بحث بريطاني يسعى لإعادة تنظيم برنامج المسح الخاص بسرطان الثدي
يُجري كبار الأطباء في بريطانيا بحثاً قد يؤدي إلى إعادة تنظيم جذرية لبرنامج المسح الخاص بسرطان الثدي في خدمة الصحة الوطنية، منذ إطلاقه قبل نحو 30 عاماً.
ويتم إطلاق التجربة في محاولة لمعالجة المخاوف طويلة الأمد من أن النظام عرضة لإنذارات كاذبة وحالات سرطان ثدي غير مكتشفة في بعض النساء.
وأفادت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية أنه في حال أثبتت الدارسات نجاحها، فقد تتم دعوة النساء لإجراء أول تصوير شعاعي للثدي في سن الأربعين، أي قبل عقد عما هو معتمد الآن، أي سن الخمسين.
وبدلاً من إجراء فحص واحد، سيعرض عليهن مجموعة من الاختبارات لتحديد درجة خطر الإصابة بسرطان الثدي، مع استخدام النتائج لتحديد موعد حضورهن الفحص التالي.
ويتم تقديم فحص سرطان الثدي حالياً لجميع النساء في المملكة المتحدة التي تتراوح أعمارهن بين 50 الى 70 عاماً، كل ثلاث سنوات.
ومع ذلك، فقد انتقد الخبراء منذ فترة طويلة الأساليب المستخدمة. فتصوير الثدي بالأشعة السينينة قد يعطي نتائج إيجابية خطأ في نحو ثلاث نساء من بين كل 100 امرأة، ما يسبب قلقاً لا داعي له.
كما أن أنسجة الثدي عالية الكثافة تمثل أيضاً مشكلة حيث تظهر على الأشعة باللون الأبيض تماماً مثل الأورام.
ويقول الأطباء أيضا أن فحص الثدي يؤدي إلى اكتشاف أورام صغيرة في مرحلة مبكرة قد لا تواصل النمو، وتكمن الصعوبة في استحالة معرفة أي منها سينمو، لذلك يتم علاجهن جميعاً.
وأوضحت اختصاصية الأشعة بجامعة كامبريدج فيونا غيلبيرت أن تصوير الثدي بالأشعة السينية أثبت أنه منقذ للحياة، لكن يمكننا أن نفعل ما هو أفضل.
وفي تجربة تدعمها مؤسسة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة وفي مواقع أخرى في المملكة المتحدة، يتم إجراء مجموعة من الفحوص على 8 آلاف امرأة لديهن أنسجة ثدي كثيفة.
وسيحصل بعضهن على تصوير بالموجات فوق الصوتية، وسيخضع بعضهن الآخر لتصوير الرنين المغناطيسي، الذي يمكن أن ينتج صوراً مفصلة للأنسجة الرخوة داخل الجسم.
كما يتم إجراء تصوير الثدي بالأشعة السينية لمجموعة أخرى بحقنهن صبغة تساعد على تمييز الأورام عن أنسجة الثدي الأخرى في الأشعة السينية.
وفي مستشفى أدنبروك بكامبريدج ومانشستر ولييدز، تم تجنيد 10 آلاف امرأة، نصفهن سيخضع لتصوير الثدي كل ثلاث سنوات، والنصف الآخر لمجموعة أولية من الاختبارات، بما في ذلك فحوص لتقييم كثافة الثدي واختبار اللعاب لفحص أي مواد جينية قد تضعهن في خطر، واستبيان صحي مفصل.
وسيتم استدعاء النساء المعرضات لمخاطر منخفضة لإعادة التقييم مرة كل أربع سنوات في حين سيتم استدعاء النساء الأكثر عرضة للخطر مرة واحد في السنة.
وقالت غيلبيرت: “تكون النساء أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي في الستينات او السبعينات من العمر، العمر هو أكبر عامل خطر، لكن النساء الأصغر سناً يصبن بسرطان الثدي ايضاً. وفي الوقت الحالي لا نقدم أي شيء للشابات إلا إذا كن لديهن تاريخ عائلي”.
وتدار حالياً برامج لفحص الثدي في أنحاء العالم، بعد أن أشارت تجارب كبيرة إلى أن النساء اللاتي يخضعن لتصوير الثدي بالأشعة السينية بانتظام كن أقل عرضة للوفاة بسرطان الثدي. لكن تقريراً أجرته “كوكرين للأبحاث الطبية” عام 2013، وجد ان فحص 2000 امرأة أدى إلى حالة وفاة أقل، وأسفر عن علاج 10 نساء بصحة جيدة مصابات بسرطان “غير ضار” دون داع، وإصابة 200 امرأة بـ”الكرب والقلق” بسبب نتائج إيجابية كاذبة.
وقال المدير السريري لمركز “بارتس لسرطان الثدي” بمستشفى سانت بارثولوميو، البرفسور بيتر شميد: “ليس لدي شك في أن الفحص مفيد، لكنه ليس مثالياً”.
ويمكننا الآن علاج العديد من سرطانات الثدي حتى لو تم اكتشافها في مرحلة لاحقة.
وبدوره، قال المسؤول عن إعداد برنامج الفحص في المملكة المتحدة، مايكل بوم، في جامعة يونيفرستي كولدج لندن: يبدو أن شعار “التقطه مبكرا تنقذ حياة” مقنع، لكنه ببساطة لا يعمل.
ومع تحسن العلم بشكل أفضل قد نكون قادرين على تضييق نطاق النساء المعرضات لخطر كبير للوفاة بسرطان الثدي وتقديم الفحص لهن، بدلاً من مجرد دعوة جميع النساء”.