أخبار الكويتهاشتاقات بلس

الكويت تكثف جهودها لمكافحة التغير المناخي وتقليل الانبعاثات الكربونية

(كونا) – تشهد دولة الكويت في إطار مواجهة التحديات البيئية الناجمة عن التغير المناخي تعاونا وثيقا بين الجهات الحكومية والخاصة لتنفيذ مشاريع ومبادرات تهدف إلى خفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق الاستدامة البيئية.

وتمثل هذه الجهود استجابة جلية للالتزامات الدولية للكويت المتعلقة بالبيئة وتماشيا مع رؤية الدولة لتعزيز التنمية المستدامة وتحقيق اقتصاد منخفض الكربون.

وبرزت هذه الجهود من خلال تبني العديد من هذه الجهات التكنولوجيا النظيفة وتحسين كفاءة العمليات الصناعية نحو اقتصاد صديق للبيئة مع دعم مشاريع الهيدروجين الأخضر وتدوير الكربون في قطاع البناء.

وبهذا الشأن أجرت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الاثنين لقاءات متفرقة مع معنيين ومسؤولين في جهات حكومية وخصوصا لاستعراض دورها في الحد من الانبعاثات الكربونية في القطاع الصناعي.

وأكدت المهندس الكيميائي في الهيئة العامة للصناعة نرجس الحواج ل(كونا) أهمية التزام المنشآت الصناعية بتقليل الانبعاثات الكربونية عبر تبني التقنيات الحديثة مثل تقنية احتجاز الكربون واستخدام الوقود النظيف مما يسهم في فتح آفاق جديدة للنمو والتطور الصناعي وبناء مستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة.

وأوضحت الحواج أن دور الهيئة في تقليل الانبعاثات الكربونية موضح ضمن الاستراتيجية الصناعية الوطنية لدولة الكويت 2035 التي أصدرتها الهيئة بهدف تعزيز الاستدامة البيئية علاوة على مشاركتها في عدة اتفاقيات بيئية مثل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب) واستراتيجية الكويت منخفضة الكربون 2050 إلى جانب العديد من المبادرات التي تضمن مستقبلا مستداما للدولة.

وذكرت أن نسبة الانبعاثات الكربونية الصادرة من القطاع الصناعي تعد قليلة جدا إذ تبلغ 15ر2 في المئة مقارنة بقطاع إنتاج الطاقة وتحلية المياه الذي يشكل 8ر95 في المئة من إجمالي الانبعاثات في وقت تبلغ نسبة النفايات 95ر1 في المئة وفق الإحصائيات المستندة إلى الاستراتيجية الوطنية طويلة الأمد لتنمية منخفضة الكربون في الكويت 2050 والبلاغ الوطني الثاني لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.

وأكدت أهمية دور قسم الرقابة البيئية في توفير بيئة صناعية مناسبة وحماية البيئة من أي أضرار قد تنجم عن النشاط الصناعي مبينة أن القسم يعمل كجهة تنفيذية ورقابية للأنظمة والتشريعات البيئية من خلال تطبيق المعايير والمقاييس وإجراء الدراسات والتقارير البيئية والتنسيق مع الجهات المعنية لضمان الالتزام بالاشتراطات البيئية.

من جانبها قالت كبير مهندسين في وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة أسماء الصلال ل(كونا) إن الوزارة أطلقت مجموعة من المبادرات لتحسين كفاءة إنتاج المياه وتقليل الانبعاثات الكربونية في محطات تحلية المياه موضحة أن هذه الجهود تأتي ضمن خططها لتحقيق استدامة الموارد وتقليل الأثر البيئي.

وأضافت الصلال أن الوزارة قامت بتطبيق تقنيات متطورة لتحسين كفاءة استهلاك الطاقة في محطات تحلية المياه وتم استبدال الغلايات التقليدية بأنظمة أكثر كفاءة لتحقيق أفضل النتائج من حيث الأداء وتقليل استهلاك الطاقة.

وأوضحت أنه تم تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من خلال استخدام غاز ثاني أكسيد الكربون المعاد تدويره وهذه الخطوة أسهمت في توفير 1221 طنا سنويا من انبعاثات الكربون.

وبينت أن هذه الإجراءات لم تقتصر على تحسين الأداء البيئي فحسب بل ساهمت أيضا في خفض التكاليف موضحة أنه تم توفير 12 مليون دينار كويتي (نحو 9ر38 مليون دولار أمريكي) من تكاليف إنشاء الغلايات إضافة إلى توفير 5ر35 ألف دينار (نحو 115 مليون دولار أمريكي) سنويا من تكاليف الوقود.

من جانبها أكدت رئيس قسم تغير المناخ في الهيئة العامة للبيئة دلال العجمي أن البلاد أعلنت التزامها باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ والتي تشمل خفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 إذ تسعى إلى خفض انبعاثاتها بنسبة 4ر7 في المئة بحلول عام 2035.

وبينت العجمي أن هذه الالتزام يأتي من خلال جهود وطنية تشمل تحسين كفاءة استهلاك الطاقة وتعزيز استخدام الطاقات المتجددة وتطوير مشاريع النقل السريع مضيفة أن الكويت تعمل على تنفيذ عدة مشاريع للتخفيف من الانبعاثات بما في ذلك مشروع مصفاة الزور واستخدام الوقود البيئي وإنتاج الطاقة من النفايات.

وأفادت بأن الكويت تعتمد مبدأ الاقتصاد الدائري للكربون الذي يشمل الحد من الانبعاثات وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير والتخلص من الكربون مضيفة أن مشاريع الكويت البارزة تشمل مشروع إعادة تأهيل البيئة الساحلية وإعادة استيطان نبات القرم (المانغروف) الذي يمكن أن يحتجز 3ر12 كيلوغرام من ثاني أكسيد الكربون لكل شجرة سنويا.

بدوره أكد مدير الإنتاج ومشاريع الغاز في شركة نفط الكويت المهندس عبد الله المطيري أن الشركة وضعت خطة طموحة لالتقاط وتخزين الكربون عبر التنسيق المكثف مع الشركات التابعة لمؤسسة البترول وأطلقتها كجزء من استراتيجيتها لتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050.

وأضاف المطيري أن الشركة تستهدف التقاط 26 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا بحلول العام 2050 موضحا أن العملية ستتم على ثلاث مراحل تبدأ في العام 2030.

وذكر أن المرحلة الأولى تهدف إلى التقاط 22ر3 مليون طن سنويا بحلول العام 2030 تليها المرحلة الثانية في 2040 التي سترفع القدرة إلى 10 ملايين طن سنويا بينما تستهدف المرحلة الثالثة بحلول 2050 الوصول إلى التقاط 26 مليون طن سنويا.

وأفاد بأن عملية تخزين الكربون ستتم في مكامن جيولوجية بغرب الكويت خلال المرحلة الأولى مع تحديد مواقع تخزين مناسبة لضمان عدم تسرب الكربون.

وأضاف أن الكربون الملتقط سيتم استخدامه في تحسين عمليات استخراج النفط والغاز حيث تم تحديد حقول نفطية في غرب الكويت للاستفادة منه في عمليات الاستخراج المعزز مما يسهم في رفع كفاءة الإنتاج وتقليل البصمة الكربونية.

من جانبه أكد رئيس فريق البيئة في شركة البترول الوطنية الكويتية المهندس حسام جمال أن الشركة تبذل جهودا كبيرة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة من خلال عدة مبادرات بيئية تشمل استعادة غاز الشعلة في مصفاتي ميناء عبدالله وميناء الأحمدي وبرنامج الكشف عن التسربات وإصلاحها والطاقة المتجددة وتطوير جرد غازات الاحتباس الحراري وغيرها من المبادرات التي تحقق الاستدامة البيئية والمساهمة في الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ.

وقال جمال إن الشركة نفذت مشروعين مهمين لاستعادة غاز الشعلة في مصفاتي ميناء عبدالله وميناء الأحمدي مضيفا أن خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من غاز الشعلة في مصفاة ميناء الأحمدي يبلغ 54419 طنا سنويا فيما يبلغ الخفض من غاز الشعلة في مصفاة ميناء عبدالله حوالي 91736 طنا سنويا.

وأضاف أن الشركة تخطط لإنشاء وحدات إضافية أخرى لاستعادة غاز الشعلة في المصافي للوصول إلى وقف الحرق في أوقات التشغيل العادية مشيرا إلى أنه بحسب الإحصائيات الخاصة بجرد غازات الاحتباس الحراري والغازات الدفيئة فإن الشركة تساهم بنسبة 9 في المئة من إجمالي كمية انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في دولة الكويت.

وذكر أن الشركة تعتزم دراسة برامج ومشاريع مستقبلية تهدف لتحسين كفاءة الطاقة في المصافي موضحا أن هذه المبادرات ستؤدي إلى خفض استهلاك الطاقة بنسبة 12 في المئة وأن هذه الإجراءات ستسهم في تقليل الانبعاثات وتعزيز كفاءة طاقة العمليات التشغيلية.

من ناحيتها قالت مدير أول دائرة تفعيل البحوث والتكنولوجيا في مؤسسة الكويت للتقدم العلمي المهندسة دينا النقيب إن المؤسسة أعلنت إطلاق الوثيقة البيضاء لتحول الطاقة وتعد أول خريطة طريق شاملة تهدف إلى تحويل نظام الطاقة الحالي في البلاد الذي يعتمد أساسا على الوقود الأحفوري إلى نظام أكثر استدامة وأقل انبعاثا للكربون.

وأكدت النقيب أن إطلاق الوثيقة البيضاء لتحول الطاقة يمثل خطوة استراتيجية نحو تحقيق نظام طاقة مستدام منخفض الانبعاثات مشيرة إلى أن الوثيقة بمنزلة خريطة طريق طموحة نحو مستقبل مستدام وتفتح فرصا اقتصادية تقدر بـ392 مليار دولار أمريكي مع التركيز على تعزيز كفاءة الطاقة وخفض الانبعاثات الكربونية.

وأضافت أن الوثيقة تسلط الضوء على ضرورة تطوير نظام الطاقة الحالي لمواكبة التغيرات العالمية موضحة أن زيادة استهلاك النفط والغاز لإنتاج الكهرباء والماء في الكويت تقلل من فرص تصدير هذه الموارد الحيوية مشيرة إلى أن التكيف مع التوجهات العالمية نحو نظم طاقة نظيفة أصبح ضرورة ملحة لتحقيق الاستدامة.

وبينت أن الكويت تحتل المرتبة السادسة عالميا في معدل انبعاثات الكربون للفرد بمتوسط 8ر20 طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا وأن إجمالي انبعاثات الكويت يظل منخفضا مقارنة ببعض الدول الأخرى إذ تساهم بنسبة 3ر0 في المئة من إجمالي الانبعاثات العالمية.

وأفادت بأن الوثيقة تؤكد التزام الكويت بتحقيق الحياد الكربوني في القطاع النفطي بحلول العام 2050 وعلى مستوى الدولة بحلول العام 2060 لافتة إلى أن هناك أربعة مسارات رئيسية لتحقيق هذا الهدف تشمل تحسين كفاءة الطاقة وتطوير تقنيات الطاقة البديلة وتحقيق الدخل من الانبعاثات واستبدال مصادر الطاقة الحالية.

وأكدت أن تحول الطاقة في الكويت سيحقق فوائد كبيرة من بينها خفض استهلاك النفط والغاز بمقدار 4ر3 مليار طن من الانبعاثات الكربونية وزراعة 340 مليون شجرة إضافة إلى تركيب 500 ألف عداد كهربائي ذكي وتحويل 75 في المئة من المركبات الحكومية والخاصة إلى مركبات كهربائية أو هجينة مع استثمارات تصل إلى 240 مليار دولار لتحقيق هذه الأهداف الطموحة.

من جانبها ذكرت شركة إيكويت للبتروكيماويات في بيان أنها أطلقت مشروعا رائدا لالتقاط ثاني أكسيد الكربون في مصنع (الإيثيلين جليكول) لتقليل البصمة الكربونية وتعزيز الاستدامة الصناعية وتمكن حتى الآن من التقاط 735460 طنا من الكربون منذ إطلاقه ما يمثل خطوة مهمة نحو الحد من الانبعاثات الضارة.

وأوضحت الشركة أنه يتم إرسال الكربون الملتقط إلى شركة الغازات الصناعية الكويتية لإعادة استخدامه في تطبيقات صناعية متعددة مما يسهم في تعزيز الاقتصاد الدائري للكربون متوقعة أن تصل كمية الكربون الملتقطة إلى 3ر4 مليون طن بحلول عام 2050 وهو إنجاز ينسجم مع أهداف التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الأخضر.

بدوره أفاد معهد الكويت للأبحاث العلمية في بيان لـ(كونا) بأنه يمضي قدما في الآونة الأخيرة بالتعاون مع عدد من الجهات داخل الدولة وخارجها في دراسة وتحديد منافع تقنيات (الهيدروجين التركوازي) كإحدى الطرق القائمة في إنتاج الهيدروجين من جهة والحد من البصمة الكربونية من جانب آخر في عدد من الصناعات الثقيلة.

وأضاف البيان أن المعهد عمل أخيرا على عدد من المشاريع الناجحة في استخدام لقيم النفايات وتحويلها إلى مصادر متعددة من الوقود والطاقة للدفع بعجلة تخفيف البصمة الكربونية إضافة إلى مشاريع إعادة التدوير للنفايات الناجحة.

وأوضح أن المعهد نجح في تطوير تقنيات مبتكرة لإعادة تدوير ثاني أكسيد الكربون في صناعة الخرسانة التي تحتوي على كربونات الكالسيوم المصنعة وأثبتت الاختبارات تمتعها بخصائص ميكانيكية مماثلة للخرسانة التقليدية مما يعزز من فرص استخدامها في مختلف التطبيقات الإنشائية.

وأشار إلى أنه من خلال هذه التقنية تم تحقيق انخفاض في انبعاثات الكربون بنسبة تصل إلى 30 في المئة في عملية إنتاج الخرسانة وهو يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الاقتصاد الدائري للكربون في قطاع البناء.

زر الذهاب إلى الأعلى