العلاقات الكويتية – السعودية.. عمق تاريخي تعززه روابط اجتماعية متجذرة
تتسم العلاقات الوثيقة بين دولة الكويت والمملكة العربية السعودية الشقيقة بخصوصيتها وعمقها التاريخي القائم على أسس راسخة معززة بوشائج وروابط دينية واجتماعية متجذرة ومصير مشترك.
وغني عن القول إن للسعودية مكانة خاصة في قلوب الكويتيين كما للكويت مكانة خاصة في وجدان السعوديين صنعتها القواسم المشتركة والمواقف طيلة مسيرة العلاقات الثنائية التاريخية.
وتعد الزيارة الرسمية لسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح إلى المملكة اليوم الثلاثاء الأولى لسموه منذ توليه ولاية العهد في أكتوبر 2020 وهي تأكيد لطبيعة هذه الروابط التاريخية واستكمال لنهج متأصل لدى البلدين في الدفع بتلك العلاقات قدما إلى الأمام نحو آفاق أرحب في مختلف المجالات.
ودائما تميزت العلاقات بين البلدين الشقيقين بحرص متبادل على التواصل والتشاور المستمرين بشأن مختلف القضايا بهدف تعزيز التعاون الأخوي الذي يحقق نموا مطردا في مختلف المجالات في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
وفي إطار هذه العلاقات التاريخية التي تعود إلى أكثر من 130 عاما ما انفك قادة البلدين يتبادلون الزيارات للتباحث في سبل تعزيز أطر التعاون والتفاهم إذ حفلت مسيرة العلاقات بالكثير من الزيارات المتبادلة لاسيما على مستوى القيادة منذ ذلك الحين وحتى قبل قيام الدولة الحديثة في كلا البلدين.
ولعل أبرز ما سطرته صفحات التاريخ تلك الزيارة التي قام بها المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية إلى الكويت عام 1910 أثناء فترة حكم المغفور له الشيخ مبارك الصباح.
ومنذ ذلك الوقت تعاقبت الزيارات المتبادلة بين زعماء البلدين وآخرها زيارة حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح إلى المملكة في يناير الماضي لترؤس وفد دولة الكويت إلى اجتماع الدورة ال41 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في محافظة (العلا) سبقتها الزيارة التاريخية الأخوية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى الكويت في ديسمبر عام 2016 مع استمرار تبادل الزيارات الرسمية بين البلدين.
في موازاة ذلك تبادل ولاة العهد في البلدين الشقيقين الزيارات الأخوية والتي عملت على تعزيز أواصر المحبة والتعاون ورسخت لعلاقات متينة عبر التنسيق المشترك بشأن مختلف القضايا الإقليمية والعالمية وفتح آفاق جديدة للتعاون.
ولعل آخرها كانت الزيارة الرسمية التي قام بها إلى دولة الكويت صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية الشقيقة في 30 سبتمبر 2018 وكانت الثانية له إذ سبقتها الزيارة الرسمية الأولى في مايو 2015.
وشمل التعاون بين البلدين الشقيقين جميع المجالات ومن ثمار هذا التعاون قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية في 25 مايو عام 1981 الذي حقق للخليجيين في إطار العمل المشترك الكثير من الإنجازات والطموحات.
وحرصت الكويت منذ قيام مجلس التعاون على تدعيم أسس البيت الخليجي ووحدة الصف ومن هذا المنطلق سعت الى تحقيق المصالحة الخليجية بين الأشقاء تعزيزا للاستقرار الخليجي والأمن العربي مستذكرين الجهود الحثيثة لأمير البلاد الراحل الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح رحمه الله وحضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح الداعمة لحل الخلاف وتجاوزه.
وتجسدت الروابط الأخوية التاريخية بين الكويت والسعودية في أبهى صورها بالموقف السعودي المساند لدولة الكويت والمدافع عن شرعيتها واستقلالها أثناء الغزو العراقي عام 1990 واستقبال المملكة لرمز الكويت والقيادة السياسية والحكومة وللشعب على أراضيها وتقديم المساعدة بكل أشكالها ومساهمتها الفاعلة في تأسيس تحالف الدول المشاركة بتحرير الكويت من الاحتلال العراقي.
ولم تأل القيادة الكويتية من جانبها جهدا في تأييد المملكة العربية السعودية الشقيقة في كل الصعد والمحافل والتضامن التام معها في كل ما تتخذه من إجراءات للحفاظ على أمنها واستقرارها لاسيما في مواجهة تهديدات ميليشيا الحوثي انطلاقا من الروابط التاريخية العميقة ووحدة المصير وإيمانها التام بأن أمن المملكة واستقرارها جزء لا يتجزأ من أمن الكويت التي تشارك ضمن تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية وفي عملية “إعادة الأمل”.
كما تعززت هذه العلاقات الأخوية باتفاقيات عدة في مختلف المجالات منها الإعلامية والثقافية والاقتصادية وخدمات النقل الجوي والعمل على تسهيل التنقل لمواطني البلدين وانسياب البضائع التجارية عبر الحدود إضافة إلى مذكرات تفاهم للتعاون في مجالات الأوقاف والشؤون الإسلامية وتقديم تسهيلات للحجاج والتي تسبقها دائما اجتماعات تنسيقية وتشاورية بين الجانبين.
وانعكست تلك الاتفاقيات إيجابا على الشعبين الشقيقين عبر تبادل المنح الدراسية السنوية للطلبة إضافة إلى التبادل الثقافي والمشاركة في المعارض والمهرجانات التي يقيمها البلدان.
وفي المجال الاقتصادي اتسمت سياسة البلدين النفطية بالتوافق مما أدى إلى نوع من الاستقرار في الأسواق النفطية باعتبارهما من أكبر المنتجين في العالم كما أن الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة بين البلدين ضمن إطار مجلس التعاون الخليجي أدت إلى نمو ورواج حركة الواردات بينهما بمعدلات شبه مستقرة.
وحلت المملكة في هذا الإطار في المرتبة الأولى كشريك تجاري للصادرات الكويتية خلال الربع الأخير من العام الماضي إذ ارتفعت قيمتها بنسبة 3ر11 في المئة.
وعلى الصعيد البرلماني فإن التعاون بين مجلسي الأمة الكويتي والشورى السعودي متنام على الدوام عبر لجنة الصداقة المشتركة وتبادل الزيارات والتنسيق المستمر في المحافل الدولية بشأن مجمل القضايا الإقليمية والعربية والدولية والاستراتيجيات الثنائية.
ويأتي ذلك انسجاما مع مسيرة العلاقات العميقة التي رسختها قيادتا البلدين وعززتها العلاقات الاجتماعية والأسرية التاريخية التي تجمع بين الشعبين الشقيقين ووحدة اللغة والدين.