باحثون: الحزن قد يؤدي إلى اعتلال الصحة
تمنح بعض المشاعر التي نعيشها في الحياة فوائد بيولوجية للجسم، حيث يساعد الغضب أو الخوف أو الشهوة في الدفاع أو الهروب أو التكاثر، فيما الحزن بلا فائدة بيولوجية للصحة.
ويصف الباحثون الحزن بأنه الجانب الآخر من الحب، وتقول أستاذة الرعاية التلطيفية للأطفال والشباب في جامعة Cederschiöld في ستوكهولم، أولريكا كروتزبرج: على سبيل المثال الآباء والأمهات الذين فقدوا طفلهم أكثر عرضة للإصابة بأمراض عقلية”. “إنهم ينامون بشكل سيئ ولا يشعرون بصحة جيدة. فقط بعد سبع إلى تسع سنوات بدأوا يشعرون بنفس شعور الآباء الذين لم يفقدوا طفلهم.”
وتشير كروتزبرج إلى دراسة تسجيل دنماركية كبيرة لأكثر من مليون من الوالدين تبين أن والدي الطفل المتوفى معرضون لخطر دخول المستشفى بنسبة 60 إلى 80٪ بسبب الاضطرابات النفسية، وأن الأمهات معرضات لخطر أكبر و 40٪ خطر أكبر للإصابة به،هم أنفسهم يموتون خلال الثمانية عشر عاما الأولى بعد فقدان طفل مقارنة بالوالدين الذين لم يفقدوا طفلا، وبالتالي فإن إمكانية الموت من الحزن هي حقيقة مثبتة طبياً.
يقول الباحث دانغ وي :”هناك عدد من الآليات وراء زيادة خطر الموت، في جزء منه الآثار النفسية هي التي تؤدي إلى القلق والاكتئاب، والتي بدورها تزيد من خطر الانتحار، هناك أيضا المزيد من التأثيرات البيولوجية المباشرة”.
يقول وي: “عندما تشعر بحزن عميق مثل فقدان طفل، فإنك تعاني أيضا من نوع من الصدمة التي تؤثر على إفراز هرمونات الجسم ونظام القلب والأوعية الدموية، ويتم إطلاق مؤشرات حيوية مختلفة تؤدي إلى الالتهاب وارتفاع ضغط الدم، ارتفاع معدل ضربات القلب وانخفاض معدل ضربات القلب، هذه التغييرات تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية”.
متلازمة القلب المنكسر
يقول وي: “إذا كان الشخص يعاني من حدث يغير حياته، فقد يتضرر قلب الشخص، ومن ثم لا يستطيع ضخ الدم الكافي إلى الأعضاء. لذلك هناك صلة.”
استخدم وي كلا من سجلات المواليد السويدية والدنماركية وقام بتحليل أكثر من 6.7 مليون من الآباء والأمهات الذين لديهم أطفال بين عامي 1973 و 2016.
ووجد أن الآباء الذين فقدوا طفلا لديهم مخاطر أعلى بشكل ملحوظ للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية واحتشاء القلب.
ويكون الخطر أكبر بكثير في الأسبوع الذي يلي وفاة الطفل، عندما يكون الوالدان معرضين لخطر الإصابة بنوبة قلبية أكبر بأربعة أضعاف من الآباء الذين لم يفقدوا طفلا. ويكون الخطر أعلى إلى حد ما بين الآباء الذين مات أطفالهم بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية ، مما قد يشير إلى مخاطر مرتبطة بالقلب في الأسرة، ولكن حتى بالنسبة للآباء الذين مات أطفالهم لأسباب أخرى، هناك زيادة واضحة في خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية واحتشاء القلب.
وبحسب الدراسة تنخفض المخاطر بمرور الوقت، ولكن حتى مع فترة متابعة تزيد عن 20 عاما، لا تنخفض المخاطر إلى الصفر.
يقول وي: “حتى بعد عشر سنوات، يمكننا أن نرى أن الآباء لديهم ما بين 10 و 15٪ زيادة في خطر الإصابة بأمراض القلب وبعد 20 عاما، لا يزالون متأثرين، ليس بنفس القدر في البداية”.
يقول وي إن سبب استمرار خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لفترة طويلة يرجع إلى التأثير المركب، و يزيد تأثير الصدمة الفيزيولوجية المباشرة من الخطر فور الوفاة، في حين أن الآثار النفسية لها تأثير لفترة أطول من الزمن.
يضيف وي: “فرضيتنا أن التأثيرات النفسية والفيزيولوجية المختلفة للحزن الشديد تتفاقم بطريقة مؤسفة بحيث تظل المخاطر المرتبطة بالقلب مرتفعة لفترة طويلة من الزمن””.
يشير الباحثان أيضا إلى حقيقة متناقضة إلى حد ما مفادها أنه في المجتمعات الغربية اليوم، من الصعب أن تعاني من حزن فقدان طفل مما كان عليه من قبل.
تقول كروتزبرج : “في السويد قبل 150 عاما، تحملت جميع العائلات تقريبا حزن فقدان طفل أو اثنين، ولكن اليوم من غير المعتاد أن تفقد طفلا لدرجة أنك تصبح وحيدا جدا في هذا الشعور. أناأعتقد أن جهلنا بالحزن يجعل احتماله أكثر صعوبة “.
وبحسب البحوث يمكن ملاحظة ذلك أيضا عندما يلتقي الآباء الذين فقدوا طفلا في شبكات مختلفة.
تستند دراسات كروتزبرج للآباء الذين فقدوا طفلا إلى دراسات استقصائية وطنية كبرى وتُظهر أن الحزن يؤثر على الوالدين بشكل متساو نسبيا ومن الصعب الإشارة إلى أي اختلافات واضحة في الجنس، ومع ذلك، غالبا ما يتعامل الرجال مع حزنهم بشكل مختلف عن النساء.
تشرح كروتزبرج :”يميل الرجال إلى التحدث مع شركائهم عن حزنهم، نادرا ما يرغبون في الذهاب إلى معالج، في بعض الأحيان يمكنهم العثور على سبيل المثال، على شريك في لعبة التنس والتعامل مع حزنهم بهذه الطريقة.”
تقول كروتزبرج :”إن الأشقاء غالبا ما يتجنبون الحديث عن الشقيق المتوفي لأنهم يريدون حماية والديهم، لكن في نفس الوقت يساهم هذا في زيادة مخاطر الآثار النفسية لأنهم لا يتحدثون، لتحديد ما إذا كان من الممكن تجنب ذلك يتم الآن إجراء دراسة يتخذ فيها الباحثون نهجا جديدا لهذه المشكلة.
يقول كروتزبرج :” إننا نقوم بتدخل موجه نحو الأسرة وليس الحزن، خلال فترة المرض نفتح أبواب التواصل العائلي حيث نتحدث مع الأسرة عن المرض ونتحدث مع كل فرد من أفراد الأسرة حول احتياجاتهم، بما في ذلك الطفل المريض، كيف تريدنا أن نتحدث حول هذا معا؟ ما الذي لم تقله من قبل؟ هل يمكننا مساعدتك في قول ذلك لعائلتك؟ نعتقد أنه يمكننا مساعدة كل من الأسر التي يعيش فيها الطفل وتلك التي يموت فيها الطفل “.
وسبق أن أظهرت أن الآباء الذين تحدثوا عن مشاكلهم أثناء مرض الطفل والذين تلقوا دعما نفسيا خلال الشهر الأخير من عمر الطفل، تمكنوا من معالجة حزنهم بدرجة أعلى بكثير من أولئك الذين لم يتلقوا هذا النوع من الدعم. لكن في السويد ، فإن التعامل مع العائلات المفجوعة ورعايتها بعيدان عن المستوى الأمثل. لا توجد خطة منهجية لكيفية تقديم الدعم. على العكس من ذلك ، تم تفكيك الدعم.
كيفية مساعدة شخص يشعر بالحزن الشديد
تقول كروتزبرج :”لا يحتاج دعم شخص يعاني من الحزن إلى التعقيد”.
تولى القيادة ونظم المساعدة للأسرة، يرغب الكثير من الأشخاص في وجود شخص يتصل به يمكنه إدارة من سيفعل ماذا ومتى. كن هناك واستمع، غالبا ما يرغب الأشخاص الذين يشعرون بالحزن في التحدث عن تجربتهم، لكن في بعض الأحيان لا يفعلون ذلك. أظهر أنك موجود ومستعد للاستماع، لكن دع الشخص الحزين يأخذ زمام المبادرة، من الأفضل أحيانا التحدث عن الطقس. النشاط البدني، يمكن أن تساعد التمارين الرياضية في علاج كل من الأعراض والأعراض النفسية للقلب، لكن الشخص الذي فقد للتو أحد أفراد أسرته ليس لديه أي رغبة كبيرة في ممارسة الرياضة، لذلك يمكن للأصدقاء وأفراد الأسرة المساعدة من خلال تشجيعهم على المشي بين الحين والآخر.