بعد هجمات الإحتلال.. النازحون في غزة يفرون مجدداً
تجمع عشرات الآلاف من النازحين الجدد في قطاع غزة أسفل خيام من القماش المشمع، الجمعة، في وسط القطاع، بعد الفرار من أحدث هجوم تشنه الدبابات الإسرائيلية، فيما استهدفت الطائرات الحربية الجنوب وسوّت المنازل بالأرض ودفنت تحتها الأسر التي كانت نائمة.
وتنهي إسرائيل العام بهجمات جديدة في وسط وجنوب غزة، الأمر الذي أدى لموجة نزوح جديدة للسكان الذين فروا بالفعل من مناطق أخرى، فيما وصفه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بأنه مرحلة أساسية من مهمة تدمير حماس.
وفي رفح بجنوب القطاع شاهد صحفيون من رويترز في موقع إحدى الضربات الجوية التي دمرت مبنى، رأس رضيع مدفون يخرج من تحت الأنقاض.
وصرخ الطفل بينما قام أحد عمال الإنقاذ بحماية رأسه بيده، بينما طرق آخر على إزميل في محاولة لتكسير لوح من الخرسانة لتحريره.
وقال أحد الجيران ويدعى سند أبو ثابت إن المنزل المكون من طابقين كان مكتظاً بالنازحين.
وبعد بزوغ النهار جاء الأقارب لأخذ الجثث الملفوفة في أكفان بيضاء.
ويفر عشرات الآلاف من سكان غزة من البريج والمغازي والنصيرات في وسط القطاع بموجب أوامر إسرائيلية، بعد توغل الدبابات من شمال وشرق القطاع. وتوجه معظمهم جنوباً أو غرباً إلى مدينة دير البلح المزدحمة بالفعل بالنازحين، حيث أقاموا مخيمات مؤقتة مصنوعة من ألواح البلاستيك في أي أرض مفتوحة متاحة.
لا مؤشر على خفض وتيرة الهجوم
بعد 12 أسبوعاً من الهجوم الذي شنه مقاتلو حركة حماس على بلدات في جنوب إسرائيل، التي تقول إنه تسبب في مقتل 1200 وأخذ 240 رهينة، حولت القوات الإسرائيلية الكثير من قطاع غزة إلى أنقاض.
ونزح جميع سكان القطاع تقريباً البالغ عددهم 2.3 مليون شخص من منازلهم مرة واحدة على الأقل، ويفر الكثيرون الآن لثالث أو رابع مرة.
وأعلنت السلطات الصحية في غزة مقتل أكثر من 21 ألف شخص، أي نحو 1% من سكان القطاع، ويخشى أن آلاف الجثث لا تزال مدفونة أسفل الأنقاض.
وقالت الأمم المتحدة إن آلافاً آخرين ربما قضوا نحبهم بسبب النقص الحاد في الغذاء والدواء والمياه النظيفة والمأوى الملائم.
وتقول إسرائيل إنها تفعل كل ما بوسعها لحماية المدنيين، وتتهم مقاتلي حماس بإلحاق الأذى بهم، لأنهم يعملون وسط السكان، وهو ما تنفيه الحركة.
ودعت الولايات المتحدة، أقرب حليف لإسرائيل، هذا الشهر، إلى تخفيف وتيرة الحرب الشاملة في الأسابيع المقبلة والتحول إلى عمليات مستهدفة ضد قادة حماس.
لكن حتى الآن لا تظهر إسرائيل أي مؤشرات على فعل ذلك، إذ شنت هجوماً جديداً في الأسبوع الأخير من العام، بدأ بقصف مكثف على المناطق الوسطى.
وأصدرت إسرائيل اعتذاراً نادراً، الخميس، عن قتل مدنيين في ضربة جوية ضخمة عشية عيد الميلاد، تقول السلطات الفلسطينية إنها قتلت العشرات وتسببت في إحدى أكبر موجات النزوح منذ بداية الحرب.
ويقول السكان إن القوات الإسرائيلية توغلت في البريج بوسط غزة في اليومين الماضيين، فيما لا يزال القتال العنيف مستمراً في الضواحي الشرقية. وكان القصف عنيفاً هناك على وجه الخصوص وفي النصيرات والمغازي المجاورتين.
وأظهر مقطع صوره متطوع من الهلال الأحمر الفلسطيني في المغازي انتشال الموتى والمصابين من المباني المدمرة هناك. وذكرت وسائل إعلام فلسطينية أن ضربات استهدفت النصيرات قتلت ما لا يقل عن 35 شخصاً أثناء الليل.
وفي الجنوب تقصف القوات الإسرائيلية خان يونس أيضاً، استعداداً لمزيد من التوغل في المدينة الرئيسية بجنوب القطاع والتي استولت القوات على مساحات واسعة منها في أوائل ديسمبر(كانون الأول). ووصف غالانت التوغل هناك بأنه “مهمة لم تنفذ من قبل”، وقال إن القوات تصل إلى مراكز قيادة حماس ومخازن أسلحتها.
وأضاف “عملياتنا أساسية لتحقيق أهداف الحرب، نرى النتائج وتدمير قوات العدو”.
وتقول إسرائيل إنها ستواصل القتال لحين القضاء على حماس.
ويقول الفلسطينيون إن مثل هذا الهدف لا يمكن تحقيقه بسبب الهيكل المنتشر للحركة وجذورها العميقة في القطاع الذي تحكمه منذ 2007.
ويدافع حلفاء إسرائيل في الغرب، وفي مقدمتهم واشنطن، عن حقها في الدفاع عن نفسها بالرد على حماس، لكن قلقهم يتزايد بسبب العدد الهائل من القتلى والدمار على الصعيد الإنساني.
ولم تثمر جهود الوساطة التي تقوم بها مصر وقطر من أجل التفاوض لوقف إطلاق النار منذ انتهاء هدنة استمرت أسبوعاً في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني).
وقالت مصر، التي استضافت قادة من حماس وحركة الجهاد الإسلامي في الأسبوع الماضي، الخميس، إنها تنتظر رداً من الجانبين على خطة سلام مقترحة.