الغانم: التعاطي مع الملفات الكبيرة كشفت هشاشة الترتيبات العالمية
قال رئيس مجلس الأمة مرزوق علي الغانم، إن تعاطي دول العالم مع الملفات الكبيرة عبر محطات عدة كشف هشاشة الترتيبات العالمية، لافتا إلى أن معضلة العالم تكمن في عدم تحركه إلا بعد وقوع الكارثة أو المصيبة.
وذكر الغانم إن التغير المناخي والاحتباس الحراري يعد قضية عالمية عابرة للقارات وغير محصورة في إقليم أو منطقة معينة من العالم، مبينا أنها نموذج للقضايا والأولويات التي يجب أن يتعاطى معها العالم بأسره.
جاء ذلك في كلمة ألقاها الرئيس الغانم أمام الجمعية العامة لمؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الـ 144 المنعقد حاليا في إندونيسيا تحت عنوان (حشد البرلمانات للعمل بشأن تغير المناخ).
وقال الغانم في مستهل كلمته “شكراً على اختيار ملف التغير المناخي والاحتباس الحراري، موضوعا للمناقشة العامة لهذه الدورة”.
وأضاف الغانم “إن أهمية هذا الاختيار، لا تكمن في حيثيات الملف ذاته، بقدر ما تمثله من نموذج للقضايا والأولويات التي يجب أن يتعاطى معها العالم بأسره”.
وأوضح الغانم “عندما أقول نموذج، فأنا أعني تلك المواصفات التي تنطوي عليها تلك القضية وأهم تلك المواصفات هي عالمية القضية، أي كونها قضية جامعة عابرة للقارات، وغير محصورة في إقليم أو منطقة ما من العالم”.
وأشار الغانم “نحن هنا لا نتحدث عن ملف الفقر أو المجاعات أو التصحر أو حقوق المرأة السياسية مثلا ، كقضايا حصرية بمناطق وأقاليم ما، بل نتحدث عن قضية تلقي بظلالها وتهديداتها ومآلاتها على كل العالم، العالم بأسره”.
واستطرد الغانم قائلا “لن أحتاج عندما أقول عالمية، أن أذكر بملف جائحة كوفيد 19، الذي كشف هشاشة العالم وتشظيه، وكشف فيما كشف، خصوصا في الأيام الأولى، كل أنواع الأنانيات القطرية، والمخاوف المتبادلة، وسياسات العزل والاغلاق، لدرجة شهدنا فيها كل الممارسات التي تنطوي على الاستئثار وقرصنة اللقاحات وصفقات تحت الطاولة، لتأمين الحماية والوقاية، وبشكل هستيري وينطوي على كل النزعات التي اتسمت بالتشكك والأنانية وانعدام كل التضامنات الإنسانية”.
وأكد الغانم “نحن أمام معضلة دائمة، خصوصا عندما نتعاطي مع قضايا كالتغير المناخي، وهي أن الإنسان لا يتحرك إلا إذا وقعت الكارثة”.
وذكر الغانم “كان العالم يظن أن الترتيبات العالمية التي تمت بعد الحرب الكونية الثانية، وصدرت من الأمم المتحدة ومنظمات عالمية ملحقة واتفاقيات ومعاهدات حقوقية ذات صبغة إلزامية قانونيا وأخلاقيا، كان يظن أنها ساهمت في إشعار العالم بأن حربا عالمية ثالثة لن تقع، وأن هذا الأمر هو خط أحمر لن يسمح العالم به.. لكننا كنا نفشل دوما”.
وأوضح الغانم “لقد كانت الحرب الباردة، وحروب الوكالة في كل مناطق العالم، شاهدا على أن الخطر ماثل دائما، فمن الحرب الكورية وفيتنام وخليج الخنازير وربيع براغ وأفغانستان وأنغولا وغيرها، والعالم يشهد تلك الحروب التي جميعها كان يمكن تفاديها”.
ولفت الغانم “نحن الآن وبعد 77 عاما من انتهاء الحرب الكونية الثانية، نشهد مواجهة عسكرية مؤسفة بين روسيا وأوكرانيا ونسمع مرة أخرى كلمات مثل (نووية) و(كيميائية) و(حرب عالمية ثالثة)، وهي كلمات يفترض أنها أصبحت جزءا من التاريخ، لا تستخدم إلا على سبيل الردع والتهديد”.
وبين الغانم “إن ما يحدث دليل آخر على هشاشة الترتيبات العالمية، ودافع قوي على ضرورة أن ينتبه العالم إلى خطورة ممارسات الإنسان الذي يدعي التحضر والتمدن وحصانته من التهور واللعب بالنار”.
وجدد الغانم تأكيده أن أهـمية ملـف الـتـغير المناخي تكمن في عالميته وخطورته وما ينطوي عليه من تهديد شامل لكل البشر، باختلاف أقاليمهم وأديانهم وأعراقهم، مشيرا إلى أن الأهمية الأخرى تكمن في أن الإنسان لا يريد أن يتحرك إلا بعد أن تقع المصيبة والكارثة، وحينها يكون الوقت قد تأخر.
وأوضح الغانم “لأن العالم صغير جدا، فليس هناك قضية إقليمية أو حصرية، فإن مجاعة في قلب إفريقيا هي تهديد لشمال أوروبا وأمريكا وشرق آسيا ولو بعد حين، وأزمة اقتصادية في أقصى الشرق هي أزمة لكل أسواق العالم، ووباء في أمريكا اللاتينية هو تهديد للصحة العامة في العالم القديم”.
وأضاف الغانم “تماما مثلما احتلال غاصب وممارسات غير إنسانية، كتلك التي يقوم بها نظام كالنظام الصهيوني في فلسطين هي جرح مفتوح وتقويض للسلم والأمن الدوليين في كل قارات العالم”.
وأكد الغانم أن لا أحد محصنا في هذا العالم، ولا أحد بمنأى عن أي كارثة، وإن بدت إقليمية أو مناطقية.
وقال الغانم “كنا في السنوات السابقة نتحدث عن الإرهاب، وكنت أقول في مثل هذه المؤتمرات أن لا أحد بمنأى عن الإرهاب، وإن انفجارا في بغداد والقاهرة وكابول سيسمع دويه في بروكسل وباريس ولندن، لم يكن ذاك تهديدا، بل تحذيرا وتذكيرا بصغر هذا العالم وترابطه في عصر التواصل والتكنولوجيا”.
وفي ختام كلمته ذكر الغانم “أمام كل القضايا التي نناقشها، هناك قاسم مشترك وهو أن علينا العمل الآن، اليوم وليس غداً، عاجلاً لا آجل”.