدث الفريد.

وتأتي هذه الخطوة ضمن خطط فيسبوك الطموحة لجذب المبدعين ومنتجي المحتوى، ومن بينها برنامج «الفعاليات المدفوعة»، وضمن هذا البرنامج كشفت منصة التواصل الاجتماعي عن خطط لدفع أكثر من مليار دولار للمبدعين، حيث أعلن مارك زوكربيرغ المؤسس والرئيس التنفيذي لفيسبوك لأول مرة عن التمويل الجديد المخصص لـ«مكافأة المبدعين على المحتوى الرائع».

ومن خلال هذا البرنامج الجديد، سوف تدفع الشركة للمبدعين عبر سلسلة من المبادرات مكافآت لنشر المحتوى على فيسبوك وأيضاً على إنستغرام، وسوف تأتي هذه المبادرات بطريقة موسمية وتتطور بمرور الوقت، كما سيحظى برنامج المكافآت بأيقونة واضحة ضمن تطبيق إنستغرام في وقت لاحق هذا الصيف، وفي تطبيق فيسبوك قبل نهاية العام.

وستقدم الشركة المكافآت الجديدة الأولى لمنشئي المحتوى الذين يصنعون مقاطع فيديو على فيسبوك مع تمكين الإعلانات أثناء البث، كما تقوم المنصة أيضاً بتوسيع المكافآت من خلال نظام «ستارز» الذي يدعو المشاهدين إلى إرسال مكافآت مالية لأصحاب المحتوى، وسيكون صناع مقاطع الفيديو أو من يبثون الألعاب عبر المنصة مؤهلين للحصول على مكافآت شهرية بناءً على عدد المشاهدين الذين يرسلون لهم المدفوعات عبر نظام «ستارز».

وستقدم منصة إنستغرام هي الأخرى المكافآت الخاصة بها، ولكن في البداية فإن الشركة ستقوم بإرسال دعوات في المرحلة الأولى للمؤهلين لاستخدام هذه الميزة التي ستبدأ خلال الأسابيع المقبلة في الولايات المتحدة وسيكون نظام المكافأة معتمداً على عدة معايير منها النجاح في «انستغرام لايف»، وهي الخطوة التي تأتي من الشركة رداً على نجاح نظام الفيديوهات القصيرة من «تيك توك».

الخطوات المتلاحقة التي تقوم بها فيسبوك في مجال الدفع لمنشئي المحتوى هي محاولة من الشبكة الاجتماعية الأكبر لملاحقة المنافسين الذين يقدمون برامج ضخمة لتشجيع إنتاج المحتوى عبر منصاتهم، مثل تيك توك، وسناب شات التي توزع مليون دولار يومياً على مقاطع الفيديو الأكثر شيوعاً على «سبوت لايت» منصة الفيديو القصير الخاصة بها، أيضاً يمتلك يوتيوب تمويلاً بقيمة 100 مليون دولار برنامج «يوتيوب شورتس» وهي نسخة شبيهة بتيك توك تمتلكها الشركة.

أما تيك توك فقد أطلقت تمويلاً بقيمة 200 مليون دولار العام الماضي لمنتجي المحتوى على الرغم من أنها لا تمتلك أسباباً تدعو للقلق في الوقت الحالي، فوفقاً لأحدث البيانات فقد تجاوز تيك توك 3 مليارات تنزيل عالمي وهو رقم لم يتجاوزه على الإطلاق سوى تطبيقات «واتساب» و«ماسينجر» و«فيسبوك» و«إنستغرام» التي تمتلكها جميعاً شركة فيسبوك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى