منوعات

التعلق العاطفي .. هل يهدد سلامة عقلك؟

بالرغم من أن مصطلح التعلق العاطفي يبدو نبيلاً وجيداً؛ إلا أنه قد يكون اضطراباً نفسياً في بعض الأحيان؛ مما يؤدي إلى الكثير من المشكلات التي لا تقتصر فقط على علاقات الزوجين بل تصل إلى الأصدقاء والأهل أيضاً، وفيها يتعرض الشخص المتعلق عاطفياً بالآخر للكثير من المشكلات مثل الشعور بالقلق والخوف الدائم، ويؤدي التعلق العاطفي المرضي إلى تدمير العديد من العلاقات الإنسانية، لنتعرف معاً على طبيعة التعلق العاطفي، وأنواعه، وكيف يمكنك التخلص من التعلق العاطفي غير الصحي.

ما هو التعلق العاطفي:
التعلّق العاطفي (بالإنجليزية: Emotional attachment) هو الارتباط العاطفي الذي تتلقاه، فالإنسان مرتبط بالحيوانات الأليفة، والعلاقات مع الآخرين، والأماكن، والأشياء، والتواريخ، وغيرها بسبب الرابطة التي توفرها للشخص، يمكن أن تكون هذه الرابطة مع شخص آخر مثل علاقة أو مكان معين مثل منزل الطفولة أو تاريخ مثل الذكرى السنوية أو شيء مثل لعبة.

المشاعر المرتبطة بالتعلق العاطفي:
الارتباط العاطفي جزء صحي من تطور الشخص منذ الطفولة، فالمشاعر التي نتلقاها من الارتباط العاطفي هي ما يلي:

الشعور بالأمان.
الحماية.
الشعور بالانتماء.
الراحة.
الإيجابية.
الشعور بالثقة.

الأعراض غير الصحية للتعلق العاطفي المرضي:
مع ذلك قد لا يستطيع الشخص الارتباط عاطفياً، ويبدأ في المعاناة من عدة أعراض غير صحية، هي ما يلي:

الكآبة والحزن.
القلق والتوتر
اضطراب الشخصية الحدية.
اضطراب ما بعد الصدمة.
كما هو الحال مع أي شيء في الحياة، هناك حاجة إلى التوازن، لأن الإفراط في الارتباط العاطفي أو عدم وجود ارتباط عاطفي يضر بصحتك العقلية.

أنواع التعلق العاطفي:
مرض التعلق العاطفي هو نوع من الاضطراب المزاجي أو السلوكي الذي يؤثر على قدرة الشخص على تكوين العلاقات والحفاظ عليها، تتطور هذه الاضطرابات عادةً في مرحلة الطفولة. يمكن أن تحدث عندما يكون الطفل غير قادر على أن يكون لديه اتصال عاطفي ثابت مع أحد الوالدين أو مقدم الرعاية الأساسي له في الطفولة، ويوجد عدة أنواع من التعلق العاطفي تشير كل منها إلى سلوك مُختلف سنتحدث عنها بالتفصيل.

-التعلق الآمن: يتيح التعلق الآمن للشخص أن يشعر بالراحة، والأمان، والاستقرار في علاقة صحية مع الآخرين.

-تعلق القلق: يؤدي تعلق القلق إلى مشاكل في الثقة والقلق حيث يحتاج الناس إلى حاجة قوية للطمأنينة العاطفية، والخوف الدائم من أن يبتعد عنهم الشريك أو الصديق.

-التعلق التجنبي: فيها يكون لدى الشخص القليل من العلاقات، أو يكون لديه علاقات عديدة دون أي التزام حقيقي.

-التعلق غير المنظم: قد يكون لدى البالغين الذين يعانون من هذا النمط من الارتباط أنماط مكثفة أو فوضوية من العلاقات، والتي تتميز بالبحث عن التقارب ثم دفع الناس بعيداً.

علامات تدل على التعلق العاطفي الغير صحي:
هناك خط رفيع بين الارتباط العاطفي الصحي والتعلق العاطفي غير الصحي، لدينا جميعًا حاجة للتواصل العاطفي والترابط مع الآخرين، مع ذلك عندما تدفعنا هذه الاحتياجات إلى التخلي عن تقديرنا لذاتنا، وسلامنا، وحرية الاختيار يصبح التعلق العاطفي غير صحي، وقد يتضمن الارتباط العاطفي غير الصحي مجموعة من العلامات التي سنتحدث عنها بالتفصيل.

احترام الذات يرتبط بالعلاقة:
يحدث التعلق العاطفي غير الصحي عندما تعتمد فقط على علاقة ما لتحديد قيمتك، إذا وجدت نفسك أكثر اكتئاباً وانتقاداً لذاتك بعد إنهاء علاقة، فربما تكون قد ربطت تقديرك لذاتك بهذا الشخص.

الاعتماد على موافقة ورضا الشريك:
الاهتمام بوجه نظر الآخرين وبالطريقة التي ينظر بها الآخرون إليك أمر ضرورياً، لكن إذا فقدت وجهة نظرك والتعبير عن رأيك، وانسقت وراء آراء، ورضا، وموافقة الشريك، فسيصبح التعلق غير صحي .

فقدان الشعور بالذات:
بعض الناس يكرسون كل طاقتهم ومواردهم للعلاقة مع الشريك أو الصديق، ولم يعودوا أفراداً ولا يرون أنفسهم سوى كجزء من العلاقة، بمجرد أن تغفل عن نفسك، تصبح العلاقة غير صحية، مثال على ذلك القيام بأشياء مثل ارتداء ألوان ملابس محددة أو تناول طعام ما فقط لأن الشريك يفضله.

العلاقة غير متوازنة:
الشيء الضروري في العلاقات هو التوازن، وفي التعلق العاطفي يختل هذا التوازن، فتهتم بالشريك بصورة مبالغة أو تصبح أكثر تعلقاً به.

تدهور الصحة العقلية:
إذا كنت في علاقة تؤدي بشدة إلى الاكتئاب، والقلق، والصدمات، والضغط العام، فهذه علامة على التعلق العاطفي غير الصحي، حيث يسبب التعلق العاطفي المرضي حالة من تدهور الصحة العقلية، وأحياناً قد يكون الابتعاد عن الشخص هو الحل لسلامة صحتك العقلية على الرغم من تعلقك العاطفي به.

لماذا يعد التخلي عن التعلق العاطفي المرضي صعباً:
هناك ثلاثة أسباب رئيسية تجعل من الصعب التخلي عن علاقات التعلق العاطفي الغير صحية، هنا سنتحدث عن أهم هذه الأسباب

الحاجة للتواصل منذ الطفولة:
تأتي جميع احتياجاتك المتعلقة بالتعلق من العلاقات التي تربطك بوالديك أثناء الطفولة أو أياً كان من يعتني بك في الصغر، إذا واجهت طفولة غير مرتبطة بالوالدين أو بها الكثير من عوائق التواصل مثل عدم تلبية رغباتك العاطفية كطفل، وعدم التجاوب معك فستستمر في محاولة ملء هذه الفراغات في مرحلة البلوغ.

رغبتك في أن تكون مرتبطاً عاطفياً ليست خاطئة، يحتاج الأمر فقط إلى معرفة الاختيار الصحيح وأن تكون على وعي كامل بحاجاتك.

تكوين روابط عاطفية قوية مع شخص ما:
عندما ترتبط عاطفياً بشخص ما تتكون عدة روابط تجعل من الصعب التخلي عن العلاقات أو المواقف التي لم تعد صحية، وهي ما يلي:

الوقت: تخبر نفسك أنك قد أمضيت وقتا طويلاً معه.
المقارنة: لقد كان أو كانت لطيفة في الماضي.
التعاطف: سيتعرض الشريك للأذى إذا تخليت عنه.
المسؤولية: تشعر بأنك مدين لهم دائماً.
الأمل: تظل على أمل أن يتغير الشريك في المستقبل.

الخوف من الهجر:
قد تميل إلى البقاء في العلاقة السامة أو الغير صحية أو التي يسيطر عليها التعلق العاطفي، ويرجع ذلك إلى وجود عاطفة أساسية واحدة هي الخوف من الهجر الذي يبقينا في علاقات وتعلق عاطفي غير صحي مع الآخرين.

كيف تتخلص من التعلق العاطفي غير الصحي:
بالرغم من صعوبة التواجد في علاقة تعتمد على التعلق المرضي الغير صحي، إلا أن اتخاذ أول خطوة لعلاج التعلق العاطفي المرضي هو الأصعب على الإطلاق لأنك ستشعر بتهديد وخوف من الوحدة لكنه ليس مستحيل.

التخلص من التعلق العاطفي لا يُشترط أن ينهي العلاقة مثلاً بين الأصدقاء أو الزوجين لكن معالجة خلل التعلق العاطفي المرضي هو المطلوب تحديداً؛ لذلك ينصح الخبراء باتباع مجموعة من الخطوات التي سنتحدث عنها بالتفصيل:

تحديد نمط العلاقة:
الخطوة الأولى لعلاج أي شيء أو تغييره هي معرفة المشكلة والاعتراف بها، لذلك يجب عليك التفكير جيداً في نمط العلاقة، حدد ما إذا كان يعتمد على ارتباط عاطفي صحي أو ارتباط عاطفي غير صحي، اسأل نفسك عما إذا كنت تشعر بالقدرة على تلبية احتياجاتك العاطفية أم أنك تعتمد بشكل أساسي على شريك حياتك.

نفسك أولاً:
كل شيء يدور حول نفسك فقط، أنت من تعرضت لعدة اضطرابات أدت إلى تكوين علاقات تكون أنت الطرف المتعلق عاطفياً بالآخر؛ لذلك عليك الاعتماد الكلي على نفسك عن طريق ما يلي:

حب الذات وتقديرها.
الثقة في النفس.
الالتزام بالبحث عن الأفضل في حياتك.
تحمل المسؤولية.
الراحة والأمان مع نفسك.

تغيير السلوكيات :
من الصعب تغيير أنماط العلاقات إذا لم تتغير السلوكيات؛ لذلك تجنب الشخص والمثيرات التي تذكرك به (في حال رغبتك في الانفصال)، واقضِ المزيد من الوقت في التحرك نحو سلوكيات صحية وجديدة تعمل على تحسين صحتك النفسية والجسدية، مثل التمارين الرياضية، أو الحصول على إجازة لبعض الوقت دون مرافقة الشريك، والسماح له بممارسة أنشطة خارجية.

غير بيئتك:
تغيير البيئة من حولك لا يعني الهروب من مشكلة التعلق العاطفي، بل حاول تغيير الديكورات أو البحث عن أنشطة جديدة.

دعم العائلة والأصدقاء:
الخوف من أن تكون وحيداً أو الابتعاد عن شخص ما قد يعوق طلبك للمساعدة من الأهل والأصدقاء؛ لذلك أطلب منهم دعمك باستمرار، لتتخلص من التعلق العاطفي مع الشريك.

التعلق العاطفي يعكس حالة من الاضطراب التي قد تؤثر على صاحبها سلبياً وتجعله في علاقة غير صحية، لذلك يجب الوعي ومعرفة ما هي شكل العلاقة التي تخوضها مع الآخرين، ولا تتردد في طلب المساعدة والاستشارة النفسية.

 

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى