الذكاء العاطفي.. طريقك لتحقيق أهدافك وطموحاتك
تناولت دراسات عدة المكونات الأساسية للموهبة والنجاح والقيادة، وركزت على سمة شخصية يتمتع بها المميزون والناجحون والواثقون بأنفسهم وهي الذكاء العاطفي. وهذا النوع من الذكاء يعرف بالقدرة على معرفة وإدارة المشاعر الشخصية ومشاعر الآخرين. وقد أظهرت الكثير من الدراسات الأكاديمية أنه من يتمتع بحس مرتفع من الذكاء العاطفي يتمتع بمميزات عدة يتمكن من خلالها الوصول إلى أهدافه وطموحاته، إضافة إلى التمتع باتزان نفسي عاطفي صحي. وبحسب دانيل غولمان وهو صاحب نظرية الذكاء العاطفي، فإن الوعي بالذات (self-awareness) هو جزء مهم وأساسي في القدرات المكونة للذكاء العاطفي، ويتكون من الوعي العاطفي والتقييم الذاتي الصادق والثقة بالنفس. ويتميز صاحب الوعي الذاتي بمجموعة من السمات يمكن تلخيصها في التالي:
– الوعي العاطفي بالذات: وهو القدرة على قراءة المشاعر وفهمها وإدراك أثرها الذي تحدثه في العمل والعلاقات وغيرها من المجالات.
– التقييم الدقيق للذات: وهو التقييم الواقعي لنقاط القوة التي يتمتع بها، ومواطن الضعف التي يعاني منها.
– الثقة بالنفس: وهو الشعور القوي والإيجابي بقوة الذات.
معرفة الذات أعظم معرفة
من جانبها، عرَّفت مدربة الحياة فاطمة أبو غيث الوعي بالذات بأنه المعرفة والإدراك، وشرحت قائلة: أعظم معرفة هي معرفتك لذاتك، وبما أننا نعيش مع أنفسنا طوال العمر، فمعرفة الذات هي رحلة تستمر طول الحياة. ومن أهم النقاط التي عليك معرفتها عن ذاتك:
– أن تعرف مشاعرك وتدركها وتتقبلها، فالوعي مع القبول والاعتراف سيجعلانك تتغير إلى الأفضل.
– أن تتقبل أنك بشر وقابل للتغير والتطور إذا أردت ذلك وكانت لديك نية واضحة ومحددة.
– أن تعرف أين أنت الآن وإلى أين تريد الوصول، إذ ينبغي أن تكون الشخص المناسب الذي يتواجد في المكان المناسب في التوقيت المناسب ليصل إلى ما يريد.
5 أجساد
الوعي بالذات يشمل أيضاً إدراك أن لكلّ منا أجساداً عدة، وعلينا أن نعرف كيف نتعامل مع كل جسد. وللتوضيح، فلكل منا:
1- جسد مادي: الجسد المادي الفسيولوجي الذي يميز شكلنا الخارجي كبشر.
2- جسد فكري: يتكون من الأفكار التي تملأ عقولنا.
3- جسد مشاعري: يتكون من المشاعر التي تملؤنا وتغمرنا كالفرح، الحزن، الشجاعة أو الخوف، وغيرها.
4- جسد روحي: هو الروح التي تسكن الجسد.
5- الجسد الطاقي أو الأثيري: ينتمي هذا الجسد إلى عالم الأثير ومن أبسطها الأحلام.
لا يعرفون ماذا يريدون
هناك مشاكل عديدة سببها قلة وعينا بذاتنا، منها ما يلي:
1- الضياع والتشتت.
2- عدم القدرة على اتخاذ القرارات.
3- التعلق بالآخرين.
4- الإدمان بمختلف أشكاله، بما فيها إدمان السوشيال ميديا.
5- عدم الثقة بالنفس وضعف حب الذات (أو حتى كره الذات).
6- عدم القدرة على تحقيق الأهداف (لأنها تكون أساساً ليست أهدافه، بل أهداف غيره).
7- عدم تحمل المسؤولية، وعيش دور الضحية.
وأضافت المدربة فاطمة، قائلة: «يتميز الأشخاص غير الواعين بذاتهم ببعض المظاهر الواضحة مثل: لا يعرفون ماذا يريدون من الحياة (بمعنى الضياع)، لا يعرفون أهدافهم، ولا يمتلكون القدرة على السيطرة على مشاعرهم وردود أفعالهم ويعيشون حياة لا تناسبهم من ناحية العمل أو حتى العلاقات الاجتماعية. باختصار يمكن تلخيص مشاكل ضعف الوعي بالذات بعدم عيش الحياة الطيبة التي يريدها الشخص».
لماذا لا نعرف ذاتنا؟
حول مسببات قلة الوعي بالذات، أوضحت المدربة فاطمة قائلة: «يتعرض الانسان منذ بداية حياته لأفكار ومبرمجات المجتمع ويتعلم العلوم في المدرسة. لكنه لا يتعلم أهم علم وهو الوعي بالذات. فنحن لم ندرك الذات وأهمية معرفتها بسبب قلة الوعي أو عدم الاهتمام بهذا الجانب المهم الذي سينعكس أثره وتبعاته على بقية جوانب الحياة».
ماذا أستفيد من الوعي بالذات؟
أجابت المدربة فاطمة عن هذا التساؤل قائلة: «يقولون من عرف نفسه عرف ربه. ومن وجهة نظري، إذا عرف الإنسان نفسه ومشاعره وقيمه ونواياه وعرف نقاط قوته وطورها وعرف نقاط ضعفه وعدلها أو تقبلها، سيعيش الحياة الطيبة التي يستحقها ويعيش رسالته ويحقق أهدافه في الحياة ويعرف أيضاً عظمه الله في خلقه ويدرك رسالته ونفعه لذاته وللبشرية. فمعرفة الذات هي تزكية لها وتطوير وحب. والبشر طوال الوقت يحاولون التغيير والتجمل من الخارج ولا يدركون أن التغيير والجمال يبدآن من الداخل. لذا، ينصح من يرغب بالتغيير بأن يغير ما بداخله، فالمساعدة ووسائل المعرفة متوافرة بكثرة حالياً مثل الكتب والدورات ومدربي الحياة والاستشاريين النفسيين».
من الضياع إلى الإنجاز والإبداع
كمثال لما يمكن تحقيقه من أجل رفع الوعي بالذات، ذكرت المدربة فاطمة مثالاً لسيدة كانت بحاجة لمساعدتها. وقالت: «رغم اعتقاد السيدة بأنها واعية لذاتها وتحب نفسها كثيراً فإنها لم تعرف نقاط قوتها. ومن خلال جلسات الاستشارة التي تخللها العديد من الأسئلة والتمارين والوعي بالمشاعر، تطورت شخصيتها وانتقلت من حالة الضياع إلى حالة الإنجاز والإبداع والثقة، ولديها حالياً مشروعها الخاص الذي تجتهد في العمل فيه بكل حب. فهي ببساطة اختارت من تكون، ووصلت إلى فهم ذاتها وحبها وتقبلها».
أسئلة مهمة
نصحت المدربة فاطمة، من يريد رفع وعيه الذاتي بأن يطرح الأسئلة التالية على نفسه:
– هل تعرف من تكون؟
– كيف تفكر؟ وما معتقداتك؟
– ما عاداتك؟ وصفاتك؟ ونواياك؟
– كيف تشعر حيال نفسك؟ وما مقدار قيمتك وثقتك بنفسك؟
– ما أهدافك وغايتك؟ ورسالتك في الحياة؟
– ما الأدوار التي تعيشها؟ وكيف تعيشها؟
– ما حاجاتك الأساسية؟ وكيف تلبي هذه الاحتياجات؟
– أين تريد الوصول؟