المدارس في لبنان تعاني تحت وطأة الانهيار الاقتصادي
على غرار قطاعات عدة، يرزح القطاع التعليمي عموماً، والرسمي خصوصاً في لبنان، تحت وطأة انهيار اقتصادي مستمر منذ 4 سنوات، أثقلته أزمات متلاحقة أنهكت المعلمين والطلاب وأهاليهم، على حد سواء.
وطغت على السنوات الدراسية الماضية إضرابات متكررة لمعلمين يطالبون بتحسين رواتبهم، التي باتت بعد زيادات عدة تراوح بين 150 و300 دولار تقريباً.
وجاءت الاضرابات في خضمّ انهيار اقتصادي، فقدت معه العملة الوطنية (الليرة اللبنانية) أكثر من 98% من قيمتها، وتآكلت القدرة الشرائية للسكان حتى بات كثيرون عاجزين عن توفير احتياجاتهم الأساسية.
بحسب مكتب لبنان لدى منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، واجه أطفال لبنان “خلال السنوات الدراسية الأربع الأخيرة، انقطاعاً في تعليمهم بعد أزمات عدة، بينها كوفيد19، وانفجار مرفأ بيروت والأزمة الاقتصادية، وإقفال المدارس، جراء إضرابات المدرسين”.
وازداد عدد العائلات التي حالت الأزمة الاقتصادية، دون قدرتها على تحمل أعباء المدرسة من نقل وقرطاسية وكتب وثياب.
وأظهر تقرير لليونيسف في يونيو(حزيران) أن 15% من العائلات توقفت عن تعليم أبنائها مقارنة مع 10% قبل عام. كما أن عائلة من أصل 10 اضطرت لإرسال أطفالها، بينهم من هم في السادسة من العمر، إلى العمل في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة.
ومن شأن التسرّب المدرسي، وفق ما يشرح رئيس قسم التعليم في اليونيسف في لبنان عاطف رفيق، أن يعرض الأطفال خصوصاً في المجتمعات الأكثر ضعفاً للعنف في الشارع، والفتيات منهم إلى مخاطر الزواج المبكر.
وناشدت اليونيسف الحكومة اللبنانية توفير تمويل للتعليم، يضمن رواتب المعلمين والطاقم التعليمي، وزيادة الإنفاق على القطاع.
وانضوى أكثر من 261 ألف تلميذ لبناني في التعليم الرسمي العام الماضي، يضاف اليهم نحو 153 ألف طالب سوري، وفق إحصاءات وزارة التربية.
وقال وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي، في سبتمبر (أيلول) “لا أبالغ إذا قلت إن التعليم الرسمي بات في دائرة الخطر”.
وأضاف “المشكلة الطارئة اليوم هي مالية، فتأمين التمويل اللازم لانطلاق العام الدراسي يشكل بالنسبة إلينا أولوية”.
وسبق لوزارة التربية أن استندت في السنوات القليلة الماضية إلى اعتمادات حكومية وتمويل من جهات مانحة بينها البنك الدولي واليونيسف، لكن الحلبي قال إن الجهات المانحة أبلغته “صراحة عدم توفر أموال لدفع حوافز، أو بدلات إنتاجية للمعلمين وللعاملين في المدارس الرسمية”.
أمام النقص في التمويل، سبق لوزارة التربية أن خفضت أيام الدراسة من 180 قبل الأزمة إلى 96 عام 2020، ثم حوالي 60 يوماً خلال العامين الماضيين، وفق تقرير لهيومن رايتس ووتش.
وعمدت المدارس الرسمية نتيجة الإضرابات الطويلة إلى تخفيف الدروس، مقارنة مع ما كانت عليه سابقاً.
وعلى وقع تراجع القدرات المالية، شهد قطاع التعليم الرسمي هجرة كبيرة من القطاع الخاص، الذي لم يعد كثيرون يتحملون تكاليفه.