منوعات

 كيف تتجنّب الآثار السلبية لـ”العزل الاجتماعي” وتحافظ على صحتك النفسية؟

يقضي الملايين من البشر منذ عدة أسابيع أغلب أوقاتهم – إن لم يكن كلها – في عزلة اجتماعية داخل المنازل، فمع إعلان الإصابة بفيروس كورونا جائحة عالمية، أُغلقت المدارس والجامعات حول العالم، وتوقفت الأعمال غير الضرورية وغير العاجلة، ولم يعد أحد يخرج من بيته إلا للضرورة، ومع هذا التغير المفاجئ للنظام اليومي وتقييد الكثير من الحريات، ومع الشعور المستمر بالقلق، وخاصة مع تدفق الأخبار الخاصة بالمرض، يتنامى الكثير من المشاعر السلبية، مثل الخوف والشعور بالوحدة والضياع، كما قد تحدث اضطرابات في النوم والأكل وفقدان التركيز، مما قد يؤثر مع مرور الوقت على الصحة النفسية – وخاصة إذا طالت فترة العزلة الاجتماعية – ويؤدي إلى مشكلات خطيرة مثل الاكتئاب، بل إلى مشكلات صحية مزمنة مثل اضطرابات الجهاز الهضمي أو الإصابة بالسمنة.

 كيف تتجنّب الآثار السلبية للعزل الاجتماعي؟

ولتجنب هذه الآثار السلبية لـ العزل الاجتماعي، سنحاول هنا تقديم بعض ما ينصح به الخبراء للحفاظ على الصحة النفسية في هذه الأوقات الحرجة.

1. حافظ على صحتك البدنية

يأتي الاهتمام بالصحة البدنية كأولى خطوات الحفاظ على الصحة النفسية، فكما تؤكد الدراسات يوجد ارتباط وثيق بين صحة الجسم والحالة النفسية للإنسان، لذلك يُنصح أثناء فترة العزل بالانتباه إلى الأمور التالية:

– خذ كفايتك من النوم
فالجسم يحتاج من سبع إلى تسع ساعات من الراحة يوميًا. حاول أيضًا الحفاظ على انتظام ساعتك البيولوجية بالنوم في وقت محدد كل يوم، حتى وإن لم تكن لديك التزامات في اليوم التالي، حتى لا تصاب بالأرق واضطرابات النوم مع مرور الوقت. كما يُنصح دائمًا بعدم استخدام أية شاشات إلكترونية لمدة ساعة على الأقل قبل الذهاب إلى النوم.

– حافظ على الحركة بشكل يومي
قد لا ينتبه أغلبنا أثناء فترة العزل إلى جلوسه في وضع واحد لأغلب اليوم، وخاصة مع إغلاق الصالات الرياضية وأماكن التمشية المعتادة، لذلك يجب الحرص على إيجاد سبل أخرى للحركة، للحد من الشعور بالقلق ولتحسين الحالة المزاجية، وتجنبًا أيضًا للإصابة بالخمول والسمنة وتدهور صحة العضلات. حاول التحرك من مكانك مرة على الأقل كل ساعة.

يمكنك الخروج للتريُّض قليلًا – مع مراعاة إجراءات الوقاية – إذا كانت التعليمات في بلدك تسمح بالخروج، أما إذا كان ذلك صعبًا، فيمكنك ممارسة بعض التمرينات الرياضية البسيطة في المنزل، مثل تمارين الضغط والبطن أو ممارسة اليوجا، مستعينًا في ذلك بالتطبيقات الرياضية المتاحة على الهواتف. يمكن أيضًا اللجوء إلى فيديوهات يوتيوب حيث تستطيع متابعة ومحاكاة أنواع بلا حصر من التمارين والبرامج الرياضية.

– حافظ على غذاء صحي متوازن
يزداد الشعور بالشراهة كلما طالت فترات البقاء في المنزل، وخاصةً إذا صاحبها الشعور بالخوف أو القلق أو حتى الملل. لذلك حاول ألا تستسلم لهذه المشاعر وقاوم رغبات الأكل التي لا تستند إلى جوع حقيقي. تناول وجباتك في مواعيدها المعتادة وحاول ألا تتناول الطعام قبل النوم بنحو 2 – 3 ساعات. أكثِر من تناول الخضروات والفاكهة التي تساعد على دعم المناعة وتجنَّب الوجبات السريعة والحلوى. قلِّل من تناوُل الكافيين والجأ بدلًا منه إلى المشروبات العشبية.

2. تعامل في مشاعرك بطرق صحية

لا تترك لمخاوفك العنان، فمن الطبيعي مع تسارع الأخبار الخاصة بالفيروس أن تتسرب إليك مشاعر مثل الحزن والقلق والإحباط، وخاصةً مع تصاعد الشعور بالخوف على النفس والأقارب والأصدقاء من الأذى. لكن عليك الانتباه إلى عواقب التشبع بهذه المشاعر، والتي قد تُعدي أفراد أسرتك وأصدقائك.

قد لا تستطيع التحكم في كل ما يعتريك من أفكار، لكنك تستطيع أخذ القرار بتركيز ذهنك على أفكار أكثر إيجابية. لا تستبق الأحداث بالسيناريوهات المزعجة، وحاول التركيز فيما تود إنجازه يوميًا، واعلم أنك ما دمت تأخذ احتياطاتك وتحافظ قدر استطاعتك على كافة إجراءات الوقاية، فلا يوجد شيء آخر في يدك. فكِّر بامتنان في كل تلك النِّعَم في حياتك.

3. لا تسرف في متابعة الأخبار وتأكَّد من مصادرها

حاول تخصيص وقت محدد – ومحدود – يوميًا لمتابعة آخر المستجدات الضرورية للأحداث، وتأكد من اللجوء لمصادر موثوقة، مثل منظمة الصحة العالمية أو وزارة الصحة الخاصة ببلدك، فمع انتشار الأخبار على منصات التواصل الاجتماعي، تتفشى الإشاعات التي قد تؤدي إلى ممارسات أكثر خطورةً وضررًا.

4. حاول احتواء أفراد أسرتك أثناء فترة العزل

أدى الانعزال في المنازل إلى قضاء أفراد الأسرة أوقاتًا أكثر معًا، بدرجةٍ لم تحدث سابقًا قط. كما أدى لاعتماد الزوجين على بعضهما في التصدي للواجبات المنزلية. وكما لو أن ذلك ليس كافيًا، تتدفق الأخبار لتثير عواصف القلق والخوف، وقد يؤدي ذلك كله إلى اختلاق المشكلات أو الخلافات، والتي قد تُفضي إلى إلحاق الأضرار بالعلاقات الأسرية أو الزوجية أو إلى ارتكاب العنف بلا داعٍ.

حاول أن تتفهم مشاعر شركاء حياتك ومخاوفهم، واعلم أنه من الطبيعي أن يتغير شكل علاقاتك مع أفراد أسرتك في هذه الفترة وأن تُعيد تقييم العديد من الأمور، ويمكن لبعض النصائح التالية أن تساعدك في الحفاظ على علاقاتك الأسرية خلال هذه الفترة، وما بعدها:
– عبر عن مشاعرك بشكل واضح.. وصارح بها أفراد أسرتك، حتى يستطيعوا تفهُّم أفعالك ودوافعك.
– اقترح وضع خطة محددة لتوزيع المهام بين أفراد الأسرة والعمل كفريق، حتى يسود الشعور بالمساواة بينكم، وتقل الضغوطات على الجميع.
– تفقَّد أفراد أسرتك في نهاية كل يوم، واترك لهم المجال للتعبير عن نفسهم.
– أعطِ أفراد أسرتك مساحاتهم الخاصة، وحدد لنفسك بعض الوقت لتتمتع ببعض الخصوصية أيضًا، فذلك سيساعد على الحد من التوتر والمشاحنات التي قد تحدث بسبب الاحتكاك المستمر بين أفراد الأسرة.
– تواصَل مع أصدقائك باستمرار حتى لا تثقل على شريك حياتك بأن يكون المتنفَّس الوحيد لمشاعرك.
– امنح أفراد أسرتك دائمًا التقدير والامتنان لمجهوداتهم أثناء اليوم.

5. ضع نظامًا محددًا ليومك ليساعدك على تنظيم وقتك

قاوم رغبتك في الركون إلى الكسل، فمع مرور الوقت سيؤدي الكسل إلى آثار سلبية عديدة على صحتك النفسية، مثل ازدياد مشاعر القلق والخوف، وفقدان الشعور بالإنجاز، وقد يتسبب في اضطرابات النوم والعادات الغذائية.

ضع جدولًا محددًا بالمهمات التي تود إنجازها يوميًا، وحاول قدر الإمكان أن تحدد لها مواعيد ثابتة. فعلى سبيل المثال، حدد مواعيد النوم والاستيقاظ والأكل وواجبات المنزل والتريض والاستحمام والترفيه. ثبت عدد ساعات العمل (في حالة العمل من المنزل)، والساعات التي تقضيها أمام شاشة الهاتف أو التلفاز أو الكمبيوتر، وحاول ألا تتعدى هذه الفترة ثلاث ساعات يوميًا.

يمكنك أيضًا اللجوء لبعض الأفكار التالية لتساعدك على تنظيم وقتك، والالتزام بالجدول اليومي:
– حدد لنفسك مكانًا مريحًا ومناسبًا لطبيعة عملك أو المهمة التي تقوم بها. فعلى سبيل المثال، تجنَّب القيام بمهام العمل أو الدراسة على السرير، واختر مكانًا يزيد من إنتاجيتك.
– حافظ على تواصلك مع زملاء العمل أو مديريك أو معلميك حتى يساعدوك على تحقيق أكبر قدر من الاستفادة.
– لا ترتدِ ملابسك المنزلية أثناء العمل، فربما سيقلل ذلك من الجدية والشعور بالمسؤولية. ارتداؤك للملابس التي تخرج بها أثناء عملك أو دراستك من المنزل قد يساعدك على زيادة التركيز والإنتاج خلال هذه الفترة.
– حدد فترات للراحة في نظامك اليومي، حتى لا تشعر بالملل.
– ابتعد عن وسائل التواصل الاجتماعي أثناء تأدية مهمات اليوم المختلفة حتى تستطيع الالتزام بالساعات التي حددتها في الجدول.

6. لا ترهق نفسك ولا تبالغ في توقعاتك

حافظ على التوازن في كل شيء يمكنه التأثير على صحتك النفسية. تابع الأخبار لكن دون ذعر، وقم بأداء واجباتك المنزلية والأسرية دون إرهاق نفسك، ولا تترك العمل يلتهم معظم أوقاتك أثناء فترة العزل.

لا بأس ببعض المرونة أثناء إعداد الجدول اليومي، حتى لا تشعر باليأس إذا لم تستطع الالتزام به. حافظ على إيجابيتك، واخفض قليلًا من سقف توقعاتك سواءً من نفسك أو من أفراد أسرتك حتى لا ترهق نفسك بالمزيد من الضغوط.

7. قلل من مصروفاتك اليومية

هذه العزلة الاجتماعية فرصة جيدة لمراجعة كيفية إنفاقك للنقود، خاصة وقد صاحَب هذه الفترة انخفاض دخل الكثير من الأسر. حدد أولوياتك في الإنفاق، فلا تقم بمراكمة الأشياء التي لا داعي لها، أو التي لن تحتاج إليها أثناء فترة الحظر. يُنصح أيضًا بطهي وجباتك في المنزل، فسوف يساعد ذلك على توفير الكثير من المال بشكلٍ لم تكن تتوقعه. حاول أيضًا تجميد الاشتراكات التي لا داعي لها (كاشتراك صالة الألعاب الرياضية وغيره)، وتأجيل الديون التي يمكن لها أن تنتظر.

8. اخلق فرص عمل بديلة للحد من الضغوط الاقتصادية

ألزمت لشركات كثيرة موظفيها بالعمل من المنازل في ساعات العمل المعتادة. لكن على صعيد آخر توقف كثير من الأعمال الأخرى أثناء فترة الحظر المنزلي، وفقد آلاف العمال والموظفين أعمالهم ومصادر رزقهم، مما أدى بالتبعية إلى ظهور مشكلات اقتصادية عاجلة ومستقبلية تهدد استقرار كثير من الأسر. وعلى الرغم من قتامة الصورة، إلا أن هذا الوضع قد أدى أيضًا إلى خلق الكثير من فرص العمل البديلة، لذلك إذا كنت من المتضررين اقتصاديًا من إجراءات الحظر، ابدأ فورًا في البحث عن بدائل.

– إذا كنت من أصحاب المحال التجارية، يمكنك إدخال خدمة التوصيل إلى المنازل، أو التوسع فيها إذا كنت تقدمها بشكل محدود، كما يمكنك إنشاء موقع إلكتروني أو صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لعرض بضاعتك على الإنترنت حتى تصل إلى عدد أكبر من المستهلكين.

