آراءهاشتاقات بلس

#مقالات | منيفة العازمي .. تكتب: “حائرة”

امرأة جميلة ذات قوام رشيق وجسد متناسق وروح مرحة وثقافة عالية وشخصية قوية ، قررت الرحيل من بلدها الذي ترعرعت فيه الى بلد قريب بحثاً عن المتعة وارادة التجديد النفسي والترفيه الروحي لها ، فما كان منها الا انها استعانت بمرشد سياحي علها تنهل من معلوماته الثرية ليزيد من رصيدها الثقافي . 
كان المرشد السياحي رجل طويل ذو قامة ممشوقة وجسد رياضي مما اعطاه الخفة في التنقل والمرونة في الانتقال من مكان الى آخر بكل سهولة ويسر ، يحمل شهادة عليا مكنته من الرسوخ في وظيفته الحالية وعمقت من ثروته الثقافية .
تولى المرشد السياحي زمام الامور فراح يحدثها عن تاريخ بلاده بكل حب وبكل انشراح ، يزيد في حواره بالمعلومات المتلاحقة احيانًا وبين الاسئلة العامة احياناً اخرى ليرى مدى انتباهها وذكائها في الاستماع اليه ومدى تقبلها للكم الهائل من المعلومات التي كان يبسطها لها . 
هي منذ بداية خروجها في رحلتها هذه وهي تخطط للحصول على الكثير من الراحة والكثير من المتعة السياحية الا انها اصطدمت بشخصية المرشد السياحي العنيدة فهو رجل لا يحب ان يوجه من قبل اي امرأة كانت ولا يحبذ ان يكون برفقة اي امرأة بانفراد ولكنها مشيئة الله ان يكون بصحبتها هي بالذات ولذلك كان يسترسل بمعلوماته الثقافية تارة وتارة اخرى يحاول الهروب من واجبه العملي المتحتم عليه بذلك كله .
شخصيتان متناقضتان في اجواء تتسم بالتوتر والضغط النفسي الكبير ، هي امرأة هادئة ذات طبيعة خلابة تحاول بشتى الطرق ان توجهه للارشاد السياحي الذي هو مهمته الحالية وتحاول ان تضعه في مساره العملي بمحاولتها التخفيف عليه من الاسئلة الكثيرة لئلا يمل من الحديث معها ولئلا يشعر بالضيق والتضجر من مرافقتها ، وهو يحاول ان يكون ذو سمت عملي كبير الا انه كلما حاول استكشاف شخصيتها يتفاجئ بمهارتها العقلية وبصبرها العجيب وبشخصيتها المرنة ، وكلما القى اليها بسؤال او ادلى بمعلومة ثقافية تحتاج الكثير من التركيز والكثير من الحضور الذهني كانت تفوز بسهولة كبيرة ، وكان يتشتت بميلها للكم الهائل من المعلومات التاريخية التي يلقيها بمهارته المعروفة .
وبعد جهد كبير انتهت رحلتها القصيرة معه بأحسن حال يمكن وصفه الا انها كانت تتهرب من العديد من الاسئلة لتعمل على تقليص المدة الزمنية التي تجمعهما لانها باتت تهدد ثقتها بنفسها وتهدد ثباتها الفكري ، وهو بالمقابل لم يكد يصدق نفسه ان تكون زيارتها بهذه الخفة والمرونة فكلما حجبت سؤالا كاد يظهر على شفتيها الا وهو يرسم ابتسامة النصر . 
فهي بنظره مجرد سائحة مدللة تريد اضاعة الوقت بما تحمله من أموال طائلة ، وهي مجرد امرأة تريد الخروج في نزهة سياحية تتفاخر بها امام من تعرفه من النساء الاخريات ، وهو بنظرها رجل اجنبي يتباهى امامها بما يحمل في جعبته من المعلومات الثقافية ، وهو بمقياسها الانثوي ما هو الا رجل يريد ان يحكي لافضل اصدقائه عن الساعات التي قضاها برفقة امرأة جميلة ويصدف ان تكون ذات كم مذهل من الثقافة السياحية .
وبعد مدة ليست بقصيرة قضتها في هذه الدولة السياحية عادت لبلدها وهي تحمل الذكريات اللطيفة والهدايا التذكارية البسيطة ولكنها ابداً لم تنسى رحلتها معه ومازالت تحمل في قلبها المشاعر المضطربة لما كان بينهما من شد وجذب ولماكان بينهما من تضارب في التلاقي لمساحة من الهدنة التي كانت تتمناها ، ولساعة من الهدوء النفسي الذي كانت تتطلع ان يسود بينهما .

منيفة العازمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

زر الذهاب إلى الأعلى