الصفقة تقترب.. كواليس جديدة لتبادل السجناء بين أمريكا وإيران
كشفت مصادر عن اقتراب تنفيذ صفقة تبادل السجناء بين الولايات المتحدة وإيران، بوساطة قطرية، وذلك في غضون أيام قليلة، حيث ربما تتم العملية الأسبوع المقبل.
وقالت 8 مصادر إيرانية ومطلعة لرويترز إن تسلسلاً مصمماً بعناية من الإجراءات سيبدأ، عندما يتم تحويل 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المفرج عنها إلى بنوك في قطر، في وقت قريب، ربما الأسبوع المقبل، إذ سيؤدي ذلك إلى تبادل ما يصل إلى 5 معتقلين أمريكيين من مزدوجي الجنسية، بعدد مماثل من السجناء الإيرانيين وعودتهم للبلدين.
وقال مصدر مطلع على المناقشات إن الدوحة استضافت 8 جولات على الأقل من المحادثات، شارك فيها مفاوضون إيرانيون وأمريكيون يجلسون في فنادق منفصلة ويتواصلون عبر دبلوماسية مكوكية، حيث ركزت الجلسات المبكرة بشكل أساسي على القضية النووية الشائكة، أما الجلسات اللاحقة فقد انصب تركيزها على إطلاق سراح السجناء.
وقالت 3 من المصادر إن الدوحة ستنفذ ترتيباً مالياً ستدفع بموجبه الرسوم المصرفية، وتراقب كيفية إنفاق إيران للأموال المفرج عنها لضمان عدم إنفاقها على بنود تخضع لعقوبات أمريكية، كما سيصل السجناء إلى قطر أولاً، في توقف قصير عند مبادلتهم.
وقال دبلوماسي كبير: “إيران أرادت في البداية الوصول المباشر إلى الأموال لكنها وافقت في النهاية على الوصول لها عبر قطر.. إيران ستشتري الغذاء والدواء وستدفع قطر مباشرة”.
وجمعت رويترز هذه الرواية لتفاصيل لم تُذكر مسبقاً حول نطاق الوساطة القطرية في المحادثات السرية، وكيف تم التوصل لاتفاق، ومدى المصلحة التي دفعت الطرفين لإبرام اتفاق تبادل السجناء.
وأجرت رويترز مقابلات مع 4 مسؤولين إيرانيين ومصدرين أمريكيين ودبلوماسي غربي كبير ومستشار لحكومة خليجية ومصدر مطلع على المفاوضات.
وطلبت جميع المصادر عدم الكشف عن هويتها، بسبب حساسية الاتفاق، الذي لم يتم تنفيذه بالكامل.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة ليست مستعدة لإعلان التوقيت المحدد للإفراج عن السجناء. ورفضت الوزارة أيضاً مناقشة تفاصيل ما وصفه المتحدث باسم “المفاوضات المستمرة والحساسة للغاية”.
بناء الثقة
لم تعلق الإدارة الأمريكية على توقيت تحويل الأموال. ومع ذلك، قال وزير خارجية كوريا الجنوبية بارك جين في الخامس من سبتمبر (أيلول) إن الجهود جارية لتحويل أموال إيران.
ووصلت العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران إلى نقطة الغليان، منذ انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع إيران عام 2018. ولم يحظ التوصل إلى اتفاق نووي آخر باهتمام كبير منذ ذلك الحين، إذ يستعد الرئيس الأمريكي جو بايدن للانتخابات الرئاسية عام 2024.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية أيضاً إنه لم يطرأ أي تغيير في نهج واشنطن الشامل تجاه إيران، و”الذي يواصل التركيز على الردع والضغط والدبلوماسية”.
وأضاف أنه بمجرد تحويل الأموال، سيتم وضعها في حسابات مقيدة في قطر سيكون للولايات المتحدة الإشراف على كيفية وتوقيت استخدام هذه الأموال.
وأثارت عملية التحويل المحتملة انتقادات من الجمهوريين، مفادها أن بايدن المنتمي للحزب الديمقراطي يدفع في الواقع فدية مقابل إطلاق سراح مواطنين أمريكيين. لكن بلينكن قال للصحافيين في العاشر من أغسطس (آب) إن الاتفاق لا يعني أن إيران ستحصل على أي تخفيف للعقوبات، موضحاً أن واشنطن ستواصل التصدي “بحزم لأنشطة طهران المزعزعة للاستقرار في المنطقة”.
وقال المصدر المطلع على المناقشات إن الوساطة التي تقودها قطر اكتسبت زخماً في يونيو (حزيران) 2023، مضيفاً أن 8 جولات على الأقل من المحادثات أُجريت منذ مارس (آذار) 2022، مع تكريس الجولات المبكرة بشكل أساسي للقضية النووية، وجولات لاحقة للسجناء.
وتابع قائلاً “أدركوا جميعاً أن المفاوضات النووية طريق مسدود، وحولوا التركيز إلى السجناء. ملف السجناء أبسط. من السهل التوصل لاتفاق بشأنهم ويمكنك بناء الثقة.. هذا عندما اكتسبت الأمور جدية مرة أخرى”.
السجناء يمرون عبر قطر
وقالت المصادر الإيرانية والدبلوماسية والإقليمية إنه بمجرد وصول الأموال إلى قطر من كوريا الجنوبية عبر سويسرا، سيصدر مسؤولون قطريون تعليمات لطهران وواشنطن بالمضي قدماً في عمليات تبادل السجناء بموجب شروط وثيقة وقعها الجانبان وقطر في أواخر يوليو (تموز) أو أوائل أغسطس (آب). ولم تطلع رويترز على الوثيقة.
وقال المصدر المطلع على المحادثات إنه من المتوقع اكتمال عملية التحويل إلى البنوك في قطر في وقت قريب جداً، قد يكون الأسبوع المقبل، إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها. ولم تتمكن رويترز من تحديد البنوك المعنية.
وقال المصدر المطلع على المحادثات لرويترز: “السجناء الأمريكيون سيسافرون جواً إلى قطر من طهران، والسجناء الإيرانيون سيسافرون من الولايات المتحدة إلى قطر، ثم ينقلون إلى إيران”.
وتم تجميد الأصول الإيرانية البالغة قيمتها 6 مليارات دولار، وهي من إيرادات مبيعات نفط، بموجب العقوبات النفطية والمالية الأمريكية الشاملة ضد إيران. وكان الرئيس السابق ترامب قد أعاد عام 2018 فرض العقوبات على إيران، عندما سحب واشنطن من الاتفاق الذي بموجبه قيدت طهران برنامجها النووي.
وشملت القضايا التي تمت مناقشتها كيفية التأكد من إنفاق إيران للأموال فقط على السلع الإنسانية، وتأمين ضمانات من قطر بشأن مراقبتها للعملية.