“الوصية الغائبة” .. أعاد المشاهدين إلى كويت الماضي
استحضر المسلسل التلفزيوني «الوصية الغائبة» التراث الكويتي على شاشة رمضان، بعدما أعاد المشاهدين إلى كويت الماضي بدءاً من خمسينات القرن الماضي ووصولاً إلى فترة السبعينات، مضيئاً على أهم القضايا الاجتماعية والعلاقات الإنسانية، السائدة خلال تلك الحقب الزمنية، فضلاً عن موضوعات أخرى تتعلّق بـ«زمان الطيبين… أهل الكويت الأولين» والتجار الذين كافحوا من أجل لقمة العيش.
فقد حرص المخرج حسين أبل على نقل التفاصيل بدقة وموضوعية، من حيث التصوير في البيوت الطينية و«الفرجان» العتيقة، في حين تألق الكاتب مشاري حمود العميري في نسج الأحداث الدرامية للعمل، ليستكمل مسيرته في تأريخ الماضي الجميل من خلال «الوصية الغائبة» بعد أن قدم العام 2020 مسلسل «رحى الأيام». في حين لعب أبطال العمل مباراة عالية في الأداء ورتمٍ متوازنٍ في الإيقاع، إذ حاز الفنان القدير جاسم النبهان إعجاب المشاهدين بشخصية «بو منصور» التي أداها وهو الرجل الحكيم، الذي يتحمل متاعب الأسرة والعمل ويعتبر نموذجاً للرجل الطيّب والمسالم. وكان النبهان بحق فناناً حكيماً في اختياره لهذه الشخصية.
كما أطلّ الفنان عبدالرحمن العقل بدور «بوسالم» الذي يعتبر محور الأحداث وأحد أبرز شخوص العمل، حيث تربطه علاقات ومعارف عديدة مع أهل الكويت وتجارها. فإذا أردنا الحديث عن فنان متمكن وذي باع طويل في التمثيل من طراز العقل لوجدنا أن الدور عادي بالنسبة إليه، ولكنه لن يكون عادياً بالنسبة لفنان آخر غيره.
وأدّى الفنان عبدالإمام عبدالله دور رجل الدين بامتياز، حيث كان ظهوره مفاجئاً للمشاهدين، إذ لم يتعودّوا مشاهدته بلحية طويلة قط، وهي المرة الأولى التي يقدم خلالها عبدالله هذا النمط من الأدوار، ويستحق منا الإشادة والثناء لما أظهره على مستوى «الكراكتر» والمضمون.
أما الفنان الراحل مشاري البلام فكان «ملح المسلسل» بأدائه لدور «مانع»، وهو من الأدوار الصعبة والمركبة، فبعد أن طلب البلام من الكاتب مشاري حمود العميري السقوط في السوق ومن ثم الموت، كان له ما أراد في آخر مشهد صوره في حياته… قبل أن يودّع مشهد الحياة ويغادر الدنيا.
أيضاً، لا نغفل مشاركة (أم أحمد) الفنانة عبير الجندي وابنها (أحمد) الفنان محمد الصيرفي، حيث شكلا ثنائياً ناجحاً بين الأم وابنها وبدا مُتفاهمين بالنظرات والكلام المُبطن في ما بينهما.
في حين، تألقت الفنانة زهرة عرفات بدور الزوجة الصبورة والمكافحة «منيرة» التي تتصف شخصيتها بالطيبة والتسامح، وهي التي تبدأ مأساتها بعد رحيل زوجها الذي قدمه الفنان محمد العلوي. ويُحسب لعرفات قدرتها على التأقلم مع الدور بكل احترافية، معتمدة على خبرتها الطويلة في الدراما التراثية.
… وليس غريباً على الفنان محمد العلوي هذا التميّز في العمل، حيث قدّم ببراعة فائقة شخصيتي الأب والابن، في خطين دراميين مختلفين بمسلسل درامي واحد، وهذا ما لا يقدر عليه إلا فنان ذو مواصفات خاصة.
ونجح الفنان عبدالله الخضر في تجسيد دور الرجل «الرزين» الباحث عن العلم والأدب والتطور، وقد ابتعد كلياً عن أدوار الكوميديا التي اشتهر بها في أعمال سابقة، ليظهر في «الوصية الغائبة» بحلُة جديدة، بعدما أثبت قدراته وإحساسه العالي في التراجيديا أيضاً.
المصدر: الراي