العطور القوية قد تسبّب الصداع!
يستطيع الناس أن يشتموا أكثر من تريليون رائحة. لكن لن يتفاعل شخصان بالطريقة نفسها مع الرائحة ذاتها. وبينما هناك بعض الروائح التي يكاد الجميع يتوافق على أنها غير مرضية مثل الطعام المعفّن، إن ردة فعلنا على أصناف أخرى من الروائح يمكنها أن تكون أكثر شخصية.
خذوا العطر مثالًا. ففيما يمكن أن يجد شخص ما رائحة عطر وردي قوي جميلة، قد يجدها شخص آخر أنها تسبّب الصداع. وهناك عدة أسباب مسؤولة عن مواجهة بعض الأشخاص ردات فعل فيزيائية على الروائح القوية، لكن إليكم الأسباب الثلاثة الأكثر شيوعًا.
١- المشاعر
من بين كل حواسنا، وحده الشم لديه خط مباشر الى نظام مشاعرنا. ويُعتقد أن السبب وراء هذا الرابط هو أن الشم يتطور أولًا قبل كل حواسنا. وهذا يعني أننا لا ندرك الرائحة اعتمادًا على المواد الكيميائية المقدَمة لنا، لكن سويًا مع كل الذكريات المتعلقة بهذه الرائحة، بما فيها الطريقة التي تجعلنا نشعر، ذكريات الماضي، وكيف نشعر في الوقت الحالي.
لنقل مثلا أنك تشتم رائحة مرتبطة بذكرى سلبية. ربما رائحة المنظفات المستخدمة في المستشفى، أو العطر الذي كان يستخدمه حبيبك السابق. اذ إن نفحة واحدة قد تؤدي الى تدفق هذه المشاعر السلبية عليك، ما يجعل جسمك يولّد استجابة للقتال أو الهروب من الإجهاد.
وهذه الاستجابة هي طريقة الجسم في التفاعل مع التوتر، القلق أو الخطر وهي تسبب عددًا من التغيرات الفيزيائية. وإن إحدى هذه التغيرات التي قد تلاحظها خلال هذه الاستجابة هي ضغط حول منطقة العنق والرأس. والسبب في ذلك هو توسّع الأوعية الدموية ما يسمح لمزيد من الدم أن يصل الى الدماغ وأجزاء من الجسم تحتاج اليه.
لذا اذا كنت تختبر صداعًا فقط عند شم بعض العطور، فقد يعود ذلك الى ارتباط سلبي بها.
٢- مشاكل الجيوب الأنفية
الكيميائيات التي تفعّل إشارات الشم في الدماغ، قد تزعج أحيانًا الجيوب الأنفية. الدخان، العطر، والكلورين هي بعض من الروائح المسبّبة للإزعاج الاكثر شيوعًا.
بعض الروائح قد تؤثر مباشرةً على المسار العصبي الذي يوصل الإشارات الحسية إلى الدماغ، أيضًا. يُسمى هذا المسار الثلاثي التوائم، وهذا يغرف جميع الإشارات الحسية من رأسنا ويحملها عبر الخلايا العصبية الى الدماغ لمعالجتها.
وعندما يُحفَّز هذا المسار، يسبّب التهابًا لأنه يكشف تهديدًا لا يستطيع حلّه الا الجهاز المناعي. وهذا قد يؤدي أيضًا الى صداع. ويُعرف أن بعض الكيميائيات مثل منتجات التنظيف ودخان السجائر تؤثر مباشرة على المسار المذكور.
٣- عدم تحمل الروائح
تُعرف “الأسموفوبيا” بأنها عدم تحمل الروائح. ويميل الأشخاص الذين يعانون من الصداع المزمن الى اختبار الأسموفوبيا.
والمصابون بالصداع النصفي هم بشكل خاص عرضة للأوسموفوبيا. وقد أظهر أحد الابحاث أن التعرض للروائح القوية لساعتين أو أكثر قد يحفّز الصداع النصفي لدى حوالي ٢٠ بالمئة من المصابين.
كما أن الجهاز العصبي لشخص يعاني من الصداع النصفي قد يكون حساسًا ضد محفّزات حسية معينة في حياتهم اليومية. لكن خلال مرحلة تشكّل البوادر ( الأولى ضمن أربع مراحل مختلفة للصداع النصفي، والتي قد تحدث قبل أيام من نوبة الصداع) قد يصبح المرضى أكثر حساسية ضد محفزات معينة بما فيها الروائح.
ويختبر العديد من مرضى الصداع النصفي علامات معينة تشير الى أن نوبة الصداع قريية مثل التثاؤب أكثر، اشتهاء أطعمة معينة، والروائح التي لا تزعجك عادة تصبح مزعجة بقوة.