ترند

الحصاد الثقافي في 2019

قبل أن يرحل عنا عام 2019 كان الفنان الكويتي محمد شرف قد أعاد تقديم عمله الفني «مقبرة الكتب» في منصة الفن المعاصر، تزامنا مع افتتاح معرض الكتاب، ولسان حاله يقول «لا جديد تحت الشمس»؛ فالرقابة باقية كما هي، وبالتساوق معها، ويا للمفارقة، آمال بالانفتاح والرؤى المستقبلية. هذه الآمال حين تواجه الشأن الثقافي تسرع باستخدام أدوات الاستثناء «إلا إذا كان لا يتناسب و..».

 

وهكذا تصبح وعود الانفتاح مثل قط يعض ذيله. مع هذا فما يدعو للتفاؤل هو تنامي النشاط الثقافي الأهلي في الكويت من قبل مثقفين مبادرين، مقابل التراجع النسبي لنظيره الرسمي، وأبرزه ظاهرة المكتبات الجديدة التي تستضيف أنشطة وفعاليات ثقافية وضيوفا من الكويت وخارجها، لتشكل حراكا وتفاعلا تجاوبت معه أصداء محلية وعربية.

 

رغم أن الرقابة ما زالت تحكم قبضتها على الكتب، فان عام 2019 شهد انتصار القضاء الكويتي للحريات مرة أخرى، فبعد أن انتصر القضاء في عام 2018 للروائية دلع المفتي، وسمح بتداول روايتها «رائحة التانغو» التي منعتها الرقابة من التداول في الكويت، ينتصر القضاء مرة أخرى في عام 2019 للحريات؛ حيث سمح حكم قضائي بنشر وتداول رواية «فئران أمي حصة» للروائي سعود السنعوسي بعد أن منعتها الرقابة.

 

منع «قواعد العشق الأربعون» كانت الكويت في عام 2019 مسرحا لجدل اثارته رواية «قواعد العشق الأربعون» للكاتبة التركية اليف شفق، التي تدور حول جلال الدين الرومي، حيث منعت أمسية لمناقشة الرواية في أحد الأندية الخاصة، البداية كانت مع إعلان على مواقع التواصل الاجتماعي عن الأمسية، تلاه عدد من الشكاوى للجهات الرسمية تطلب منها منع تنظيم الأمسية، بحجة أن الرواية تسيء إلى الإسلام وتروج لعقيدة «الحلول الكفرية»، حيث تم منع الأمسية بالفعل، وهو ما أثار ردود فعل بين المغردين على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

مجلس جديد لرابطة الأدباء

كانت رابطة الأدباء الكويتيين في عام 2019 مع موعد لتولي مجلس جديد لإدارة الرابطة، ففي انتخابات ساخنة فازت قائمة «الأدباء» على قائمة «الأديب الكويتي» حيث حظي 6 أعضاء من القائمة بأغلبية أصوات أعضاء الرابطة، وهم: د. خالد رمضان الذي اصبح رئيسا لمجلس الإدارة، وعضوية أمل عبدالله وجميلة سيد علي وحميدي حمود ود. عبدالله غليس وعبدالله الفيلكاوي، وكان الكاتب فهد العبدالجليل الوحيد الذي نجح من القائمة المنافسة، حيث فاز بالقرعة بعد أن تساوى عدد اصواته مع أصوات الكاتب سيد هاشم رجب، وكانت القبس الجريدة التي اختصها رئيس مجلس إدارة الرابطة الجديد خالد رمضان بأول حوار بعد الفوز مباشرة.

 

وأمين جديد للمجلس الوطني

صفحة جديدة بدأت في رحلة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في عام 2019، حيث تم تعيين أمين عام جديد للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، صدر المرسوم رقم 215 لسنة 2019، بتعيين كامل العبدالجليل أميناً عاماً للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدرجة وكيل وزارة، وتولى العبدالجليل أمانة المجلس خلفاً للمهندس علي اليوحة الذي تولي أمانة المجلس لمدة ثماني سنوات، وقد طالب العبدالجليل في أول إطلالة له محليا في «الملتقى الثقافي» بتحويل المجلس إلى وزارة للثقافة.

 

عام الجوائز الكويتية

كان عام 2019 عام الجوائز الكويتية، حيث شهد معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ44 احتفال جائزة تحمل اسم الكاتب الكويتي الراحل إسماعيل فهد إسماعيل، والتي أطلقتها دار «العين» تكريما لمكانة الراحل في الأدب العربي.

وشهدت الكويت خلال معرض الكتاب إعلان الأعمال الثلاثة الفائزة بالجائزة: رواية «ليل طنجة» للروائي المغربي محمد سعيد أحجيوج، رواية «فوبيا الوجود» للكتابة الروائية البحرينية تقوى جواد، رواية «سلام بتوقيت الحرب» للكاتبة الفلسطينية عبلة غسان. وعلى هامش معرض الكتاب أيضا، شهدت الكويت توزيع جائزة مؤسس دار ذات السلاسل د. عبدالعزيز المنصور التي أطلقها اتحاد الناشرين العرب، لدعم النشر العربي في مجال أدب الأطفال، وقد حصدت الجائزة دار «نهضة مصر» بجائزة قيمتها 10 آلاف دولار أميركي عن كتاب أدب الطفل «شيء يبحث عن نفسه» للكاتبة والرسامة بسمة حسام.

