العلاقات الكويتية – السعودية نموذج استثنائي وفريد قائم على أسس صلبة من الروابط الأخوية التاريخية
تجسد العلاقات الكويتية السعودية نموذجا استثنائيا وفريدا للعلاقات المبنية على أسس صلبة ترتكز على الروابط الأخوية التاريخية بين القيادتين والشعبين الشقيقين ووشائج القربى والمودة والمصير المشترك.
ويحل ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية الشقيقة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ضيفا على دولة الكويت في زيارة رسمية ضمن جولته في دول مجلس التعاون قبل انعقاد القمة الخليجية بدورتها ال42 منتصف شهر ديسمبر الجاري.
وتعكس هذه الزيارة الحرص المتبادل لدى قيادتي البلدين الشقيقين على التواصل والتشاور المستمر حول مجمل القضايا استكمالا لنهج متأصل للدفع قدما بتلك العلاقات نحو آفاق أرحب في ظل قيادة سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
وتعد زيارة الأمير محمد بن سلمان للكويت الثالثة منذ تقلده مراكز المسؤولية إذ تمت الأولى في مايو 2015 عندما كان وليا لولي العهد فيما جرت الزيارة الثانية في 30 سبتمبر 2018 بعد توليه ولاية العهد في 21 يونيو 2017.
وتتميز العلاقات الكويتية – السعودية على الصعيدين الرسمي والشعبي بالخصوصية التي ترسخت بعمقها التاريخي الذي يمتد لأكثر من 130 عاما متجاوزة بذلك أبعاد العلاقات الدولية إلى مفهوم الأخوة والروابط الاجتماعية وأواصر القربى ووحدة المصير.
فعلى مدى أكثر من قرن من الزمان وحتى قبل قيام الدولة الحديثة في كلا البلدين الشقيقين تعاقبت الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين الشقيقين بشكل دائم ولعل من أبرزها من بين صفحات التاريخ الزيارة التي قام بها المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود الى الكويت في عام 1910 في فترة حكم امير الكويت الراحل الشيخ مبارك الصباح.
وجاءت زيارة سمو أمير البلاد الشيخ نواف الاحمد الجابر الصباح للمملكة في يناير الماضي لترؤس وفد الكويت إلى قمة (العلا) الخليجية استمرارا لهذا النهج وسبقتها الزيارة الأخوية لخادم الحرمين الشريفين إلى الكويت في ديسمبر عام 2016.
وفي موازاة ذلك تبادل ولاة العهد في البلدين الشقيقين الزيارات الأخوية والتي عملت على تعزيز أواصر المحبة والتعاون عبر التنسيق المشترك حيال مختلف القضايا الإقليمية والعالمية.
وكانت زيارة سمو ولي العهد الشيخ مشعل الاحمد الجابر الصباح للمملكة في 25 اكتوبر الماضي لحضور قمة (مبادرة الشرق الاوسط الاخضر) استكمالا لهذا النهج وهي الثانية لسموه بعد زيارته الاولى في الاول من يونيو الماضي.
ومرت العلاقات بين البلدين الشقيقين بمحطات مهمة عززت هذه الروابط الاخوية التاريخية والقواسم المشتركة على المستويين الرسمي والشعبي اذ ان للسعودية مكانة خاصة في قلوب الكويتيين كما للكويت مكانة خاصة ايضا في وجدان السعوديين.
وتجلت هذه العلاقة الاستثنائية في أبهى صورها في الموقف السعودي المساند للكويت والمدافع عن شرعيتها واستقلالها ابان الغزو العراقي الغاشم عام 1990 واستقبالها لرمز الكويت والقيادة السياسية والحكومة وللشعب على أراضيها وتقديم المساعدة بكل أشكالها ومساهمتها الفاعلة في تأسيس تحالف الدول المشاركة بتحرير البلاد من الاحتلال العراقي عام 1991.
ولم تأل الكويت من جانبها جهدا في تأييد السعودية الشقيقة في كل الصعد والمحافل والتضامن التام معها في كل ما تتخذه من إجراء للحفاظ على أمنها واستقرارها.
وانعكس ذلك بشكل طبيعي في مشاركة الكويت ضمن تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية وفي عملية (إعادة الامل) ودعمها للمملكة في مواجهة تهديدات ميليشيا الحوثي وذلك انطلاقا من هذه الروابط التاريخية العميقة ووحدة المصير وإيمانها التام بأن أمن المملكة واستقرارها جزء لا يتجزأ من أمن الكويت.
وشمل التعاون بين البلدين جميع المجالات ومن ثمار ذلك قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية في 25 مايو 1981 الذي حقق للخليجيين في إطار العمل المشترك الكثير من الإنجازات والطموحات.
وحرصت الكويت منذ قيام المجلس على تدعيم أسس البيت الخليجي ووحدة الصف وسعت من هذا المنطلق الى تحقيق المصالحة الخليجية بين الأشقاء عبر الجهود الحثيثة لأمير الكويت الراحل الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح رحمه الله وسمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه الداعمة لحل الخلاف وتجاوزه.
وارتبط البلدان باتفاقيات عدة شملت مختلف المجالات منها الإعلامية والعلمية والثقافية والاقتصادية وخدمات النقل الجوي والعمل على تسهيل التنقل لمواطني البلدين وانسياب البضائع التجارية عبر الحدود وتبادل البعثات الدراسية لأبناء البلدين إضافة إلى مذكرات تفاهم للتعاون في مجالات الأوقاف والشؤون الاسلامية وتقديم تسهيلات للحجاج والتي تسبقها دائما اجتماعات تنسيقية وتشاورية بين الجانبين ما انعكس ذلك ايجابا على الشعبين الشقيقين.
وسعيا لفتح آفاق اوسع للتعاون والتكامل في المجالات كافة وقع البلدان على محضر انشاء مجلس التنسيق السعودي الكويتي في 18 يوليو 2018 والذي عقد اجتماعه الاول في الرياض في يونيو الماضي وتوج اعماله بالتوقيع على ست اتفاقيات شملت التعاون في مجال الشباب وتشجيع الاستثمار المباشر وفي مجال التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والرياضة.
وفي مجال الاقتصاد اتسمت سياسة البلدين بالتوافق والتنسيق الذي أدى دورا كبيرا في استقرار أسعار النفط في الاسواق العالمية في إطار (اوبك +) كما ساهم البلدان في الحفاظ على إمدادات مستقرة من الطاقة بما يحمي حقوق المنتجين والمستهلكين على حد سواء في ظل تداعيات جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19).
كما ادت الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة بين البلدين ضمن إطار مجلس التعاون الخليجي إلى نمو ورواج حركة الواردات بينهما بمعدلات شبه مستقرة.
ورغم تداعيات الجائحة على الاقتصاد العالمي فان الارقام الاقتصادية بين الكويت والسعودية خلال العام الماضي عكست متانة العلاقات اذ بلغت قيمة إجمالي الصادرات الكويتية إلى السعودية في العام الماضي نحو 205 ملايين دينار كويتي (نحو 5ر676 مليون دولار) مقارنة ب197 مليون دينار (نحو 650 مليون دولار) خلال 2019 في حين بلغ اجمالي الواردات السعودية إلى الكويت العام الماضي 5ر504 مليون دينار (نحو 6ر1 مليار دولار) مقارنة ب6ر629 مليون دينار عام 2019.
كما شمل التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين القطاع الخاص والذي تأطر عبر مذكرة تفاهم تم توقيعها مطلع عام 2005 بين مجلس الغرف التجارية والصناعية السعودية وغرفة تجارة وصناعة الكويت.
وعلى الصعيد البرلماني فإن التعاون بين مجلسي الأمة الكويتي والشورى السعودي متنام على الدوام عبر لجنة الصداقة المشتركة وتبادل الزيارات والتنسيق المستمر في المحافل الدولية بشأن مجمل القضايا الإقليمية والعربية والدولية والاستراتيجيات الثنائية.
ويأتي ذلك انسجاما مع مسيرة العلاقات العميقة التي رسختها قيادتا البلدين وعززتها العلاقات الاجتماعية والأسرية التاريخية التي تجمع بين الشعبين الشقيقين ووحدة اللغة والدين.