يعتزم قادة جيوش من غرب افريقيا الاجتماع، اليوم الخميس، في غانا، لتنسيق تدخل محتمل في النيجر يهدف إلى استعادة النظام الدستوري في البلاد بعد إطاحة انقلابيين بالرئيس النيجري المنتخب محمد بازوم، في الوقت الذي عبر فيه البيت الأبيض عن صدمته من التقارير التي تفيد بتجاوز الاحتجاز غير القانوني للرئيس المخلوع.
وقررت الجماعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا “إيكواس” التي تشعر بالقلق حيال سلسلة انقلابات عسكرية متتالية في المنطقة، تشكيل “قوة احتياط” لوضع حد للانقلاب في النيجر.
ويأتي اجتماع القادة العسكريين يومي الخميس والجمعة بعد تجدد أعمال العنف في الدولة التي يسيطر عليها المتمردون، حيث قتل جهاديون 17 جندياً نيجرياً على الأقل في كمين في جنوب غرب البلاد.
وأعلنت وزارة الدفاع في بيان أنّ وحدة من الجيش وقعت “ضحية كمين إرهابي عند أطراف بلدة كوتوغو” في منطقة تيلابيري القريبة من بوركينا فاسو الثلاثاء الماضي.
وأضافت أنّ 20 جندياً أصيبوا، جروح 6 منهم بالغة، في هجوم هو الأكثر دموية من حيث حصيلة القتلى منذ انقلاب السادس والعشرين من يوليو (تموز). وأفاد الجيش بأنه تم “تحييد” أكثر من 100 مهاجم كانوا على متن درّاجات نارية أثناء انسحابهم.
وتشهد منطقة الساحل في إفريقيا تمرّداً منذ أكثر من عقد بدأ في شمال مالي عام 2012 قبل أن يمتدّ في 2015 إلى النيجر وبوركينا فاسو المجاورتين.
مخاطر عسكرية
ويؤكد محلّلون أنّ أيّ تدخّل سينطوي على مخاطر عسكرية وسياسية، فيما أعلن التكتل أنّه يفضّل الخيار الدبلوماسي.
والثلاثاء أصدرت الجماعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا بياناً دانت فيه “بشدّة” الهجمات الأخيرة.
وحضّ بيان “إيكواس” الجيش على “إعادة إرساء النظام الدستوري في النيجر بما يتيح له صبّ تركيزه على الأمن… الذي أصبح أكثر هشاشة بعد محاولة الانقلاب”.
لكنّ العسكريين الذين استولوا على السلطة ويحتجزون بازوم، يشدّدون على أنّ الانقلاب هو نتيجة “تدهور الوضع الأمني”.
وجرت محادثات هذا الأسبوع في أديس أبابا حيث اجتمع ممثلون عن إيكواس واقلابيو النيجر تحت مظلة الاتحاد الإفريقي.
والثلاثاء الماضي، قام رئيس الوزراء المدني المُعيّن من الجيش النيجري علي محمد الأمين زين بزيارة غير معلنة إلى تشاد المجاورة، وهي دولة مهمة في منطقة الساحل غير المستقرة وليست عضواً في إيكواس.
والتقى الرئيس محمد إدريس ديبي إتنو وسلّمه ما وصفه بأنها رسالة “حسن جوار وأخوّة” من قائد النظام النيجري.
وقال زين “نحن في مرحلة انتقالية. ناقشنا التفاصيل وشددنا على استعدادنا للبقاء منفتحين والتحاور مع كافة الأطراف، لكننا نشدد على استقلال دولتنا”.
صدمة أمريكية
وفي واشنطن، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أنّ سفيرة جديدة للولايات المتحدة ستتوجّه قريباً إلى النيجر في إطار جهود دبلوماسية لوضع حدّ للانقلاب.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل إنّ واشنطن تتطلّع إلى وصول السفيرة كاثلين فيتسغيبون إلى نيامي، مشدّداً على أنّ توجّهها إلى النيجر ليس قبولاً باستيلاء العسكريين على السلطة في البلاد.
وأعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، أن واشنطن تعتبر أنه من غير المبرر إعلان المجلس العسكري في النيجر، عن اعتزامه محاكمة الرئيس محمد بازوم بتهمة “الخيانة العظمى”.
وقالت جان بيير: “إننا نشعر بالصدمة والذهول بالتأكيد من التقارير التي تفيد بأن المجلس الوطني لإنقاذ الوطن قد تجاوز الاحتجاز غير القانوني للرئيس بازوم وآخرين وانتقل إلى التهديد بالمقاضاة. هذه الإجراءات لا أساس لها وغير مبررة ولن تسهم في حل سلمي للأزمة”.
وأكدت أن “هذه التهديدات تسلط الضوء على الحاجة الملحة لاستعادة النظام الدستوري في النيجر”.
وأعلن المجلس العسكري في النيجر، مساء الأحد الماضي، اعتزامه محاكمة الرئيس محمد بازوم بتهمة “الخيانة العظمى” و”تقويض أمن” البلاد.
وفي وقت سابق، قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إنّ المعاملة التي يلقاها بازوم وأسرته “غير إنسانية وقاسية”، مشيرة إلى أنّه محروم من الكهرباء منذ أغسطس وليس هناك أيّ تواصل معه منذ أسبوع.
واعتُبر انتخاب بازوم عام 2021 حدثاً تاريخياً في النيجر لأنّه فتح الباب لأول انتقال سلمي للسلطة في البلاد منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960.
ونجا بازوم من محاولتي انقلاب قبل أن تتم الإطاحة به في خامس عملية استيلاء على الحكم من قبل الجيش تشهدها البلاد.
وفرضت إيكواس سلسلة عقوبات تجارية ومالية على النيجر بينما علّقت كل من فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة مساعداتها لهذا البلد.