باحثون في أميركا يسعون إلى تحسين سمعة القرش
شهدت ولاية فلوريدا الأميركية أكبر عدد من هجمات أسماك القرش على البشر عام 2023، لكن الخبراء يسعون إلى تلميع صورة هذه الحيوانات، وإلى تغيير الانطباع السائد عنها بأنها متوحشة.
وأفاد التقرير السنوي الصادر عن السجل العالمي لهجمات أسماك القرش التابع لجامعة فلوريدا الأميركية بأن عدد عضّات أسماك القرش «غير الناتجة عن استفزاز» ارتفع من 63 عام 2022 إلى 69 عام 2023 في كل أنحاء العالم.
ووقع 16 من هذه الهجمات في هذه الولاية الواقعة جنوب شرقي الولايات المتحدة، أي ما نسبته 23 في المئة من الرقم الإجمالي العالمي.
وتُميز الدراسة بين الهجمات «غير الناتجة عن استفزاز» وتلك «الناتجة عن استفزاز»، أي العضّات التي تحصل عندما يقترب إنسان عمداً من سمكة قرش أو يسبح في منطقة يوجد بها طُعم يُستخدم لجذب الأسماك.
وتحدث هذه الهجمات عندما يوجد الكثير من أسماك القرش والناس في الماء، وهما شرطان متوافران في فلوريدا، على ما شرح المعدّ المشارك للتقرير غافين نايلور لوكالة «فرانس برس».
فمن ناحية، تجذب فلوريدا الواقعة على خط عرض شبه استوائي أسماك القرش إذ أن مياه جرفها القاري غنية بالمواد المغذية وبالتالي بالأسماك.
ومن ناحية أخرى، يستقطب شاطئها الممتد مسافة طويلة وطقسها الجيد وسمعتها الاحتفالية أعدادا كبيرة من السياح.
وقال غافين نايلور الذي يدير برنامج فلوريدا لأبحاث القرش في متحف فلوريدا للتاريخ الطبيعي «عندما تطارد أسماك القرش الأسماك، يعترض الناس طريقها أحياناً فتعضهم أسماك القرش من طريق الخطأ».
وتكون الهجمات غير مقصودة في نحو 95 في المئة من الحالات، بسبب ضعف الرؤية وسوء الحظ. ولو أرادت أسماك القرش مهاجمة البشر، فسيسجّل ما بين عشرة آلاف و50 ألف هجوم يومياً في كل أنحاء العالم.
ووصف البشر بأنهم «هدف سهل جداً، إذ أنهم كالنقانق العائمة أمام سمكة القرش، وبالتالي نعلم أنها تتجنبهم».
ويعرف بروس آدامز أن خطر التعرض لهجوم سمكة قرش محدود، حتى بالنسبة إلى سكان نيو سميرنا بيتش التي تُعدّ «عاصمة هجمات أسماك القرش في العالم».
وشهدت هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 30 ألف نسمة وتقع في مقاطعة فولوسيا نصف حالات الهجمات في فلوريدا العام الفائت.
فالمياه العكرة في نيو سميرنا بيتش التي يكثر فيها راكبو الأمواج، تزيد من احتمالية أن تعض أسماك القرش شخصاً ما من طريق الخطأ.
وغالباً ما يأخذ آدامز لوحه لركوب الأمواج إلى المنطقة ويتذكر بعض الحوادث المخيفة مع هذه الحيوانات.
ولاحظ أن «الأمر أشبه بتحطم طائرة، فإذا تعرض شخص ما لهجوم، يشكّل ذلك خبراً لافتا» يثير اهتمام وسائل الإعلام ويتصدر عناوينها.
وأعرب جو ميغيز الذي تولى إعداد التقرير مع غافين نايلور، عن رغبته في وضع حد للسمعة السيئة لأسماك القرش، عازياً إياها إلى الخوف من المجهول.
وأوضح أن «أناساً كثراً سبحوا في مياه كانت أسماك القرش موجودة فيها أيضاً من دون أن يدركوا ذلك». وأضاف «في الواقع، هي لا تريد أن تفعل بنا شيئاً».
وفي مدينة جوبيتر، على بعد 150 كيلومترا إلى الشمال من ميامي، يرافق جوناثان كامبل نحو عشرة من هواة الغوص مع أسماك القرش ويرغب هو الآخر في تحسين صورة هذه الحيوانات.
وعندما يصل القارب إلى المنطقة المحددة، يغوص كامبل في الماء ومعه علبة مليئة بقطع سمك يرميها في الماء، ثم يُصدر ضوضاء وبعض التحركات وينتظر.
وقال المهندس البالغ 49 عاماً الذي غاص حتى اليوم أكثر من 500 مرة مع أسماك القرش «إنه أكثر مكان أشعر فيه بالطمأنينة».
ولاحظ أن «أسماك القرش التي تصورها الأفلام وحوشاً مرعبة، تكون في الماء أشبه بالجراء الخجولة».
وفي مختبر البروفيسور نايلور، نبّه جو ميغيز إلى مستقبل هذه الأنواع الموجودة منذ 400 مليون سنة، إذ أن أعدادها تناقصت في العقود الأخيرة.
وأظهرت دراسة نشرتها عام 2021 مجلة «نيتشر» أن عدد أسماك القرش والشفنينيات انخفض على مستوى العالم بنسبة 71 في المئة منذ عام 1970.
وقال «علينا أن نركز أكثر على حمايتها بدلاً من القول إنها آتية لالتهامنا».