د ب أ – يشهد التعامل مع مرض فقر الدم المنجلي حالياً تطوّرات لافتة، لاسّيما مع التقدم، الذي تحقق في مجال الأبحاث وتطوير علاجات جديدة من شأنها منح ملايين المرضى حول العالم أملاً حقيقياً بالتعافي، حسب أخصائي أمراض الدم وأورام الأطفال في مستشفى كليفلاند كلينك للأطفال، الدكتور ربيع حنّا.
وأضاف حنّا أن «مرض فقر الدم المنجلي يمكن أن يؤثر بشدة في جودة حياة المرضى، ويحدّ من إمكاناتهم بسبب نوبات الألم الشديدة وتلف الأعضاء الطرفية وانخفاض متوسط العمر المتوقع»، مشيراً إلى أنه يمكن للأدوية تخفيف شدة المرض وعلاج الأعراض التي يسببها.
ويتسبب التغيّر الجيني في الحمض النووي لدى المصابين بهذا المرض في حدوث تغيّر كيميائي في الهيموغلوبين – وهو بروتين أحمر مسؤول عن نقل الأوكسجين في الدم – ما يؤدي إلى تحوّل الخلايا إلى ما يشبه شكل «المنجل» بدلاً من شكلها الطبيعي المستدير، ما يعيق مرورها بسهولة عبر الأوعية الدموية، كما يمكنها أيضاً أن تسدّ الأوعية أو تتفكك، ما يؤدي إلى انخفاض عمر خلايا الدم الحمراء وزيادة معدل تخزين الحديد في الكبد والقلب.
ويمكن أن يؤدي ذلك إلى إصابة المريض بمضاعفات خطيرة، مثل تليف الكبد وفشل الكبد والسكتة الدماغية واعتلال عضلة القلب وفشل القلب، إضافة إلى الآلام الشديدة.
وتشمل الخيارات العلاجية للمصابين بهذا المرض عمليات زراعة الدم أو النخاع، ولكن في الواقع من الصعب العثور على متبرع متطابق كما أن هناك مخاطر كبيرة مرتبطة بهذا النوع من العلاجات.
وأوضح الدكتور حنّا هذه المخاطر: «تراوح نسبة مخاطر عدم تقبل جسم المريض للخلايا الممنوحة بين 5 و10%، وهناك خطر الإصابة بمرض الطعم حيال المضيف graft-versus-host disease، الذي يحدث عندما يهاجم نخاع عظم المتبرع أو الخلايا الجذعية المتلقي. ولتفادي مثل هذه الحالة، يعطى المريض أدوية قوية مثبطة للمناعة، ولكن لايزال هناك خطر كبير للإصابة بمرض الطعم حيال المضيف».
وتابع: «في المقابل يعتمد العلاج الجيني على الخلايا الجذعية الخاصة بالمريض، وبالتالي، يتم التخلص من مخاطر عدم تقبل المريض للخلايا أو احتمالية الإصابة بمرض الطعم حيال المضيف».
ومن الفوائد الأخرى للعلاج الجيني أن المرضى لن يحتاجوا إلى أدوية مثبطة للمناعة؛ لذا سيعمل جهاز المناعة لديهم بشكل طبيعي، وهو أمر مهم بشكل خاص خلال الجائحة. إضافة إلى ذلك، بينما يحتاج المرضى إلى العلاج الكيميائي لتعزيز جهوزية الجسم، سواء عند إجراء عمليات زراعة تقليدية أو عمليات العلاج الجيني، فإن العلاج الكيميائي المستخدم في العلاج الجيني يكون أقل قوة.
وأكمل الدكتور حنّا: «يمثل العلاج الجيني تقنية رائدة تعمل عن طريق استبدال أو تعطيل الجينات المسببة للأمراض. ونقوم في تجربتنا السريرية التي نجريها حالياً بإدخال جينات صحية وسليمة في الجسم بهدف تصحيح التشوّهات الجينية لخلايا الدم الحمراء. ومن خلال تمكين الخلايا من إنتاج المزيد من الهيموغلوبين الجنيني، فإن هذا العلاج لديه القدرة على علاج مرض فقر الدم المنجلي بطريقة دقيقة».
ووفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية، فإن نحو 5% من سكان العالم يحملون جينات السمات المسببة لاضطرابات الهيموغلوبين، خصوصاً مرض فقر الدم المنجلي والثلاسيميا، ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أن هذا لا يعني أنهم سيصابون بالمرض. وتشير التقديرات إلى أن 300 ألف طفل يولدون سنوياً مع اضطرابات شديدة في الهيموغلوبين. وتعتبر الهند وبعض بلدان الشرق الأوسط وإفريقيا من بين الدول التي ينتشر فيها مرض فقر الدم المنجلي.