محكمة التمييز الجزئية: إجراءات الضبط والتفتيش الباطلة تبطل كل الإجراءات التي تليها
الكويت -هاشتاقات الكويت :
أكدت محكمة التمييز الجزائية أن استيقاف المشتبه فيهم من قبل رجال الشرطة هو إجراء يقوم رجل الشرطة به في سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها، ويسوغه اشتباه تبرره الظروف، وكان من المقرر أيضاً أنه لا يجوز تفتيش الشخص أو متعلقاته الشخصية التي تستمد حرمتها من حرمته بغير إذن من السلطة المختصة بالتحقيق التي أوردتها الشخصية التي تستمد حرمتها من حرمته بغير إذن من السلطة المختصة بالتحقيق التي أوردتها المادة 43 والمواد 53 الى المادة 57 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية على سبيل الحصر.
وكانت الجريمة المشهودة تستوجب أن يتحقق رجل الشرطة من قيام الجريمة، وذلك بمشاهدتها، أو بمشاهدة أثر من أثرها أو نتيجة من نتائجها بما يقطع بوقوعها، وكانت صورة الواقعة على النحو المار بيانه لا تتوافر به جريمة حيازة مؤثر عقلي بقصد التعاطي بحالة مشهودة.
وأضافت «التمييز» بحسب “الجريدة”، في حيثيات حكمها برئاسة المستشار عبدالله جاسم العبدالله أن مجرد قيادة المتهم الأول سيارته بحالة أدت لوقوع حادث مروري، وإن كانت تجيز لرجل الشرطة استيقافه لتحري حقيقة أمره وتحرير مخالفة مرور له، إلا أنه لا يجوز له أن يمد بصره داخل السيارة لتفحص ما معه ومرافقيه من أمتعة وتفتيشها لاستكناه كنه ما تحتويه تلك الأمتعة من مواد غير ظاهرة له، ولم يكن له معرفة كنهها إلا بعد تفحصه لها كحالة الكيس المضبوط وهو تفتيش في غير الحالات التي يجيزها القانون، مما لا تقوم به حالة الجريمة المشهودة، بحق الطاعن.
كما أن رجل الشرطة قام باستيقاف الطاعن الذي لم يضع نفسه موضع الشك والريبة، وكان مجرد وجوده بسيارة المتهم الأول وبحالة غير طبيعية لم يبينها رجل الشرطة لا يبرر استيقافه لاستكناه أمره، حتى لو كان بحضنه سيجارة ولا يظهر ما بها من الداخل، وبأمره بالنزول من السيارة سقطت منه عرضاً لم يذكر رجل الشرطة أنه ظهر منها أو من الطاعن أنها تحتوي على شيء ممنوع حيازته، ولم يكن له معرفة كنهها إلا بفضها، وبالتالي لا يجوز استيقاف الطاعن بداءة، ولا تقوم الجريمة المشهودة بتفتيش السيجارة التي سقطت عرضاً منه قبل أن يتبين رجل الشرطة كنهها.
وأوضحت المحكمة أن ما قام به رجل الشرطة من تفتيش الكيس الموجود في السيارة واستيقاف الطاعن، وتفتيش السيجارة التي بحوزته والقبض عليه تكون إجراءات غير مشروعة وتقع باطلة.
ولما كانت القاعدة في القانون أن ما يبنى على باطل فهو باطل، فإن هذا البطلان يستطيل الى الدليل المستمد من هذه الإجراءات والمتمثل في أقوال رجل الشرطة، فلا يعتد بشهادته عما أجراه من إجراءات باطلة وما أسفرت عنه تلك الإجراءات من قبض وتفتيش باطلين.
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، ورفض دفع الطاعن ببطلان القبض عليه وتفتيشه وأطرحه بردّ غير سائغ، فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب تمييزه دون حاجة إلى بحث بقية أوجه الطعن، وامتداد أثر التمييز للمحكوم عليه الأول لكونه طرفاً في الخصومة الاستئنافية ولوحدة الواقعة وحسن السير العدالة.
وقالت المحكمة: وحيث إنه بتحقيقات النيابة العامة وبجلسات المحاكمة أنكر المتهمان المستأنفان التهمة المنسوبة اليهما، وقام دفاعهما على بطلان إجراءي القبض والتفتيش اللذين قام بهما رجل الشرطة، وما أسفر عنهما من أدلة، وذلك لحصولهما في غير الحالات التي يجيزها القانون.
