«المصباح الأزرق» اكتشاف غير مسار التكنولوجيا في العالم
بعض الاختراعات قد تكون ضئيلة في حجمها أو شكلها، ولكنها ربما تغير شكل العالم، فقدر ما نرى أن مصباحاً صغيراً باللون الأزرق ربما يكون شيئاً ليس ذا قيمة، ولكن اختراع اللون الأزرق في الإضاءة كان بمثابة طفرة غيرت وجه العالم أجمع، فكيف كان اللون الأزرق صانع المعجزات في آخر 10 سنوات؟
الحكاية أن أصل الألوان جميعاً في 3 ألوان الأحمر والأخضر والأزرق، وفي اللمبات الصغيرة فحجم الطاقة التي يتطلبها توليد اللونين الأحمر والأخضر بسيطاً، ومن الأحمر والأخضر خرجت كل شاشات الأجهزة الصغيرة كالحاسبة الآلية الصغيرة أو شاشات الألعاب البسيطة في الثمانينات والتسعينات.
ولكن ظل حجم الطاقة الكبير الذي يتطلبه مصباح صغير لإنتاج اللون الأزرق المكمل لسلسلة الـ«RGB» عائقاً أمام إنتاج شاشات ملونة بالكامل، واستمر البحث لعقد من الزمن عن صمام ثنائي باعث للضوء (LED) أزرق يكون ساطعاً وبتكلفة يمكن توفيرها للإنتاج، ولم يكن الهدف هو تزيين أجهزة الكمبيوتر أو المباني بالألوان الساطعة، بل كان اللون المفقود في الأحمر والأخضر والأزرق، أو ما يعرف بـ RGB.
مع دمج هذه الألوان الثلاثة، يمكن من إنتاج جميع الألوان الممكنة، كانت مصابيح LED الحمراء والخضراء متاحة لفترة، لكن العثور على اللون الأزرق كان أصعب.
وفي ظل فشل العديد من العلماء والمخترعين لسنوات في إيجاد حلول لتوليد الضوء الأزرق، بدأ الباحثون ينصرفون عن أبحاثهم، في اعتقاد منهم بعدم جدوى البحث واستحالة توليد اللون الأزرق من المصابيح.
إلا أن الياباني شوجي ناكامورا ظل مدفوعاً بفضول علمي قوي ورغبة في دفع حدود ما كان يُعتقد أنه ممكن، كان أيضاً مدفوعاً بتحدي إيجاد حل لمشكلة لم يتمكن العديد من الباحثين الآخرين من حلها.
على الرغم من مواجهة العديد من العقبات والنكسات، كان ناكامورا مثابراً في جهوده واستمر في التجربة وتحسين نهجه حتى نجح أخيراً في إنتاج مصابيح LED زرقاء.
هذا العمل أحدث ثورة في مجال تكنولوجيا الإضاءة، حيث جعلت مصابيح LED الزرقاء من الممكن إنشاء مصادر ضوء بيضاء أكثر كفاءة في استخدام الطاقة من المصابيح المتوهجة التقليدية.
وفي عام 2014، حصل ناكامورا مع الباحثين المشاركين أكاساكي وأمانو على جائزة نوبل في الفيزياء لاختراع LED الأزرق، كانت هذه هي المرة الأولى التي تُمنح فيها جائزة نوبل في الفيزياء لاكتشاف في مجال الإضاءة الصلبة.
وذلك الاكتشاف الذي أعلن عنه في بداية التسعينات، وقدم للإنتاج الفعلي في 1993، كان بمثابة البوابة التي فتحت عوالم الهواتف الذكية والشاشات عالية الجودة والعديد من الابتكارات التي بنيت كلها على اختراع ناكامورا الذي واجه العديد من الصعوبات والمعوقات لاستكمال مشروعه، بعدما كادت الشركة التي يعمل بها «نيتشيا» أن تتخلى عن تجاربه لارتفاع تكلفتها، وعدم جدوى الاعتماد على مادة «الجاليوم نيترايت» في توليد الضوء الأزرق وفقاً للأجهزة المتاحة، إلا أن ناكامورا أصر على مواصلة البحث، وقام بتعديل شخصي على أجهزة التوليد وعدة تجارب للحصول على الضوء، والتي تكللت بالنجاح في النهاية لينجح في توليد الضوء الأزرق.. فاتحاً آفاقاً جديدة أمام التكنولوجيا في العديد من المجالات.