مجالسهاشتاقات بلس
استطلاعات الرأي بعد نتائج انتخابات «أمة 2022» بحاجة للموضوعية والمهنية
أظهرت النتائج الرسمية لانتخابات مجلس الأمة الأخيرة (أمة 2022) مفاجآت سواء لجهة فوز أو خروج أسماء غير متوقعة أو من جهة عدد الاصوات التي حاز عليها البعض الآخر وتجاوزت التوقعات والتقديرات.
فالنتائج الرسمية لانتخابات مجلس الأمة الأخيرة وإذ أفرزت شكلا مختلفا وربما مفاجآت لجهة فوز أو خروج أسماء غير متوقعة أو أرقام اقتراع للبعض الآخر تجاوزت التوقعات والتقديرات فقد أعطت كذلك صورة للمشهد الضبابي الذي أرادت كثير من مراكز استطلاعات الرأي أو المحللين أو القائمين عليها خلقه في محاولة لتوجيه الرأي العام إليه بعيدا عن حقيقة توجهات الرأي العام.
لكن الجهات المعنية والرقابية في الكويت أدركت خطورة بعض توقعات استطلاعات الرأي على وسائل التواصل الاجتماعي التي كانت بعضها غير موضوعية ومدى تأثيرها على إرادة الناخبين وأصدرت مجموعة من القرارات والاجراءات لضمان اختيار الناخب لمرشحه بإرادة حرة وصولا إلى انتخابات نزيهة وشفافة.
وفي هذا الاطار، قال الوكيل المساعد للصحافة والنشر والمطبوعات بالتكليف في وزارة الاعلام لافي السبيعي، اليوم الأربعاء، إن الوزارة أكدت خلال فترة الانتخابات أنه يجب على الوسائل الإعلامية الإلكترونية والمرئية والمسموعة والمقروءة عند نشر أو بث أو إعادة بث أي احصاء او استطلاع رأي إلا أن يكون صادر عن شركة مرخص لها بممارسة هذا النشاط من الجهات الرسمية بالدولة.
وجدد السبيعي تأكيد الوزارة على أن يكون نشر هذه الاستطلاعات والآراء وفق أسس علمية موثوقة المعلومات والبيانات والعينات حفاظا على نشر أي معلومة أو بيان مغلوط يؤثر على الناخب والمرشح مشددا على أن الوزارة لن تتردد في اتخاذ الاجراءات القانونية لأي مخالف للقانون.
من جهتها، قالت الاستاذ المشارك في قسم الإعلام بجامعة الكويت الدكتورة فاطمة السالم، إن استطلاعات الرأي وترتيب المرشحين وتوقعات الفائزين وسيلة إعلامية مهمة ومؤثرة وقت الانتخابات وبشكل خاص مع اقتراب موعدها.
وأضافت الدكتورة السالم أن دولا عديدة في العالم تمنع إجراء تلك الاستطلاعات قبل أسبوع أو أيام من الانتخابات بهدف عدم التأثير على قرار الناخبين.
واوضحت أن الاستطلاعات تعتبر من أهم عناصر التأثير على الرأي العام إذ أن مادة الاستطلاع تصبح ذات قيمة خاصة لا سيما فيما يتعلق بتوجيه الناخبين وتحديد أولوياتهم ونسبة المشاركة المتوقعة.
وذكرت السالم أنه “على الرغم من أهمية تلك الاستطلاعات وقدرتها على توقع الفائزين فإن هناك محاذير كبيرة يجب الانتباه لها فالمعضلة الأساسية في استطلاعات رأي الناخبين هي مدى صدقية إجابة المشاركين في الاستطلاع فهناك نسبة لا تجيب بمصداقية خوفا من التقييم وهناك فئة أخرى تنساق وراء معد الاستطلاع والجهة التي يمثلها”.
وأكدت أن “أهمية استطلاعات الرأي لا تقتصر على توقع الفائزين بل من المفترض أنها تركز على القضايا المهمة والخصال الشخصية التي تؤثر في قرار المستطلعين وتطلعاتهم وهذا ما يغيب عن بيئة استطلاعات الرأي في الكويت”.
وفيما يتعلق في عملية الاقتراع الانتخابي قالت الدكتورة السالم إن “الكثير يتفق أن قرار التصويت يتم اتخاذه بناء على مبادئ أساسية كالتيار السياسي وصلة القرابة والأداء والسيرة الذاتية”.
وأضافت ان “قرار التصويت لا يتأثر بصورة كبيرة بأسئلة الاستطلاعات اذ ان هناك نسبة لا يستهان بها من المحايدين في صفوف الناخبين والناخبات لا تقرر الا حين اقتراب موعد الانتخاب ولا تكترث كثيرا بالأجواء السياسية فالموضوع بالنسبة لها مبني على قواعد اخرى كالحملة الانتخابية وتوصية الاقارب وغيرها”.
وأوضحت ان “فئة المحايدين تلك يكون التغيير عندها امرا سهلا وتأثير استطلاعات الرأي كبير عليها”.
ولفتت إلى أن هناك مشكلة كبيرة فيما يسمى ب “التحيز في الاختيار” وهو أن “يختار الباحث عينات لاتمثل الشعب أو الشريحة المستهدفة ويتم تعميم النتائج وهنا تكمن غالبية الأخطاء والتوقع الخاطئ”.
وأكدت أهمية أن تكون هناك جهة رقابية مختصة تراقب الاستطلاعات وتقيمها وتتابع الشركات التي تعمل على استطلاعات الرأي.
كما دعت السالم إلى توعية الجمهور بأهمية التدقيق والبحث وبشأن “بعض الاستطلاعات التي تهدف إلى التأثير على الرأي العام وتغيير مساره” معتبرة أن “استطلاعات الراي هي الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات”.
وذكرت أن التفاوت في نتائج الاستطلاعات يرجع إلى “انها لا تستند الى طرق علمية في أخذ العينات لذلك هي أقرب للتكهنات والتحليل من استطلاعات علمية قائمة على الطرق الاحصائية في أخذ العينات” محذرة من نتائج مثل هذه الاستطلاعات غير العلمية تفاديا لإيجاد حالة من التحيز في الاختيار.
من جانبها، قالت الاستاذ المشارك في قسم الاعلام بجامعة الكويت الدكتورة بشاير الصانع، إن الاستطلاع هو وسيلة لمعرفة اتجاهات وآراء الأفراد بشأن ظاهرة أو قضية معينة.
وأضافت أن “هناك جهات وحسابات متعددة تعمل على اعداد استطلاعات للرأي عبر منصات التواصل الاجتماعي حول تقدم مرشح سياسي أو فرص فوزه وهي استطلاعات غير علمية وبالتالي غير موثوقة”.
وأعربت عن قناعتها بأنه “لا يمكن الاعتماد على نتائجها بل ان معظمها موجهة لإيهام الناخبين بأن رأيا معينا هو الغالب وبالتالي هي تقوم بتشكيل رأي عام زائف وموجه ما قد يترتب عليه تظليل الناخبين بإحتمال نجاح بعض المرشحين”.
وحذرت الدكتورة الصانع من نتائج الاستطلاعات غير العلمية إذ انها تحمل في طياتها “تشكيكا كبيرا في مصداقيتها التي قد تحتوي على عينة مزيفة أو غير ممثلة للشريحة المستهدفة لذلك فهي غير علمية ولايجوز تعميم نتائجها”.
وذكرت أن مثل تلك الاستطلاعات “بالتأكيد ليست مؤشرا علميا لاتخاذ قرار وإنما فائدتها لا تتجاوز فتح باب النقاش وإعطاء مؤشر مبدئي للأمور”.
وأوضحت أن الاستطلاعات غير العلمية التي تتداولها بعض وسائل الاعلام لا سيما بعض وسائل التواصل الاجتماعي تخالف مفهوم الديمقراطية عبر التلاعب بأهم مؤشراتها وهو الرأي العام”.
وأفادت الصانع بأنه في حال الرغبة بإعداد استطلاعات مبنية على أسس علمية فإنه يمكن التعاون مع جهات معتمدة وظيفتها التوعية والإرشاد تجاه المجتمع.
وبينت أن “هناك مراكز بحثية كثيرة تتبع الأسلوب العلمي في إجراء الاستطلاعات لكنها لا تلقى نفس الاهتمام الإعلامي الذي يثار على منصات التواصل الاجتماعي”.