النيابة تحفظ بلاغ وزارة الصحة ضد د.عبيد الوسمي وتؤكد أن انتقاد سياسات الوزارات ممارسة عملية للنظام الديمقراطي
قرر النائب العام المستشار ضرار العسعوسي حفظ البلاغ المقدم من وزارة الصحة ضد النائب في المجلس المبطل الأول عبيد الوسمي، واستبعاد شبهة الجريمة في الاتهامات المنسوبة إليه بوقائع اذاعة الأخبار الكاذبة والقذف والإساءة، وفق قانون هيئة الاتصالات، ومخالفة قانون جرائم تقنية المعلومات، على خلفية البلاغ المقام من وزارة الصحة ضد الوسمي، بسبب التغريدات التي قام بكتابتها في حسابه على “تويتر”.
وقالت النيابة، في أسباب حفظها لبلاغ الصحة ضد الوسمي، إن ما ذكره الأخير في تغريداته لا يخرج عن كونه صورة من صور حرية الرأي والتعبير التي كفلها الدستور الكويتي بالمادة 36 منه، كما تعد ممارسةً عملية للنظام الديمقراطي القائم في البلاد، من خلال الرقابة الشعبية، وقد قررت المحكمة الدستورية أن مبدأ السيادة الشعبية جوهر الديمقراطية وعمادها، وهذا لازمه أن يكون لأفراد الشعب أيضا رقابة شعبية فعالة يمارسها بالرأي الحر، مما يغدو معه الحق في الرقابة الشعبية فرعا من حرية التعبير، ونتاجا لها.
وأضافت النيابة: فلا يجوز، والأمر كذلك، وضع قيود على هذا الحق على غير مقتضى من طبيعته ومتطلبات ممارسته، ومصادرة هذه الحرية او فصلها عن ادواتها ووسائل مباشرتها، وإلا عُد ذلك هدما للديمقراطية في محتواها المقرر في الدستور وكفالة حق الافراد بممارسة الرقابة الشعبية لا يعني تطلب او افتراض ان كل ما يطرح من قبلهم بمناسبتها صحيح او حقيقي، ولكن مع ذلك لا يمكن حرمانهم من طرح افكارهم وآرائهم، طالما التزموا حدود القانون، فتكون تلك الآراء عرضة للمناقشة والأخذ والرد لا سطوة لرأي على آخر، فيرتقي بذلك الوعي لدى المجتمع وترتقي معها ثقافة قبول الاختلاف ويكون قادرا على التمييز بين الغث والسمين، لا يسيره حاقد او حاسد، ومما سبق نخلص الى انتفاء اركان الجناية المثارة.
وعن واقعة القذف المثار بتغريدات الوسمي، قالت النيابة إنه لم يتهم احدا بعينه بارتكاب واقعة تستوجب عقابه، وإنما تضمن كلامه الاشارة الى وقائع دون التعرض لشخوصها، الامر الذي يجعلها تندرج تحت نص المادة 214 من قانون الجزاء، والتي ابقت الفعل في نطاق الاباحة.
ولفتت إلى ان الواقعة التي كشف عنها المشكو في حقه تتعلق بالمصلحة العامة؛ لتعلقها بالأموال العامة، ولذلك فان اثارتها من قبله دون ان يتعدى ذلك الى التطاول على شخوصها يجعله متمتعا بالإباحة المنصوص عليها في المادة السابقة.
وأضافت: أما بشأن جنحة السب المثارة فيما تضمنته التغريدة الخامسة من لفظ كذاب ووقح، فلما كانت التغريدة قد خلت من إسناد تلك الأوصاف إلى شخص طبيعي بعينه او إلى شخص من الممكن تحديده، إذ يتعين لقيام جنحة السب، فضلا عن شكوى المجني عليه، أن تكون الألفاظ قد وجهت إلى شخص بعينه، وهو ما خلت منه الأوراق، بما نرى معه والحال كذلك استبعاد شبهة تلك الجنحة.
وبشأن ما أثارته الواقعة من مخالفة المادة 6 من القانون رقم 63 لسنة 2015 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات والمادتين 21/3 – 8، قالت النيابة: وفقا للثابت في التغريدتين الثالثة والرابعة أنهما تتضمنان التساؤل عن عدد المصابين من العاملين بالأجهزة الطبية وانتقاد مسلك وزيري الصحة والبلدية بالسماح لعمال المطاعم بالعمل دون فحصهم، وما تضمنه مقطع الفيديو من انتقاد لسياسات وزارة الصحة فجميعها أفعال تندرج تحت حرية الرأي والتعبير وما يتفرع عنها من حق النقد الذي تعرّفه محكمة النقض المصرية بأنه إبداء الرأي في أمر معين دون المساس بشخص صاحب الأمر، او العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته.
وقالت النيابة: ليس جائزاً افتراض أن أي واقعة جرى إسنادها الى احد القائمين بالعمل العام أنها واقعة زائفة او ان سوء القصد قد خالطها، كذلك فإن الآراء التي تم نشرها في حق احد ممن يباشرون جانبا من اختصاص الدولة لا يجوز تقييمها منفصلة عما توجبه المصلحة العامة في أعلى درجاتها من عرض انحرافاتهم، وأن يكون المواطنون على بينة من دخائلها، ويتعين دوما ان تتاح لكل مواطن فرصة مناقشتها واستظهار وجه الحق فيها.
وأكدت النيابة أنها لا تساير ممثل الشاكي بأن العبارات سالفة الاشارة تتضمن تحريضا لمخالفة القانون او تجريحا واساءة من شأنه تثبيط حماس وجهود العاملين في وزارة الصحة، في ظل جائحة كورونا، إذ ان الواقعة قد خلت من أي عبارات تشير تصريحا او تلميحا على توافر نية التحريض، كما أنه لا يمكن اعتبار نقد الافعال تجريحا او اساءة وإن قست الفاظه، هذا فضلا عن ان العاملين بوزارة الصحة من اطباء وممرضين وفنيين واداريين يتمتعون بوعي وادراك عال، وقادرون على التمييز بين النقد والنقض، يؤدون اعمالهم مدفوعين بقسم عظيم وضمير مخلص قويم لا يزحزحهما قول لئيم.