المسرح في البحرين .. تجربة عمرها 94 عاما ازدهرت على يد الشباب
منذ إعلان مملكة البحرين استقلالها في 15 أغسطس/آب 1971، أدرك صناع القرار أن الفن قوة ناعمة تؤثر وتغير في الإنسان؛ لذا اهتموا بكل روافد الإبداع ودعموا كل شيء يرتقي بأدوات وإمكانيات الفرد، ومن بينها المسرح.
وبالتزامن مع الاحتفال بالعيد الوطني البحريني الذي يحل 16 ديسمبر/كانون الأول من كل عام، نرصد ملامح الحركة المسرحية في المنامة، والتي خرجت من رحم المدرسة وتوهجت في كل دول العالم رغم البدايات الصعبة.
أدركت القيادة البحرينية منذ البداية أن التعليم هو أساس التنمية؛ لذا وجهت بإنشاء المدارس التي تهتم بالفن والاستعانة بمعلمين عرب للاستفادة من خبراتهم وتجاربهم التعليمية والترفيهية.
وفي عشرينيات القرن الماضي كانت البداية الفعلية بتأسيس مجموعة من المعلمين القادمين من مصر والشام أول فرقة مسرحية في مدرسة “الهداية” بالمحرق، ليخرج أول إبداعاتها عام 1925 بعرض مسرحية “القاضي بأمر الله”.
بعدها توالت العروض لكنها لم تخرج من سور المدرسة، واهتم المعلمون بتقديم أعمال أدبية مثل مسرحيات “مصرع كليوباترا”، “قيس وليلى” للشاعر عزيز أباظة، و”مجنون ليلى” للشاعر أحمد شوقي.
في الأربعينيات نضجت التجربة المسرحية البحرينية أكبر واستفادت من العطاء الأدبي العالمي بعد أن كان محصورا في إعادة إنتاج قصص من التاريخ الإسلامي، ليتجه إلى النصوص الشعرية ويستفيد من مسرحيات عالمية لوليم شكسبير وأحمد شوقي وعزيز أباظة وتوفيق الحكيم وإبراهيم العريض وعبدالرحمن المعاودة.
بمرور الأيام وتعاقب التجارب زاد تعلق أبناء البحرين بالمسرح؛ لذا انتقل من داخل أسوار المدارس إلى الأندية، وفي عام 1955 ظهرت الفرقة التمثيلية المتنقلة التي كانت تجوب القرى والمدن لتقديم عروض مسرحية، ورغم أنها حققت نجاحا كبيرا فإنها سرعان ما توقفت نتيجة خلافات بين أعضائها، وانتهت الصدمات بانقسامها إلى فرقتين: الفرقة التمثيلية المتنقلة وفرقة البحرين التمثيلية.
في عام 1960 ظهر مسرح الاتحاد الشعبي، الذي ضم 60 عضوا قدموا أعمالا محدودة، مثل “قيس وليلى” و”دكتور في إجازة”، لتشهد الحركة المسرحية في المملكة منافسة قوية كانت تصب دائما في صالح الجمهور المتعطش للفن الجيد.
بلغ المسرح البحريني أوجه في فترة السبعينيات؛ إذ ظهرت فرقة “مسرح أوال” التي تعد من أشهر الفرق المسرحية في المنامة، أسسها مجموعة من الشباب المتحمسين المدرك لقيمة الفن، وقدمت عام 1972 مسرحيات مهمة، منها: “كرسي عتيق” للمخرج محمد عواد.
أيضا في السبعينيات ظهرت فرقة “مسرح الجزيرة”، التي قدمت عرضين مشهورين هما: “غلط يا ناس” و”الضائع” للمؤلف فؤاد عبيد، تبعها في التسعينيات ظهور فرق “الصواري” و”جلجامش” و”الريف” و”البيادر”؛ ما سمح بتقديم عروض متنوعة منها التاريخي والتجريبي والاستعراضي.
واستمرارا لانتعاش الحركة المسرحية في البحرين، أقيم العديد من المهرجانات الخاصة بالشباب مثل “مسرح الصواري”، كما أقيمت الدورة الأولى لمهرجان المسرح الوطني في أبريل/نيسان 2019، وحققت عروضه نجاجا كبيرا وأهديت هذه الدورة للفنان إبراهيم بحر، أحد رواد الحركة المسرحية في المملكة.