– مع تزايد الإقبال على الشراء الإلكتروني بسبب الحظر، توافرت العديد من فرص العمل التي ترتبط بهذه الخدمات، ومنها: عمال التوصيل وعمال المخازن والسائقون، كما توافرت فرص للعمل من المنزل في إدارة المنصات الإلكترونية والتسويق الإلكتروني وخدمات العملاء. حاول البحث عن إحدى تلك الفرص، حتى إن لم تتناسب تمامًا مع مؤهلاتك أو خبراتك، كحل مؤقت لزيادة دخلك.

– سجِّل في مواقع العمل الحر، مثل موقع مستقل أو Freelancer أو Upwork، والتي زاد الإقبال عليها بشكل لافت من قِبل أصحاب المشاريع في الفترة الأخيرة. يمكنك متابعة العروض المستمرة على هذه المنصات واستغلال مهاراتك للحصول على عمل مؤقت يساعدك على تخطي هذه الفترة دون معاناة مشكلات اقتصادية فادحة. توجد فرص عمل متنوعة على هذه المواقع تصلح للمهندسين والمترجمين والمحاسبين والمبرمجين والمعلمين (على سبيل المثال لا الحصر).

– مع الصعوبة في الحصول على خدمات الحرفيين بسبب الحظر، أصبحت أقل المشكلات في الكهرباء أو السباكة مثلًا تستدعي قلقًا كبيرًا. إذا كنت صاحب حرفة أو مهارة، يمكنك عرض خدماتك واستشاراتك على مواقع العمل الحر، مثل موقع خمسات، أو على مواقع التواصل الإلكتروني. يمكنك أيضًا إنشاء قناة على يوتيوب لمشاركة خبراتك كإعلان عن مهاراتك، ووسيلة لزيادة الدخل.

– إذا كنت صاحب هواية، مثل الرسم أو الخياطة أو الكروشيه أو التريكو أو الأعمال اليدوية بوجه عام، يمكنك عرض أعمالك للبيع على منصات التواصل الاجتماعي والمتاجر الإلكترونية.

– يمكن للمعلمين والمدربين نقل دروسهم ودوراتهم إلى المواقع والتطبيقات التي تتيح خدمة البث المباشر.

9. لا تنقطع عن الطبيعة

تشير الدراسات إلى أهمية الاتصال مع الطبيعة في الحفاظ على الصحة النفسية والبدنية للإنسان، لذا حاول قضاء بعض الوقت يوميًا أمام مساحة مفتوحة وتحت نور الشمس. لأشعة الشمس آثار إيجابية جمة على الصحة النفسية قد لا ننتبه إليها للأسف. تربط بعض الدراسات بين التعرُّض لأشعة الشمس وبين زيادة مستوى السيروتونين في الدم، وهو الهرمون المسؤول عن تحسين الحالة المزاجية والحد من مشاعر القلق وزيادة التركيز. يمكنك الجلوس في الشرفة أو بجانب النافذة إذا لم يكن متاحًا لك الخروج من المنزل.

يمكنك أيضًا استغلال فترة العزل المنزلي لزراعة بعض الزهور أو الأعشاب (مثل النعناع أو الريحان)، والتي ستشعرك بالقرب من الطبيعة، وستساعدك في تنظيم يومك والاهتمام بشيءٍ جديد نافع.

10. مارس هواية تحبها

تساعد ممارسة الهوايات بلا شك على تحسين الحالة المزاجية، وعلى تحمُّل مشاعر الضغط والقلق وعلى الحد من التفكير بقلق في الأحداث الخارجية. لهذا يُنصح باستغلال فترة العزل للعودة إلى هوايات تحب ممارستها أو لاستكشاف هوايات جديدة ترغب في تبنِّيها. توجد العديد من الهوايات التي بإمكانها مساعدتك على قضاء الوقت، مثل: القراءة والخياطة والأعمال اليدوية وتعلُّم لغات جديدة. يمكنك أيضًا اللجوء إلى كتابة مذكرات يومية.

11. تواصَل مع عائلتك وأصدقائك

تواصَل يوميًا مع أهلك وأصدقائك، خاصةً بمكالمات الفيديو، سيساعدك ذلك ربما قبل أن يساعدهم. وأعطِ انتباهًا خاصًا لكبار السن منهم بالذات فهم أشد الناس حاجةً للدعم بكل صوره. ربما يمر العالم كله بأوقات عصيبة، لكنه أيضًا يعطينا فرصًا غير مسبوقة في إعادة النظر في علاقاتنا الإنسانية وأهميتها التي كانت حياتنا اليومية تُلهينا عنها.

 

المصدر: صحتك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى