رياضة

باريس 2024.. أول دورة ألعاب بتأثير الذكاء الاصطناعي

ستكون دورة الألعاب الأولمبية (باريس 2024) هي الأولى التي يمكن أن يلمس فيها مشاركون ومتفرجون استخدام الذكاء الاصطناعي، وإن كان لا يمكن مقارنتها بالطفرة الكبرى المتوقعة في نسخة لوس أنجلوس 2028، التي سيعتمد تنظيمها إلى حد كبير على البيانات التي تتم معالجتها عبر نماذج رياضية.

وهناك العديد من المجالات التي ستستفيد من استخدام الذكاء الاصطناعي، من بينها النقل والتكنولوجيا وتصميم الملاعب واختيار الموظفين وتوفير الطاقة والتوليد التلقائي لملخصات الصور والتحكيم.. مع التحدي المتمثل في خلق أولمبياد” إن لم يكن أفضل، فأكثر كفاءة”.

وهذه هي وجهة نظر مدير تكنولوجيا المعلومات في اللجنة الأولمبية الدولية، السويسري إيلاريو كورنا، الذي يؤكد أن “الرياضة ليست بمنأى عن تسارع استخدام الذكاء الاصطناعي والتغييرات التي سيحدثها”.

وقال كورنا في مقابلة مع وكالة (إفي): “نحن نعتبرها فرصة لزيادة المساواة والتميز والتضامن في الحركة الأولمبية”.

وأنشأت اللجنة الأولمبية الدولية مجموعة عمل في عام 2023، انبثقت عن مناقشاتها ‘الأجندة الأولمبية للذكاء الاصطناعي’، والتي تتضمن خمسة أهداف:

دعم الرياضيين

المنافسة النظيفة

الرياضة الآمنة

والمساواة في الحصول على فوائد الذكاء الاصطناعي

الاستدامة

والمشاركة العامة

والكفاءة في حوكمة اللجنة الأولمبية الدولية

وتعتقد الهيئة أن الذكاء الاصطناعي “لديه القدرة على تغيير حياة الرياضيين في جميع أنحاء العالم” في جميع المجالات التي تؤثر عليهم، من الوقاية من الإصابات إلى الحماية من التحرش عبر الإنترنت، ومن برمجة التدريبات الشخصية إلى تحسين وضع التحكيم.

وذكر كورنا أنه في باريس، “سيتم استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء مقاطع فيديو تلقائية لمستخدمي الإنترنت”.

وخلال دورة الألعاب الأولمبية، سيكون هناك “أكثر من 11 ألف ساعة” من لقطات الفيديو، “أي ما يعادل حوالي 1,2 عام”، لذلك من المفهوم أن هيئات البث التي تملك الحقوق “لا تملك الوقت أو الموارد لتتبع” كل ذلك، وبفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن تخصيص الصور “ويمكن إنشاء مقاطع مختلفة” وفقاً لتفضيلات المستخدم.

وستوفر اللجنة الأولمبية الدولية أيضاً للرياضيين روبوت محادثة إذا كانت لديهم أسئلة حول قواعد المشاركة.

وتابع كورنا: “لدينا الكثير من القواعد وسنكون قادرين على استيعابها في الدردشة”، وسلط الضوء على تطورين “وراء الكواليس” يتمثلان في المراقبة “في الوقت الفعلي” لاستهلاك الطاقة خلال الألعاب، ومراقبة الذكاء الاصطناعي للإساءات والمضايقات التي يتعرض لها الرياضيون على وسائل التواصل الاجتماعي، بحيث يمكن إخطار المنصات لإزالة الرسائل المسيئة.

وفيما يتعلق بالتحكيم، قال كورنا إن لديهم “شيئاً جاهزاً” “سيكون ثورياً حقاً بالنسبة لوسائل الإعلام والمذيعين، وأيضاً بالنسبة للجماهير في المستقبل”.

وحول القضية الكبرى المثيرة للقلق حول الألعاب، وهي الأمن، كان مسؤول اللجنة الأولمبية الدولية حذرا بقوله: “هذا سؤال لا يمكنني الإجابة عليه للأسف لأنه ليس من اختصاصي، الأمن السيبراني جزء منه، ونحن نستخدم الذكاء الاصطناعي منذ انضمامي إلى المشروع، نحن فقط نواصل ما كنا نقوم به، ونحاول أن نبقى متقدمين على بعض الأشخاص”.

وأكمل: “يتحرك الذكاء الاصطناعي بسرعة فائقة في الوقت الحالي، علينا أن نتأكد من أننا نتقدم إلى الأمام، لأنه كما يقول شعارنا، إذا لم تتغير فسوف يتم استبدالك”.

وتوقع كورنا “تطوراً” في تطبيق الذكاء الاصطناعي في دورة الألعاب الشتوية في ميلانو عام 2026، “لكن التغيير الحقيقي سيحدث في لوس أنجلوس 2028”.

وقال: “على سبيل المثال، سنقوم بوضع أولوية لنماذج الطقس وأنماط الأرصاد الجوية في لوس أنجلوس، والتنبؤ بكمية الطاقة التي سيتم استهلاكها بالفعل، سنقوم بتعديلها لنعرف ما إذا كنا سنستخدم مكيفات هواء أكثر أو أقل، وسنكون قادرين على حساب حجم المولدات التي نحتاجها بدقة أكبر، والطاقة التي سنستهلكها، ومن ثم سنكون قادرين على الذهاب إلى المرافق وإعطائهم تلك المعلومات”.

ووفقاً لكورنا: “لا يمكن القول بأنه سيكون هناك ألعاب أفضل، لأن سحر الأولمبياد كان وسيظل موجوداً دائماً، ولكن يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تنظيمها بكفاءة أكبر”.

وتابع: “يستهلك الذكاء الاصطناعي أيضاً موارد. علينا إجراء الحسابات النهائية، لكن في الوقت الحالي نعتقد أنه سيجعل الألعاب أكثر استدامة وأسهل في التخطيط، بعد باريس سنقوم بهذه التحليلات التجارية، وسنكون قادرين على الإجابة بشكل أكثر دقة في ضوء الأرقام”.

كما سيكون الوقت قد حان بعد ذلك لتقييم المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي، ومن بين هذه المخاطر التي تذكرها ‘أجندة اللجنة الأولمبية الدولية’ خصوصية البيانات وأمنها، وتأثيرها على الوظائف والبصمة البيئية.

واستطرد: “نعم، هناك تهديدات، وهناك أشياء يجب أن ننظر إليها. لقد وضعنا في الأجندة الأولمبية إطار عمل للنظر في هذه المخاطر وفهمها، وسنواصل مراجعتها بعد باريس، لأن باريس مهمة للغاية بالنسبة لنا”.

وبسؤاله عن الوقت الذي يمكن فيه للذكاء الاصطناعي أن يتنبأ بيقين تام بمن سيفوز بسباق 100 متر، قال كورنا: “إنه سؤال دقيق”، لكن “سيتعين علينا دائماً إجراء سباق 100 متر، قد يكون لدينا ما يكفي من البيانات لتحليلها، لكنني ما زلت أؤمن بسحر الألعاب الأولمبية”.

ومن بين أعضاء مجموعة عمل الذكاء الاصطناعي التابعة للجنة الأولمبية الدولية البريطاني أليستر براونلي، البطل الأولمبي في الترياتلون لعامي 2016 و2018، والذي أطلق هذا العام، مع شقيقه جوناثان، برنامج ‘Ask AL’، وهو عبارة عن تطبيق ذكاء اصطناعي مجاني للمحادثة مصمم لمساعدة الرياضيين في تدريباتهم.

وعند سؤاله “ما هي أفضل مراكز التدريب في العالم”، يستغرق البرنامج بضع ثوانٍ فقط ليقدم قائمة بـ”المراكز التي تحتوي على مرافق عالمية المستوى وبرامج متخصصة”.

ولكن بسؤاله عمن سيكون بطل الترياتلون الأولمبي في باريس 2024، يجيب: “لا يمكنك التنبؤ بشكل مؤكد، فالمنافسة متقاربة للغاية وتعتمد على العديد من العوامل، بما في ذلك الاستعدادات واللياقة البدنية وظروف يوم السباق”، ليجيب النموذج بشكل أكثر منطقية من العديد من البشر.

زر الذهاب إلى الأعلى