العتل: المهندسون الكويتيون عملوا خلال بدايات أزمة «كورونا» في جميع المجالات من دون مقابل
عزا رئيس جمعية المهندسين فيصل العتل، تأخر تعيين المهندسين الكويتيين في الجهات الحكومية إلى تنافس الجامعات الخاصة وجامعة الكويت على تخريج تخصصات متشابهة، دعا إلى وضع دراسة موحدة لاحتياجات سوق العمل، تسير عليها وزارة التعليم العالي، وتلزم معها الجامعات الخاصة بتحديد التخصصات التي يحتاجها السوق.
وأشار العتل في حوار صحافي، إلى استعداد الشباب الكويتي للعمل في أي مجال، مثلما حدث خلال بدايات أزمة «كورونا»، لافتا إلى أن المهندسين الكويتيين نفوا عملياً خلال الأزمة مقولة «إن الكويتي لا يريد العمل إلا مديراً أو في مكتب»، من خلال اجتهادهم وتفانيهم في عملهم من دون مقابل.
وفي شأن إمكانية ربط توظيف المهندسين الكويتيين ببرامج الخصصة، قال العتل إن تنفيذ هذا الموضوع حالياً أمر غير صحي، كون برامج الخصخصة لن تستوعب كل الطاقات الشبابية الكويتية، مشيراً إلى أهمية التعاون مع القطاع الخاص في هذا المجال، لتحقيق المعادلة الثلاثية الخاصة بإدارة المشاريع المتعلقة بالجودة والكلفة والمدة الزمنية.
ولفت إلى اقتراح جمعية المهندسين لمنع تكرار وقوع الحرائق في مناطق تجميع السكراب وبعض المخلفات، وعلى رأسها مخلفات إرحية، مبيناً أن الجمعية اقترحت تركيب كاميرات مراقبة في كل موقع، خصوصاً في منطقة ميناء عبدالله، التي تجاور المنشآت النفطية ومرافق التصدير والتكرير.
وفي ما يلي تفاصيل الحوار:
يلاحظ في السنوات الأخيرة وجود تأخير في توظيف المهندسين الكويتيين، ما السبب؟
– السبب يعود كما ذكرنا سابقاً إلى عدم المواءمة بين احتياجات سوق العمل والمخرجات التعليمية، فالجامعات الحكومية والخاصة تتنافس على تخريج نفس التخصصات، خصوصا الهندسية، لهذا يفترض الجهات المعنية في التعليم بوضع دراسة موحدة لاحتياجات سوق العمل، تسير عليها وزارة التعليم العالي، وتلزم الجامعات الخاصة بتحديد التخصصات التي يحتاجها سوق العمل، سواء الهندسية أو غير الهندسية، وكذلك البعثات يجب أن تتوافق واحتياجات السوق.
هل هناك حلول لتقليص فترة انتظار توظيف المهندسين الكويتيين؟
– أولاً يجب الاستفادة من حالة وقف استقدام العمالة من الخارج، وعلى ديوان الخدمة المدنية والهيئة العامة للقوى العاملة، الإسراع في التنسيق وتحديد التخصصات المتاحة لدى الديوان، لتوجيهها الى سوق العمل، إضافة إلى ذلك لابد من اشراك القطاع الخاص في هذه المسألة، من خلال تحديد (كوتا) لعمل المهندسين حديثي التخرج في القطاع الخاص، أو رفع هذه النسب، وحتى في حال عدم وجود التخصصات ضمن قوائم الانتظار يمكن تدريب الخريجين الجدد، فالشباب الكويتي اليوم متحمس للعمل في أي مجال، ومقولة «إن الكويتي لا يريد العمل الا مديراً وفي مكتب»، نرى أن كل المعطيات نقضتها وأثبتت عكسها، فنحن رأينا خلال أزمة «كورونا» كيف كان يعمل المهندسون الشباب في كل المجالات ومن دون مقابل، فما بالنا إذا كان هذا عملاً رسمياً.
ما رؤيتكم لاشراك القطاع الخاص بتقليص فترات الانتظار والتوظيف؟
– كمهندسين نرى أن القطاع الخاص شريك رئيسي وعمود من أعمدة التنمية الاقتصادية في البلد، وقانون خطة التنمية أو برامجها واضحة، وهي أن يكون القطاع الخاص شريكاً في التنمية، وعلينا أن ننظر ماذا يحدث عندما يتم بناء مدارس ولا يوجد معلمون في كثير من التخصصات، وعندما نبني مستشفيات ولا توجد كوادر طبية لتشغيلها، ومثال على ذلك مستشفى جابر الذي افتتح جزئياً، ومستشفى الجهراء الجديد الذي لم يعلن حتى الآن عن موعد تشغيله، لدينا ميناء صرفنا عليه نحو مليار دينار، ولم يوظف سوى 300 شاب كويتي، فهل هذا أمر صحيح؟ كل هذه الاختلالات تؤكد أن العنصر البشري الوطني، هو الأساس في كل المهن.
هل يمكن إدراج مسألة توظيف المهندسين وغيرهم من التخصصات ضمن برامج الخصخصة؟
– من حيث المبدأ نحن نرحب بكل الأبواب التي تتيح المجال لعمل المهندسين، إلا أن ربط هذا الأمر بالخصخصة حالياً أمر غير صحي، لأن برامج الخصخصة لن تستوعب جميع الطاقات الكويتية الشابة، كما لن تحقق المصلحة العامة للكويتيين، حيث يوجد استئثار بالمصلحة لشريحة ضيقة جداً من المواطنين على حساب الشريحة الأوسع، فمثلاً كيف تخصص الجمعيات التعاونية أو شركات مطاحن الدقيق، وقد أثبتت التجربة بأن هذه الشركات معنية بالأمن الوطني، وأحب أن أشير هنا إلى أن التعاون مع القطاع الخاص أمر ضروري لتحقيق المعادلة الثلاثية في شأن إدارة المشاريع، وهي الجودة والتكلفة والمدة، وفي حالة الخصخصة يجب أن يحقق التعاون مع القطاع الخاص مصلحة مشتركة، تتمثل بمصلحة الدولة والمجتمع، ممثلين بالحكومة والمواطنين، وبين الشركات المستثمرة التي تمثل القطاع الخاص، لأنه إذا اختل هذا الميزان فستختل عملية تحقيق النمو الاقتصادي الذي نسعى جميعاً إليه.
هل يتم توظيف مهندسين في القطاع الصحي، للمساعدة في إدارة وتشغيل المرافق الصحية أو المشافي؟
– للأسف، الوعود التي تلقتها الجمعية من وزارة الصحة، بفتح المجال لتوظيف المهندسين، لم يتم الوفاء بها، بحجة أن الحاجة للكادر الطبي أهم، على الرغم أن كل المشافي تعاني من نقص بالكوادر الهندسية والفنية.
ماذا عن الرعاية السكنية، هل تتابعون جهود إزالة العقبات في جنوب سعد العبدالله؟ وهل لكم رأي فني بالموضوع، وما رأيكم بموضوع التسليم الابتدائي لقسائم المطلاع وغيره من المشاريع؟
– أولا، نهنئ إخوتنا الذين تسلموا بشكل ابتدائي قسائمهم في المطلاع، رغم التأخير الكبير في المشروع، الذي امتد لأكثر من عامين، فقد حذرنا من البداية من عدم قدرة جهاز المؤسسة على إتمام البنية التحتية بالمواصفات المطلوبة، والخلل الذي نلمسه اليوم، بعدم تأمين الكهرباء للمدينة، وعدم جهوزية البنية التحتية، يؤكد أن المهندسين، كجمعية ومجتمع مدني، كانا منذ إطلاق فكرة التوزيع (الورقي) للقسائم أبعد رؤية من الرعاية السكنية والجهات الحكومية ذات العلاقة بالإسكان، ومع هذا نأمل أن ينتقل هذا التسلم الابتدائي إلى حقيقي، وأن تبدأ المؤسسة بإصدار أذونات البناء للمواطنين في أقرب وقت ممكن.
تكرار حوادث الحرائق في إطارات إرحية وغيرها من المناطق المماثلة في مناطق السالمي وميناء عبدالله، يثير علامات استفهام، هل تمتلك جمعية المهندسين حلولاً لمنع وقوع مثل هذه الحرائق؟
– لمنع تكرار وقوع الحرائق، نحتاج الى تركيب كاميرات مراقبة في كل موقع، وإنشاء أسوار أمنية، خصوصاً في منطقة ميناء عبدالله التي تجاور المنشآت النفطية ومرافق التصدير والتكرير، وحتى خطوط الإنتاج النفطي تنتهي بها، المعنيون تحدثوا عن نقل الإطارات القديمة إلى منطقة السالمي، هل ستتوقف الحرائق؟
ماذا عن رؤية 2035؟
– عند الحديث عن هذه الرؤية نستذكر المغفور له بإذن الله تعالي الشيخ ناصر صباح الأحمد، حيث نتمنى ألا يتم تجميد أو إيقاف رؤيته الخاصة بتطوير المنطقة الشمالية، وأن تمضي مؤسسات الدولة فيها إلى الأمام… الميناء على وشك الإنجاز وجسر الشيخ جابر بات جاهزاً، نحتاج إلى إطلاق مشاريع هذه الرؤية على أرض الواقع، وأن يكون للقطاع الخاص دور أساسي ومستثمر حقيقي في تلك المشاريع، مع إدارة وإشراف حكومي مرن لها بعيداً عن البيروقراطية.
طرحت أخيراً قوانين وتعديلات جديدة على قانون مزاولة المهنة الهندسية، هل تؤيدون التعديلات؟ أم للجمعية رؤية في ذلك؟
– الجمعية مع فتح كل أبواب العمل للشباب وتشجيعهم على العمل بالقطاع الخاص، لهذا نريد أن تتحقق العدالة ويفتح المجال لأصحاب التخصصات الهندسية الأخرى، للمشاركة وفتح مشاريعهم الهندسية، من غير المقبول أن أسمح بالترخيص فقط للمعماري والمدني و«أبخص حق» التخصصات الأخرى، نحن مع فتح أبواب عمل جديدة للشباب دون أن نحمل الدولة تكاليف، نحتاج إلى مزيد من الأنظمة التي تسمح بفرص العمل الخاص، والمكاتب الهندسية واحدة من هذه الفرص المهمة والداعمة للاقتصاد الوطني، لهذا نتمنى ألا يتخذ المجلس البلدي إجراءات منفردة بعيداً عن جمعية المهندسين، مثلما حصل مع الورشة التي نظمت بخصوص المهن الهندسية التي لن يتم فيها دعوة الجمعية.
تعديل التركيبة… ولكن
اعتبر العتل أن تعديل التركيبة السكانية مطلب شعبي، وأزمة «كورونا» جعلتها أولوية تشريعية، محذراً، من خلل قد ينشأ إن لم يتم تلبية احتياجات السوق الفنية، بحيث يكون استقدام العمالة مستقبلاً وفقاً لحاجة كل مشروع على حدة، ووفقاً لاشتراطات فنية وخبرات متخصصة تغادر البلاد فور الانتهاء من تنفيذ المشروع التي استقدمت من أجله.
ورأى أن المشروع المطروح ذو طابع سياسي ويدغدغ مشاعر الناس، رغم الاجتهاد الكبير فيه، خصوصاً في مسألة إجراءات الاستقدام، مضيفاً «نؤيد تعديل التركيبة السكانية، ومستعدون للتعاون في هذا المجال، كما سبق وأن تعاونا مع القوى العاملة».
نبرة تصالحية
قال العتل: «في بيان غرفة التجارة والصناعة الأخير، لمسنا نبرة تصالحية مع مختلف فئات المجتمع، وهذا يبشر بالخير، حيث إنها طلبت إبداء الرأي وتقديم المقترحات حول ما طرحته، وهذا أمر جيد. لكن برأينا لا يمكن أن تلتقي المصالح الشعبية مع مصالح الغرفة، لهذا نحتاج الى الانطلاق من نقاط الالتقاء، كذلك تحتاج الإدارة الحكومية للبلاد الى إصلاح إداري شامل، يطول قوانين وأنظمة التجارة، ليكون التاجر شريكاً حقيقياً في بناء كويت المستقبل».
11 ألف مهندس وافد تسربوا داخل سوق العمل
اعتبر العتل أن «هناك 11 ألف مهندس وافد تسربوا إلى سوق العمل، رغم عدم حصولهم على ترخيص مزاولة مهنة هندسية، ومعظم هؤلاء تم تعديل مسمياتهم الى مهن أخرى كمساح، مبرمج، حاسب كميات، مراقب فني، وهناك من حول الى شركات لا تملك أعمالا هندسية.
فلدينا بعض الحالات التي تحول أصحابها إلى عمال مطاعم أو بناء، مع احترامنا لكل المهن، ونحن نأمل أن نجد تجاوباً حكومياً بعدم التجديد لأي مهندس غير كويتي في القطاع الحكومي، إلا إذا كان يحمل ترخيص مزاولة مهنة من جمعية المهندسين، أو إثباتاً من الجمعية شهادة (لمن يهمه الأمر) لمزاولة العمل الهندسي».
مشكلة جنوب سعد العبدالله
رأى العتل أن «جنوب سعد العبدالله مشكلتها تكمن في تقاذف موضوع الإزالات من جهة إلى أخرى وكأن كل جهة تنتمي إلى دولة غير الكويت، الجمعية سبق وأن قدمت رؤية منذ عدة سنوت أوصت فيها بالبدء في تنفيذ المشروع في الجزء الذي لا يوجد فيه عوائق، وتحميل إزالة العوائق في الجزء المتبقي على تكاليف البنية التحتية وحينها رفض المقترح بحجة أنه لماذا أكلف ميزانية المؤسسة بنداً ليس من اختصاصها وكأننا نعيش في بلد آخر ونقدم خدماتنا لمواطني دولة أخرى».
الحرائق من إرحية إلى السالمي
قال العتل: «من المتوقع أن يواجه المبادرون الذين سيتولون مسألة التخلص من الإطارات القديمة، نفس العقبات التي واجهها المبادرون السابقون، فالإطارات الموجودة ليست ذات جدوى اقتصادية، حتى يتمكن المبادر من تحقيق عوائد مالية له، وعلى الدولة أن تدفع أموالاً إذا أردت أن تتخلص من الإطارات، غير هذا الكلام ستظل المشكلة عالقة، وستنتقل الحرائق من إرحية إلى السالمي».
المصدر: الراي