التحول الرقمي يستحوذ على اهتمام كبير من جميع القطاعات
في هذه الحقبة التكنولوجية، تعد التقنية الرقمية والاتصال السريع والواسع النطاق أساسية لنمو الشركات والتنافسية والابتكار، وتستفيد الشركات التي تتبنى التحول الرقمي من كثير من المزايا مثل زيادة الكفاءة وتحسين تجربة العملاء وتوفير تكاليف العمل وتوسيع الوصول إلى الأسواق العالمية، ويشهد العالم حاليا تحولا هائلا نحو الرقمنة والتكنولوجيا، من خلال التحول الرقمي الذي يعرف بأنه عملية اعتماد المؤسسات على التكنولوجيا الرقمية واستخدامها لتحسين العمليات وتغيير الطرق التقليدية التي تتم بها الأعمال والحياة.
وحتى الآن لا يزال التحول الرقمي يمثل أولوية عالمية، حيث تسعى المؤسسات لأن تتحول إلى أعمال رقمية لتوجد القيمة المضافة عبر استخدام التقنيات للعمليات والمنتجات والخدمات، ولتحقيق هذا الهدف، من المتوقع أن يصل الإنفاق العالمي على التحول الرقمي إلى ما يقرب من 3.9 تريليون دولار في عام 2027 بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 16.1 في المائة خلال الأعوام الخمسة المقبلة.
وينعكس التركيز العالمي على التحول الرقمي في التوزيع الجغرافي للإنفاق، حيث إن الولايات المتحدة ستمثل 35.8 في المائة من الإنفاق العالمي على التحول الرقمي في عام 2023، وهذا الرقم يوازي تقريبا منطقة آسيا والمحيط الهادئ بما في ذلك اليابان والصين بحصة تبلغ 33.5 في المائة من الإنفاق، في حين أن نصيب منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا 26.8 في المائة من الإنفاق العالمي هذا العام، وفقا لدليل الإنفاق على التحول الرقمي العالمي الصادر عن مؤسسة البيانات الدولية IDC.
ففي أوروبا، ينمو الإنفاق على التحول الرقمي بوتيرة سريعة، وستختلف فرص الاستثمار حسب البلدان والصناعات وحالات الاستخدام، وسيتركز أسرع نمو في دول الشمال الأوروبي حيث ستكون شركات الخدمات المالية والاتصالات الأكثر ديناميكية، حيث سينمو إنفاقها على التحول الرقمي بأكثر من 20 في المائة.
واحتل التحول الرقمي مركز الصدارة في جميع المؤسسات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ حيث يستمر التركيز على التحول السريع من نماذج الأعمال التقليدية، وتؤدي تجربة العملاء والابتكار والكفاءة إلى نماذج أعمال تعزز كلا من الإنتاجية والربحية للشركات، ومع وجود سكان من الشباب أكثر دراية بالتقنية من الأجيال الأكبر سنا، فإن التطورات السريعة في البنية التحتية نحو التوسع الحضري تؤدي إلى زيادة الطلب على العروض الرقمية سواء في المنتجات أو الخدمات، وسيستمر دمج تقنيات منصة الجيل الثالث المتعددة مثل الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي إلى جانب الحاجة إلى تلبية تجربة العملاء في الوقت الفعلي في دفع الاستثمارات إلى أبعد من ذلك عبر الصناعات مع حالات استخدام محددة كأولويات في سوق آسيا والمحيط الهادئ.
وتركز أكبر مسارات التحول الرقمي من حيث الإنفاق العالمي على استخدام التكنولوجيا لتحسين الكفاءة التشغيلية، وأكبر مسار استخدام هو مجال الابتكار والتوسع والتشغيل، وهو مجال واسع يشمل العمليات واسعة النطاق، بما في ذلك الأنشطة التصنيعية والبناء والتصميم، وتشمل وظائف الأعمال الأساسية التي تشكل هذا المجال إدارة سلسلة التوريد والهندسة والتصميم والبحث والتشغيل وعمليات المصنع، وثاني أكبر مسار استخدام هو الدعم والبنية التحتية التي تشمل وظائف الأعمال الأساسية مثل المحاسبة والمالية والفوترة والموارد البشرية والقانونية والأمن والمخاطر وتكنولوجيا المعلومات المؤسسية، وهما ما يمثلان أكثر من 35 في المائة من إجمالي الإنفاق على التحول الرقمي في عام 2023.
ومن أبرز مسارات الاستثمار في التحول الرقمي تجربة العملاء، التي تشمل جميع الوظائف المتعلقة بالعملاء والتقنيات ذات الصلة التي يدعمها التحول الرقمي، التي تشمل وظائف الأعمال الأساسية التي تشكل في هذا المجال خدمة العملاء والتسويق والمبيعات، ومسار استخدام مرتبط ارتباطا وثيقا هو إدارة العملاء، الذي يمكن من المشاركة والتجربة بشكل أفضل طوال رحلة العميل، وسيمثل هذان المساران أكثر من 10 في المائة من إجمالي الإنفاق على التحول الرقمي هذا العام.
أسرع نمو من بين أكثر من 300 مسار في التحول الرقمي هو في مجال مساعدة عمليات التعدين ومعالجة المطالبات المستندة إلى أتمتة العمليات الروبوتية والتوائم الرقمية بمعدل نمو سنوي مركب لمدة خمسة أعوام يبلغ 32.6 في المائة و30.6 في المائة و28.5 في المائة على التوالي.
وتعد الصناعات التحويلية هي الأخرى ذات أكبر إنفاق على التحول الرقمي، حيث تمثل ما يقرب من 18 في المائة من جميع الاستثمارات على مستوى العالم، وتشمل بعض مسارات الاستخدام الرئيسة التصنيع الآلي والعمليات المستقلة وذكاء المخزون والتخزين الذكي، ومن الصناعات الأخرى الأكبر من حيث الإنفاق على التحول الرقمي الخدمات المهنية، حيث ينصب التركيز على حالات استخدام الكفاءة التشغيلية، والتصنيع القائم على العمليات، وستشهد صناعة خدمات الأوراق المالية والاستثمار أسرع نمو في الإنفاق بمعدل نمو سنوي مركب لمدة خمسة أعوام يبلغ 21.1 في المائة، تليها من كثب البنوك والتأمين بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 20 في المائة و19.2 في المائة على التوالي.