وقبل أن يسدل العام ستائره، أعلنت جائزة الملتقى للقصة القصيرة عن الفائز بالدورة الرابعة، حيث ذهبت إلى القاصة الفلسطينية شيخة حليوى التي حصلت على 20 ألف دولار قيمة الجائزة.

 

من الكويت إلى «مان بوكر»

فازت الروائية العمانية جوخة الحارثي، عن روايتها «سيدات القمر»، بجائزة «مان بوكر» العالمية لعام 2019، لتصبح أول رواية عربية تفوز بالجائزة العالمية، وشهدت الجائزة وصول القاص الفلسطيني مازن معروف إلى القائمة الطويلة للجائزة نفسها عن ترجمة مجموعته القصصية «نكات للمسلحين» التي شقت طريقها للعالمية من الكويت بحصولها على جائزة الملتقى للقصة القصيرة في دورتها الأولى.

 

جدل حول فوز بركات بـ«البوكر»

العربية لم تكن الجوائز وحدها الحاضرة في 2019، بل الجدل الصاخب الذي تزامن مع إعلان أسماء الفائزين بها، فقبل أن يرحل عام 2019 أعلنت جائزة البوكر العربية قائمتها الطويلة لدورة 2020 والتي ضمت 16 رواية، وكانت الجائزة قد شهدت حالة من الجدل سبقت إعلان الفائزة بالجائزة في دورة عام 2019 وهي الروائية اللبنانية هدى بركات عن روايتها «بريد الليل»، حتى شهدت كواليس الجائزة حالة من الجدل قبل ساعات من إعلان فوز بركات وبعد الإعلان مباشرة، فقبل ساعات من الإعلان تم تسريب اسم بركات على أنها الفائزة، وهو ما وجه ضربة لشفافية الجائزة.

وزاد الأمر إثارة إعلان الكاتبة العراقية إنعام كجه جي، التي وصلت روايتها «النبيذة» للقائمة القصيرة وكانت مرشحة للفوز، مقاطعة الجائزة، وأعلنت عبر مواقع التواصل الاجتماعي «الآن بدأ في أبو ظبي حفل الإعلان عن الفائز بجائزة البوكر للرواية العربية.

وجدت أن من المناسب الامتناع عن حضور الحفل، بسبب التسريبات التي سبقته وتضر بهذه الجائزة، مبروك للعزيزة هدى بركات فوزها بالبوكر، وهي تستحق ما هو أفضل من هذه الجائزة، التي كانت على حق يوم دعتني لمقاطعتها».

 

وتأجيل جائزة محفوظ

وعلى غرار جائزة نوبل التي تم تأجيلها في عام 2018، قررت الجامعة الأمريكية بالقاهرة المانحة لجائزة عميد الرواية العربية نجيب محفوظ، تأجيل جائزة عام 2019، إلى عام 2020، وأرجعت الجامعة سبب التأجيل إلى تطوير الجائزة وزيادة قيمتها المالية إلى 3 آلاف دولار بدلاً من ألف دولار، على أن يتم ضم الأعمال المتقدمة لدورة عام 2019 إلى دورة عام 2020.

الراحلون

شهد عام 2019 رحيل العديد من الأسماء الثقافية الفاعلة، سواء على المستوى المحلي أو العربي او العالم، على المستوى المحلي فقدت الساحة الكويتية الروائي ناصر الظفيري صاحب ثلاثية «الصهد» و«كاليسكا» و«المسطر»، رحل الظفيري في غربته الاختيارية بكندا، وقبل أن ينتهي العام فقدت أوساط المسرح الكويتي والعربي الباحث والكاتب نادر القنة الذي قدم للمسرح الكويتي العديد من النصوص.

 

وقبل أن ينتهي العام أيضا صدمت الأوساط الثقافية برحيل المترجم العربي الأشهر صالح علماني، الذي ترجم إلى العربية روائع الواقعية السحرية في الأدب اللاتيني، وأشهرها «مئة عام من العزلة» لماركيز، وفي عام 2019 أيضا سبق علماني رحيل أسماء أخرى بارزة، فقد رحل الشاعر الأردني أمجد ناصر، الذي كان يشار إليه بلقب شاعر القضية الفلسطينية.

 

وتواصلت سلسلة الراحلين في عام 2019، حيث رحل الشاعر العراقي فوزي كريم، والأديب الليبي أحمد إبراهيم الفقيه، كما رحل الكاتب والمحلل السياسي المصري مصطفى اللباد، وودعنا الروائي المصري عبدالوهاب الأسواني، وعلى المستوى الخليجي شهد عام 2019 رحيل حبيب الصايغ رئيس الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب ورئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى