الموت يلاحق السودانيين في فرارهم من دارفور
قال شهود إن المدنيين السودانيين الفارين من مدينة الجنينة في دارفور يلقون حتفهم بأعداداً متزايدة، أو يتعرضون لإطلاق النار، خلال محاولات الفرار سيراً على الأقدام إلى تشاد، منذ منتصف الأسبوع الماضي.
وحاول عدد كبير التماس الحماية بالقرب من مقر للجيش في الجنينة في 14 يونيو (حزيران)، لكن هذه الحماية لم تُمنح لهم، حسبما قال رجل يدعى إبراهيم، وهو أحد السكان الذين وصلوا إلى بلدة أدري التشادية على بعد نحو 27 كيلومتراً من الجنينة.
وقال لرويترز عبر الهاتف مستخدماً اسمه الأول فقط إن ميليشيات داهمتهم فجأة وأطلقت الرصاص عليهم، مضيفاً أنهم أُخذوا على غرة وأن هناك من لاقوا حتفهم دهساً بالأقدام أثناء محاولات الفرار.
وتحدثت رويترز إلى ثلاثة شهود أصيبوا بطلقات نارية أثناء محاولتهم الهرب من الجنينة وتحدثت أيضاً مع أكثر من عشرة شهود قالوا إنهم شاهدوا أعمال عنف على الطريق من المدينة. ولم يتضح عدد الأشخاص الذين قتلوا في الأيام القليلة الماضية أثناء المغادرة.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود الإثنين إن نحو 15 ألف شخص فروا من غرب دارفور على مدى الأيام الأربعة السابقة، ونقلت عن كثيرين من الوافدين قولهم إنهم رأوا أشخاصاً أُصيبوا بالرصاص ولاقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من الجنينة.
وقال أحد السكان لمنظمة أطباء بلا حدود من تشاد إن “سكان الجنينة اتخذوا قراراً جماعياً بالرحيل” وإن معظمهم فروا سيراً على الأقدام صوب الشمال الشرقي من الجنينة، لكن كثيرين منهم قُتلوا على الطريق.
وأضاف إبراهيم أن “الناس بعد أن علموا بخطف الوالي وقتله قرروا مغادرة المدينة”. واكتشف إبراهيم فيما بعد أن ثمانية من أفراد عائلته لقوا حتفهم من بينهم جدته، وأن والدته تعرضت للضرب.
وجاء في بيانات للأمم المتحدة أن الحرب التي اندلعت في أبريل (نيسان) تسببت في نزوح نحو 2.2 مليون شخص، معظمهم من العاصمة ومن دارفور التي عانت بالفعل من عقدين من الصراع والنزوح الجماعي.
وتشير البيانات إلى أن أكثر من 500 ألف عبروا الحدود إلى البلدان المجاورة، من بينهم أكثر من 115 ألفاً فروا من دارفور إلى تشاد.
وأدى وقف إطلاق نار، مدته 72 ساعة بوساطة السعودية والولايات المتحدة ومن المقرر أن ينتهي في وقت مبكر من صباح الأربعاء، إلى هدوء القتال في الخرطوم لكن السكان أفادوا بانتشار أعمال النهب.
وقال شهود إن الاضطرابات في دارفور تصاعدت، مع احتدام الحرب في العاصمة، واتخذت طابعاً عرقياً على نحو أكثر وضوحاً حيث يستهدف المهاجمون السكان غير العرب مستدلين عليهم بلون بشرتهم.
قتل منهجي
وأثار العنف تحذيرات من تكرار الفظائع التي شهدتها دارفور بعد عام 2003.
وقالت الأمم المتحدة إن فظائع دار فور أودت بحياة أكثر من 300 ألف شخص وأدت إلى نزوح 2.5 مليون.
وقال زعيم قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) اليوم الثلاثاء إن قواته ستحقق في أحداث الجنينة. واتهم الجيش بإذكاء الاضطرابات من خلال تسليحه القبائل، بينما وجه الجيش الاتهام لقوات الدعم السريع بقتل والي غرب دارفور وأعمال عنف أخرى في المنطقة.
وقال سلطان سعد بحر الدين زعيم قبيلة المساليت، التي تشكل العدد الأكبر من سكان الجنينة، إن عمليات قتل منهجية وقعت في الأيام الماضية.
وأضاف لتلفزيون الحدث أن الجثث ملقاة على الطريق بين الجنينة ومدينة أدري التشادية بأعداد كبيرة لا قبل لأحد بإحصائها، مشيراً إلى الصعوبة البالغة لرحلة الفرار إلى تشاد.
وقال ناشط غادر الجنينة يوم الأحد لرويترز إن فصائل مسلحة عربية وقوات الدعم السريع عززت وجودها في المدينة منذ مقتل الوالي، مضيفاً أن الجماعات العربية تسيطر على الطريق المؤدي إلى تشاد.
وأضاف، متحدثاً شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب مخاوف على سلامته، أن شهود عيان أبلغوا عن حالات اغتصاب وقتل واختفاء قسري على هذا الطريق.
ويعد التنافس على الأرض من دوافع الصراع في دارفور منذ زمن بعيد. وقال إبراهيم إن القرى الواقعة على الطريق من الجنينة إلى أدري كانت للمساليت لكن القبائل العربية استوطنت بها منذ 2003.
وقال عدد من الشهود من الجنينة، التي تشهد انقطاعاً للاتصالات على نطاق كبير منذ أسابيع، إن غير العرب من ذوي البشرة الداكنة يتعرضون للاستهداف لا سيما المساليت.
وقال عبد الناصر عبد الله، الذي وصل إلى تشاد في 15 يونيو (حزيران)، لرويترز إن منزله كان واحداً من منازل كثيرة في حيه تعرضت للاقتحام وإن ابن عمه قتل بينما كان يختبئ فوق السطح.