تشارك تونس في ألعاب باريس بأصغر بعثة رياضية أولمبية لها منذ عقدين وكادت أن تحرم من رفع علمها في الألعاب لولا إلغاء الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (الوادا) الحظر الذي كان مفروضاً عليها لعدم الامتثال في اللحظات الأخيرة.
وفي نهاية أبريل (نيسان) الماضي فرضت الوادا عقوبات على البلاد لعدم امتثال الوكالة التونسية لمكافحة المنشطات لتوصياتها بضرورة تنقيح قوانينها الخاصة بمكافحة المنشطات بهدف تطبيق نسخة 2021 من المدونة العالمية لمكافحة المنشطات قبل أن تمتثل السلطات التونسية للقرارات ويتم رفع العقوبات في مايو (أيار).
وأرجع محرز بوصيان رئيس اللجنة الأولمبية التونسية هذه المشاركة المحدودة، التي يغيب عنها البطل الأولمبي في السباحة أحمد الحفناوي ونجمة التنس أنس جابر بسبب مشاكل صحية، لتعقيدات نظم التأهل والصعوبات المالية التي تمر بها البلاد.
وتأهل 26 رياضياً ورياضية من تونس لأولمبياد باريس في 13 رياضة ليتراجع العدد عن 63 في ألعاب طوكيو 2021.
وتتوزع المشاركة التونسية التي تغيب عنها الألعاب الجماعية على رياضات التايكواندو والمصارعة وألعاب القوى والتجديف والقوس والسهم والرماية والكانوي والكاياك والمبارزة ورفع الأثقال والملاكمة والسباحة والتنس والجودو. وسيكون فريقا التايكواندو والمصارعة الأكثر تمثيلاً في الوفد الرياضي التونسي إذ يشارك كل فريق بأربعة رياضيين.
وسيغيب عن الوفد التونسي البطل الأولمبي الحفناوي بسبب مشاكل تتعلق بالصحة النفسية على ما يبدو إضافة إلى أنس جابر التي أعلنت في يونيو (حزيران) أنها ستغيب لدواع صحية بسبب مشاكل في الركبة.
وفسر بوصيان تراجع عدد المتأهلين قائلاً “يتعين علينا جميعاً إعادة النظر في رياضة النخبة خاصة وأن نظام التأهل في عديد الرياضات أصبح أكثر صعوبة حيث أنه وفي بعض الرياضات لم يعد يكفي أن تكون بطلاً قارياً لتترشح، لذلك تجد على سبيل المثال أن اختصاص الجودو الذي كان يؤهل أربعة رياضيين على الأقل، يشارك اليوم برياضية وحيدة”.
وأضاف “قطعاً، ألقت الصعوبات الاقتصادية والمالية التي تمر بها البلاد كباقي بلدان العالم بظلالها على قطاع الرياضة مما ينعكس على برمجة الاتحادات بمختلف اختصاصاتها التي تجد نفسها غير قادرة على توفير تربصات كافية وذات جودة عالية لرياضيينا تخول لهم تطوير مستوياتهم الفنية إضافة إلى مشاكل البنية التحتية.
“كل ما سبق ذكره يحتم علينا القيام بتشخيص علمي ومدقق للوضع من أجل رسم رؤية للإصلاح الشامل تترجم إلى خطة استراتيجية شاملة من شأنها إعادة إشعاع الرياضة التونسية”.
لكن رغم هذا التراجع كان التايكواندو الرياضة الأبرز في وفد تونس بتأهل أربعة رياضيين في رقم قياسي محلي إلى أولمبياد باريس.
وعن ذلك قال بوصيان “هذا التراجع (في عدد أفراد البعثة) لا يمنعني من أن أحيي رياضيي التايكواندو الذين يسجلون في ألعاب باريس رقماً قياسياً بتأهل أربعة رياضيين من بينهم البطل محمد خليل الجندوبي الحاصل على فضية ألعاب طوكيو ومتصدر الترتيب العالمي الحالي في وزنه، وفراس القطوسي الذي ننتظر منه مفاجأة سارة.
* مشاكل صحية وسيغيب الحفناوي الذي حقق ذهبية سباق 400 متر سباحة حرة في طوكيو قبل ثلاث سنوات عن أولمبياد باريس بسبب مشاكل تتعلق بالصحة النفسية على ما يبدو يعاني منها منذ اخفاقه في بطولة العالم للسباحة في قطر في فبراير (شباط) الماضي.
وأخفق الحفناوي (21 عاماً) في التأهل إلى الدور النهائي في أي من السباقات الثلاثة التي كان يطمح في الفوز بها، وهي 400 متر و800 متر و1500 متر سباحة حرة.
ووجه بوصيان التحية للحفناوي وقال إن “إصابة” أجبرته على الغياب عن أولمبياد باريس متمنياً عودته إلى التألق في الدورات الأولمبية المقبلة.
وأضاف “أود أن أجدد باسم الهيئة التنفيذية للجنة التونسية الأولمبية التونسية إكبارنا لإبننا أيوب الحفناوي الذي يعتبر بطلاً استثنائياً بكافة المقاييس.
“إلا أن الحفناوي يمر، بعد أن غادر الولايات المتحدة حيث كان يتدرب، بظروف صحية خاصة تتطلب المتابعة والإحاطة.
“يركن الحفناوي حاليا للراحة ولتمارين خفيفة على أمل أن يتعافى وأن يسترجع كامل مؤهلاته لقادم المناسبات والمستقبل أمامه والمناسبات المقبلة عديدة وسنواصل مساندته ووقوفنا إلى جانبه لكي يعود للتألق فيها إذ لا يخفى عليكم أن صغر سنه يؤهله بأن يشع لا فقط في أولمبياد لوس أنجليس 2028 بل وأيضا في أولمبياد برزبين 2032 بأستراليا.
“أثق أنه سيعيد صنع التاريخ حالما تتحسن حالته الصحية ونحن جميعا وراءه من أجل ذلك”.
وكان الاتحاد الأفريقي للألعاب المائية أعلن في مايو أيار أن الحفناوي سيغيب عن ألعاب باريس المقررة بين 26 يوليو (تموز) و11 أغسطس (آب).
وتدرب الحفناوي في كاليفورنيا أواخر العام الماضي تحت قيادة المدرب السابق للفريق الأمريكي مارك شوبيرت. كان السباح التونسي أبلغ الصحافيين خلال بطولة العالم التي أقيمت في الدوحة في فبراير (شباط) الماضي بأنه عاد إلى وطنه تونس بسبب مشكلة تتعلق بالتأشيرة. وفي 2021 عندما كان عمره 18 عاما أذهل السباح التونسي العالم عندما فاز بسباق 400 متر حرة في ألعاب طوكيو الصيفية المؤجلة رغم أنه كان صاحب أبطأ زمن في التصفيات بين جميع المشاركين في نهائي السباق.
وحصل على لقبي سباقي 800 متر و1500 متر حرة في بطولة العالم العام الماضي في فوكوكا كما نال المركز الثاني في سباق 400 متر خلف الأسترالي سام شورت.
ومع ذلك، فشل الحفناوي في الوصول إلى النهائي في جميع هذه السباقات الثلاثة في بطولة العالم الأخيرة التي أقيمت في الدوحة في فبراير. * علاقات تاريخية وحصدت تونس عبر تاريخ مشاركاتها الأولمبية السابقة 15 ميدالية متنوعة بواقع خمس ذهبيات وثلاث فضيات وسبع برونزيات.
وفازت بذهبية وفضية في أولمبياد طوكيو عن طريق الحفناوي في السباحة والجندوبي في التايكوندو.
وقال رئيس اللجنة الأولمبية التونسية إن بلاده تعلق أهمية كبيرة على أولمبياد باريس لزيادة الحصيلة من الميداليات نظراً لوجود جالية كبيرة في فرنسا والروابط التاريخية إضافة لهذه النسخة المميزة التي تأتي بعد مرور 100 عاما على استضافة العاصمة الفرنسية نسخة 1924.
وأضاف لرويترز “سعينا في نطاق الصداقة التاريخية التي تربط تونس بفرنسا إلى أن نحتفي بهذه الدورة منذ ما لا يقل عن سنتين سواء بالمشاركة في تظاهرات ترويجية أقامتها سفارة فرنسا بتونس والمعاهد الفرنسية بتونس.
“من الأكيد أن الجالية التونسية المقيمة بفرنسا ستكون أيضاً خير سند لإنجاح هذه الألعاب مع أملنا أن يكون الوفد الرسمي التونسي على أتم الاستعداد لتشريف الراية الوطنية وإحداث أجواء بهيجة في عاصمة الأنوار”.