أخبار العالم

أسبوعان على حكومة السوداني: «وفرة» وتهديد للعلاقات مع الخارج

 

مر أسبوعان على تسلُّم محمد شياع السوداني مفاتيح العراق من سلفه مصطفى الكاظمي، وابتسم الحظ للحكومة الجديدة التي شكّلها عمليا حلفاء طهران، بوفرة مالية غير مسبوقة منذ سنوات، وأمطار غزيرة كادت تغرق المدن نهاية الأسبوع، من رصافة بغداد حتى ضاحية الزبير على الطرف الصحراوي للخليج. لكن أبرز ما حصل سياسيا يكشف مستوى التعقيد الذي يرتهن السوداني، التكنوقراط الذي يحب العمل كمستقل، لكنّه الخاضع فعليا لحزب الدعوة ورئيسه نوري المالكي، حسب كل المعطيات. وحرص السوداني طوال أسبوعين على ما وُصف بأنه «خطوات استعراضية»، وخصوصا قراره الأربعاء الماضي، بمنع الجهات الرسمية كافة من زيارة الوفود الأجنبية الرسمية أو استقبالها، «إلا بعلم الحكومة وموافقتها، وبالتنسيق مع وزارة الخارجية». فهو وإن كان قرارا متعارفا عليه طوال تاريخ الدولة، إلا أن العقدين الماضيين تميّزا بحريّة هذه اللقاءات بين رؤساء الأحزاب والسلك الدبلوماسي بعامة. ويقول الذين يعرفون نفوذ المالكي في هذه الحكومة، إنه يستعد، عبر سلسلة قرارات كهذه، لمحاصرة الخصوم وتقييد اتصالهم بالخارج، خاصة أن هذا القرار يترافق مع حملة إقالات متواصلة لمسؤولين تنفيذيين محسوبين على خط رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي وحليفه المنسحب من السياسة حاليا، مقتدى الصدر. أما ثاني التعقيدات التي واجهها السوداني فتعلق بوجود الوافدين الأجانب، فمنذ عام ٢٠١٨ سجلت المدن العراقية تدفّقا كثيرا من الأجانب عليها وإقامتهم خارج المناطق المحصنة، حيث استأجر كثير منهم بيوتا وسط الأحياء السكنية، لكن الأسبوع الماضي شهد اغتيالا مباشرا للناشط الأميركي ستيفن ترول، الذي يعمل في مؤسسة USAID للإغاثة، وينتمي للكنيسة الإنجيلية. وجرى تبني ذلك من قبل فصائل مجهولة بأسماء وهمية يثار الجدل حول ولائها، لكنها ضمن ما يُعرف بالجناح الأكثر تشددا في «محور المقاومة». والحادثة النادرة التي فتح السوداني تحقيقا عاجلا فيها، أعادت إثارة الجدل حول العلاقة بين واشنطن وحكومة السوداني التي يتمثّل داعموها الأساسيون بحزب «الدعوة» المعروف باتصالاته مع واشنطن، والفصائل الموالية لطهران والمعارضة للتقارب مع الإدارة الأميركية. ويرى عدد من المقربين بشأن أجواء الحكومة، أن جناحا ايرانيا يشعر بالقلق من «حماس أبداه السوداني في التقرب من واشنطن، وأنه بالغ في الظهور بمظهر الوطني البعيد عن طهران، فتلقى هذا التنبيه باغتيال الناشط الأميركي، حسب تعبيرهم. ويوم الأربعاء ايضا، اتخذ السوداني قرارا بتخفيف قيود الميليشيات على المجتمع السنّي، وذلك بإلغاء التدقيق الأمني الذي عاناه الرجال في المدن ذات الغالبية السنيّة منذ انتهاء الحرب ضد «داعش»، وكان عليهم بإجراءات مطولة أن يثبتوا عدم تعاونهم مع التنظيم. ويعد إلغاء هذا التدقيق أول بند ينفذ ضمن قائمة الاتفاق السنّي – الشيعي، الذي كان شرطا لمنح الثقة لحكومة السوداني، دون أن تكون هناك ضمانات لتنفيذ البنود الأخرى، مثل انسحاب الفصائل الشيعية من الموصل، أكبر حاضرة سنيّة في البلاد. أما النقاش الأبرز فيدور حول سيناريوهات أول ١٠٠ يوم من عهد السوداني حين «تتلاشى نشوة الفوز»، إذ يختبر المالكي مدى وفاء السوداني له، بينما تختبر الفصائل مدى وفاء المالكي نفسه للفصائل، حيث المعروف عنه أنه لا يحب قواعد الشراكة حتى مع حلفائه المتشددين شيعيا، ويفرض قواعد «الأبوية السياسية» على الجميع، وهو يدرك مدى شراسة الفصائل وانفعالها السريع الذي يجعل طهران أيضا تواجه مشاكل بشأنه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى