العلاقات الدبلوماسية بين إيران وروسيا تزداد برودة
كشفت مجلة “لو نوفيل إيكونوميست” الفرنسية عن برودة مُتزايدة في العلاقات بين موسكو وطهران، مُشيرة إلى أنّه وعلى الرغم من أنّ التعاون العسكري يبدو أنه يتعزز بينهما منذ بداية العام، إلا أنّ الأسابيع القليلة الماضية أظهرت عدّة مؤشرات على التباعد بين روسيا وإيران، وهو ما أكدته شائعات هذا الأسبوع عن فشل مبيعات طائرات مقاتلة روسية لإيران بما يؤكد أنّ التحالف بينهما ربما ينفصل.
واعتبرت المجلة التي تختص بإجراء الدراسات والتحليلات السياسية المعمقة منذ أكثر من 40 عاماً، أنّ التشكيك في العقد العسكري بين طهران وموسكو هو مثال جديد على التعقيد وعدم الاستقرار الذي يميز علاقاتهما الثنائية. كما ويُظهر هذا الجدل الجديد مرة أخرى عدم الموثوقية بين الطرفين، ويُعزز من الغموض الاستراتيجي ويُعطي كل علامات التقلّب الانتهازي وفقاً للمصالح الذاتية.
وتُشير المعلومات الواردة من وزارة الدفاع الإيرانية بالفعل إلى أنّ مشروع شراء الطائرات المقاتلة الشبح الروسية، ولا سيما سوخوي SU 35، لم يعد مطروحاً على الطاولة. وتُحاول الوزارة التقليل من تأثير فشل الصفقة عبر التبرير بأنّ إيران لم تعد بحاجة إلى امتلاك مثل هذه القدرات العسكرية واللجوء للتصنيع المحلي، وذلك على الرغم من اعتراف قائد القوات الجوية الإيرانية الجنرال حميد وحيدي بضرورة تحديث بلاده لأسطول قواتها الجوية المُتقادم.
ويبدو بالفعل أنّ الروس لم يوافقوا على مطالب إيرانية معينة، مما أدى إلى تعليق العقد. كما أنّ موسكو ترغب في تجنّب نقل التكنولوجيا وخبرة الصيانة العسكرية إلى إيران، كما سترفض تزويدها بأجهزة محاكاة Su-35.
وتساءلت “لو نوفيل إيكونوميست”: هل وصلت إيران فعلياً إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي في العديد من مجالات الصناعة الدفاعية؟ أم أنّه تمّ تأجيل هذا العقد ببساطة انعكاساً للبرود الدبلوماسي الحالي بين موسكو وطهران؟ مُشيرة إلى أنّ هذا الإلغاء المحتمل هو الأكثر إثارة للدهشة منذ الإعلان عن عقد التسليح المذكور وسط ضجة كبيرة في مارس (آذار) الماضي، باعتباره حينها انتصاراً كبيراً لطهران التي احتفت به.
وترى المجلة أنّ روسيا يبدو أنّها قد غيرت نهجها تجاه إيران، التي سبق أن زودتها بالفعل بمعظم أسلحتها خلال الحرب الباردة من الطائرات المقاتلة إلى الغواصات والدبابات. وإذا كان وضع إيران كدولة خاضعة للعقوبات الدولية لم يستبعدها تماماً من الدائرة التجارية الروسية، إلا أنّ موسكو خفضت مبيعاتها من الأسلحة إلى الحد الأدنى الصارم.
لكنّ الصراع في أوكرانيا أدّى إلى تغيير قواعد اللعبة وفتح تعاوناً إيرانياً روسياً مكثفاً، حيث قامت طهران بتزويد موسكو بطائرات بدون طيار في مقابل تزويد الجيش الإيراني نظرياً بمقاتلات هي الأكثر تقدّماً في صناعة الأسلحة الروسية، وذلك لأنّ القوات الجوية الإيرانية لا تزال لديها معدات قديمة عفا عليها الزمن إلى حدّ ما، من الطائرات الأمريكية التي يعود تاريخها إلى ما قبل عام 1979 وطائرات من الحقبة السوفيتية التي تمّ الحصول عليها في أوائل التسعينيات.
وفي ظلّ عقوبات استمرت نحو 4 عقود وواجهت بشكل خاص حظراً على مشتريات الأسلحة، لم يكن أمام إيران خيار سوى تطوير برامج أسلحة محلية للتحايل على هذه الصعوبات، فبرنامجها للصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار المتقدمة، المصمم لتعويض هذا النقص في الطائرات المقاتلة العاملة، هو جزء من هذه الديناميكية، وقد لاقى بعض النجاح.
وتختتم المجلة الفرنسية رؤيتها بالقول إنّه في حين يرى بعض المحللين السياسيين، وبغض النظر عن صفقة Su-35الروسية المجمدة، أنّه من المرجح أن تواصل طهران التفكير في أهمية تحالفها مع موسكو في عدّة ملفات إقليمية ودولية، إلا أنّ هذا الاحتمال يبدو اليوم أنّه قد تعرض للخطر حتى لو لم يتم الإعلان عن أيّ تأكيد رسمي من الطرفين حول فشل الصفقة العسكرية بالغة الأهمية.