التواصل مع الطبيعة أحد طرق تحسين الصحة العقلية!
يعاني واحد من كل خمسة أشخاص بالغين من مرض عقلي في الولايات المتحدة، وتتشابه الإحصائيات في العالم حيث يقدر عدد المصابين باضطراب عقلي أو عصبي بحوالي (450) مليون شخصاً، يخضع الثلث فقط للعلاج.
أصبح التواصل مع الطبيعة طريقة لتحسين الصحة العقلية، فقد بين عدد من الدراسات العلمية أن التواصل مع الطبيعة قد يفيد الصحة النفسية والوظيفة المعرفية، إلا أنه من الصعب إيجاد الوسائل التي تحدد مدى هذه الفوائد بشكل مناسب للمدن أو المؤسسات التي ترغب بدمج الطبيعة لتحسين الصحة العقلية.
وضع فريق دولي برئاسة جامعة واشنطن وجامعة ستانفورد نظاماً ليتمكن مخططو المدن والبلديات في العالم من المباشرة بقياس فوائد الطبيعة للصحة العقلية وإدراجها في الخطط والسياسات المتعلقة بالمدن وقاطنيها نشرت الدراسة في Science Advances.
جمعت الدراسة عدداً من كبار الخبراء في مجال علوم الطبيعة والمجتمع والصحة الذين درسوا النواحي التي يمكن للطبيعة أن تفيد من خلالها صحة الإنسان. كانت الخطوة الأولى وضع اتفاق جماعي أساسي حول فهم آثار التواصل مع الطبيعة على الوظائف المعرفية، الصحة العاطفية، وأبعاد الصحة العقلية الأخرى.
ترى غريتشن ديلي الباحثة المشاركة بالدراسة أن التواصل مع الطبيعة قد ارتبطت في العديد من الدراسات بزيادة السعادة والاندماج بالمجتمع والقدرة على القيام بالمهام المعيشية، وبانخفاض الاكتئاب العقلي، هذا إلى جانب ارتباط التواصل مع الطبيعة بتحسن الوظيفة المعرفية والذاكرة والانتباه وكذلك الخيال والإبداع ومستوى الأداء المدرسي عند الأطفال. تغطي هذه الروابط العديد من أبعاد التجربة الإنسانية، وتتضمن إحساساً أكبر بمعنى الحياة وهدفها.
بالرغم من حداثة هذا النوع من الدراسة، فقد اتفق الخبراء على قدرة الطبيعة الإقلال من خطر الإصابة ببعض أنواع الأمراض العقلية وتحسين الصحة النفسية، كما اتفقوا على أن فرص التواصل مع الطبيعة تتضاءل أمام الكثيرين بسبب التوسع المدني.
يرى أحد الخبراء أنه بالنسبة لجيل هذا القرن، فإن الكثير من الثقافات المختلفة والتقاليد والممارسات الدينية والروحية قد دللت على عمق علاقة الانسان مع الطبيعة، أما حديثاً وباستخدام مجموعة وسائل أخرى من الطب النفسي، الصحة العامة، هندسة المناظر والطب، يتم تجميع البراهين باستمرار حول هذا المجال الناشئ الجديد.
تحدد الدراسة كيف يمكن لمخططي المدن ومهندسي المناظر والمطورين وغيرهم أن يتوقعوا تأثير الصحة العقلية على القرارات المتعلقة بالبيئة.
أخذت العديد من الحكومات بعين الاعتبار هذا الأمر فيما يتعلق بالنواحي الأخرى لصحة الإنسان. مثلاً، تزرع الأشجار في المدن لتحسين نوعية الهواء أو للتخفيف من تأثير حرارة المدن، كما يتم إنشاء الحدائق في أحياء معينة لتشجيع الأنشطة البدنية، إلا أن هذه الإجراءات لا تصب مباشرة في مصلحة الصحة العقلية كما تفعل الأشجار أو الحدائق.
تقول ديلي أننا دخلنا في عصر المدن حيث من المخطط أن يصل تعداد سكان المدن إلى ثلثي البشرية بحلول عام 2050م وفي نفس الوقت هناك اهتمام حول العديد من قيم الطبيعة ومخاطر وتكلفة فقدانها يمكن لهذا العمل الجديد أن يساعد بإحياء الاستثمارات في ملائمة العيش في مدن العالم.
وضع فريق الباحثين نموذجاً نظرياً يمكن استخدامه لاتخاذ قرارات هادفة وجوهرية بشأن المشاريع البيئية ومدى تأثيرها على الصحة العقلية ويتألف من أربع مراحل لتؤخذ بعين الاعتبار من قبل المخططين:
– عناصر الطبيعة المدرجة في مشروع ما، كمدرسة أو في المدينة ككل.
– مدى تماس الناس مع الطبيعة.
– كيفية تفاعل الناس مع الطبيعة.
– الفوائد التي تعود على البشر بسبب هذا النوع من التفاعل، بالاعتماد على أحدث البراهين العلمية.
يأمل الباحثون أن تكون هذه الوسيلة مفيدة بشكل خاص في دراسة المضاعفات المحتملة على الصحة العقلية بسبب إضافة أو استبعاد الطبيعة في المجتمعات التي تفتقر للخدمات الأساسية .