ومن حيث إن هذه المحكمة قد انتهت فيما تقدم الى بطلان التفتيش الذي أجراه ضابط الواقعة وما ترتب عليه من إجراءات وما أسفر من أدلة لافتقاده سنده القانوني، وكان من المقرر أن بطلان القبض والتفتيش مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل يكون مستمداً منهما أو متصلا أو متفرعا عنهما، لأن ما بني على باطل فهو باطل.
ولما كان ذلك، وكانت أدلة الإثبات التي ركنت اليها النيابة العامة في إسناد الاتهام الى المتهمين، وعوّل عليهما الحكم المستأنف في إدانتهما وأخصها شهادة ضابط الواقعة، وكذا ما أسفر عنه تحليل المضبوطات أو بتناولهما المؤثر العقلي المضبوط، وهي أدلة باطلة، لأنها ترتبت على إجراء التفتيش الباطل وما تلاه من قبض، واتصلت بهما، ولولاهما لما وجدت، ومن ثم تلتفت عنها المحكمة ولا تعوّل عليها، وكانت الأوراق من بعد لا يوجد فيها دليل على صحة إسناد الاتهام الى المتهمين سوى هذه الأدلة التي خلصت المحكمة الى بطلانها وعدم مشروعيتها، وأقوال ضابط الواقعة، والتي ليس فيها ما يصلح للاستدلال به على ثبوت الاتهام على حق المتهمين المستأنفين.
وقالت المحكمة: ولما كان ما تقدم، به فإن الدفع ببطلان التفتيش وما ترتب عليه من قبض وما أسفر عنه من أدلة يكون دفعاً في محله، وتأخذ به المحكمة وترتب أثره على النحو المار بيانه، وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر وجرى قضاؤه على صحة هذه الإجراءات وما أسفرت عنه من أدلة وعوّل عليها في إدانة المتهمين المستأنفين عن التهمة المنسوبة إليهما، فإنه يكون معيباً بما يتعين معه إلغاؤه، والحكم ببراءة المتهمين المذكورين مما نسب اليهما.
إصابة المتهم بالسحر لا تعفيه من المساءلة القانونية
أكدت محكمة التمييز الجزائية، برئاسة المستشار عبدالله جاسم، أن ادعاء الجاني بارتكابه جريمة تحت أثر السحر، أمر يتطلب إثباته من جانب المتهم، فضلاً عن عدم إعفاء القانون له، لعدم النص عليه في قانون الجزاء.
وأضافت «التمييز»، في حكم لها، أن مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني الإدراك والاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعاً إلى ما نصت عليه المادة 23 من قانون الجزاء من تناول مواد مسكرة أو مخدرة قهراً عنه، أو على غير علم منه، وهي حالات أوردها المشرع على سبيل الحصر، ولم يدع الطاعن على نفسه بوقوعه تحت تأثير أي من هذه الحالات، وأن ادعاءه أنه كان تحت تأثير أعمال السحر عليه ففوق أنه ادعاء لم يثبته فإنه لا يندرج تحت أيٍّ من تلك الحالات السالف بيانها، كما أنه لم يدعِ أن هذا السحر قد أثر في إرادته، فإنه يكون دفاعاً منه غير مؤيد بدليل محقق للمحكمة ألا تعتد به، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
ورداً على طعن النيابة بتخفيف عقوبة المتهم من الإعدام إلى السجن 15 عاماً بواقعة القتل العمد، قالت المحكمة إن تقدير موجبات الرأفة أو عدم قيامها موكول لقاضي الموضوع دون معقب عليه في ذلك، وإنه إذا أراد استعمال الرأفة بالنزول عن درجة العقوبة المنصوص عليها قانوناً إلى درجة أخف فهو لا يكون ملزماً ببيان موجب تلك الأسباب التي أوقع من أجلها العقوبة بالقدر الذي ارتآه، ذلك أن الرأفة شعور باطني تثيره في نفس القاضي علل مختلفة لا يستطيع أحياناً أن يحددها حتى يصورها بالقلم أو اللسان، لهذا لا يكلفه القانون، وما كان يمكن تكليفه ببيانها، بل ويقبل منه مجرد القول بقيام هذا الشعور في نفسه، دون أن يسأل عليه دليلاً، ولما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع قد رأت لما اقتنعت به في ظروف وملابسات ارتكاب المطعون ضده للجريمة أن تاخذه بقسط من الرأفة في حدود ما تسمح به المادة 83 من قانون الجزاء، وهو ما يعد من إطلاقاتها، ولا تجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة التمييز.