بكين تحارب جائحة كورونا بـ”الطب الصيني التقليدي” !
قالت الصين إن الطب الصيني التقليدي تم استخدامه في علاج 92% من جميع حالات الإصابة المؤكدة بمرض فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” في الصين، فما هو الطب الصيني التقليدي؟ وعلى ماذا يرتكز؟
أصدرت الصين كتابا أبيض بشأن معركة البلاد ضد مرض فيروس كورونا المستجد، وصدر الكتاب عن مكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة تحت عنوان “مكافحة كوفيد-19.. الصين تتحرك”، وذلك وفقا لوكالة شينخوا للأنباء.
وجاء إصدار الكتاب لتسجيل جهود البلاد في مكافحتها للفيروس وتقاسم خبراتها مع بقية العالم وتوضيح أفكارها بشأن المعركة العالمية، وفقا لما جاء في الكتاب الأبيض.
وأضاف الكتاب أنه في مواجهة “المرض المجهول وغير المتوقع والمدمر” شنت الصين معركة حازمة للوقاية منه والسيطرة عليه.
معدل شفاء مرتفع
ووفقا للكتاب الأبيض، فإن معدل الشفاء لمرضى كوفيد-19 وصل إلى أكثر من 94% في البر الرئيسي الصيني، وحتى نهاية مايو/أيار الماضي تم الإبلاغ عن 83 ألفا و17 حالة مؤكدة في البر الرئيسي الصيني، وغادر 78 ألفا و307 مصابين المستشفيات بعد شفائهم، فيما توفي 4634 شخصا بسبب المرض.
وذكر أن الطب الصيني التقليدي تم استخدامه في علاج 92% من جميع حالات الإصابة المؤكدة بمرض فيروس كورونا المستجد في الصين.
وأضاف الكتاب الأبيض أنه تم تطوير مجموعة من بروتوكولات التشخيص والعلاج للطب الصيني التقليدي لتغطية العمليات الكاملة المتمثلة في الملاحظة الطبية، وعلاج الحالات الخفيفة والمعتدلة والخطيرة والحرجة، والتعافي، وقد تم تطبيقها على الصعيد الوطني.
وأشار إلى أن أكثر من 90% من الحالات المؤكدة في مقاطعة هوبي -التي كانت قد تضررت بشدة من كوفيد-19- قد تلقت علاجات بالطب الصيني التقليدي أثبتت فعاليتها.
ما هو الطب الصيني التقليدي؟
ويعود تاريخ الطب الصيني التقليدي إلى آلاف السنين ولم يتغير كثيرا على مر القرون، ومفهومه الأساسي هو أن قوة حيوية من الحياة تسمى “تشي” تنتشر في الجسم، وأي خلل في التشي يمكن أن يسبب والمرض، وغالبا ما يعتقد أن هذا الخلل ناتج عن تغيير في القوى المعاكسة والتكميلية التي تشكل التشي، وهذه تسمى “ين” (yin)، و”يانغ” (yang)، وذلك وفقا لموقع جونز هوبكنز ميديسين.
ويعتقد الصينيون القدماء أن البشر هم صورة مصغرة للكون المحيط، وهم مترابطون مع الطبيعة ويخضعون لقواها، ويعد التوازن بين الصحة والمرض هو المفهوم الرئيسي، ويسعى علاج الطب الصيني التقليدي إلى استعادة هذا التوازن من خلال العلاج الخاص بالفرد.
ويعتقد أنه لاستعادة التوازن يجب عليك تحقيقه بين أعضاء الجسم الداخلية والعناصر الخارجية للأرض والنار والماء والخشب والمعدن، وقد يشمل العلاج بالإبر والكي والحجامة والتدليك والعلاج بالأعشاب.
ووفقا لموقع جونز هوبكنز، يمكن أن تعمل بعض العلاجات العشبية المستخدمة في العلاج الصيني التقليدي كأدوية، وتكون فعالة جدا ولكن قد تكون لها أيضا آثار جانبية خطيرة.
وفي عام 2004 على سبيل المثال، حظرت إدارة الأغذية والأدوية الأميركية (إف دي أي) بيع المكملات الغذائية التي تحتوي على الإفيدرا والنباتات التي تحتوي على قلويات مجموعة الإفيدرا (ephedra group alkaloids) بسبب المضاعفات، مثل النوبات القلبية والسكتة الدماغية، والإفيدرا هو عشب صيني يستخدم في المكملات الغذائية.
ويقول الموقع أيضا إنه لا ينبغي استخدام العلاج الصيني التقليدي بديلا للعلاج الطبي والدوائي، خاصة الحالات الخطيرة، ولكن قد يكون مفيدا عند استخدامه علاجا مكملا.
وبما أن بعض الأدوية العشبية للطب الصيني التقليدي يمكن أن تتداخل أو تكون سامة عند دمجها مع العقاقير فإنه يجب عليك إبلاغ طبيبك إذا كنت تستخدم الطب الصيني التقليدي.
الحيوانات البرية
وقد تدخل الحيوانات البرية في الطب الصيني التقليدي، فمثلا تعتبر أخفاف الدببة من الأكلات المفضلة في التقاليد الصينية، وهي واحدة من ثماني أكلات صينية يتم استخدامها أيضا في الطب الصيني التقليدي منذ آلاف السنين، وذلك وفقا لموقع دويتشه فيلله.
ومعظم نتائج العلاج بهذه الحيوانات والنباتات تستند إلى خبرات الأشخاص، فلم يثبت أثر معظمها في الطب البشري الحديث.
وكان ممارسو الطب الصيني التقليدي يعطون هذا النوع من العلاج أسماء جذابة ومبشرة لتشجيع استعمالها، فمثلا إفرازات الخفافيش تسمى “يه مينغ شا” أو “كنز الرمال الذي يضيء في الليل”.
ما مدى فعاليته؟
مع أن الكتاب الأبيض قدم نسبة عالية جدا لمن عولجوا من كورونا بالطب التقليدي الصيني (92%) فإن هناك شكوكا بشأن فعاليته.
فمثلا نقلت صحيفة لوتان السويسرية في تقرير سابق عن عضو المجلس الأكاديمي الفرنسي للطب الصيني مارك فريار اعتقاده بأن الأدوية التقليدية يمكن أن تساعد في مكافحة الحمى أو إزالة المخاط، وهما من أعراض الالتهاب الرئوي الفيروسي، لكنه ينبه إلى أن بعض العلاجات المقدمة ذات جودة مشكوك فيها، مشيرا إلى أن الطب الصيني يفتقر إلى معايير الكفاءة العلمية، لأنه يعتمد على العلاج الفردي.
وقد استخدمت العلاجات التقليدية على نطاق واسع في الصين إلى جانب الأدوية الغربية خلال وباء سارس عام 2003 الذي أودى بحياة 774 شخصا في جميع أنحاء العالم، معظمهم في الصين، لكن دراسة لمنظمة كوشران أثبتت عام 2012 أن هذا المزيج من العلاجات “لم يغير شيئا” في مكافحة الوباء.
ووفقا للصحيفة، فقد نشرت بكين عام 2016 أول كتاب أبيض عن الطب التقليدي يدافع بشكل خاص عن إنشاء مراكز متخصصة بالبلدان النامية، مع إرسال أطباء جاهزين، بل إن الرئيس الصيني شي جين بينغ نفسه وصف الطب التقليدي بأنه “كنز الحضارة الصينية”، وأعلن في أكتوبر/تشرين الأول الماضي أنه يجب أن يكون له تأثير كبير مثل الطب الحديث.
ويلاحظ فريار أن الطب التقليدي في الصين ليس إلا أحد عناصر “رسالة ثقافية تسعى بكين لنشرها على مستوى العالم”، حيث استطاعت بعد سنوات من الحملة إقناع منظمة الصحة العالمية بإدراج الطب الصيني في “التصنيف الدولي للأمراض”، وهو ما طعن فيه المجلس العلمي لأكاديميات العلوم الأوروبية واعتبره “مشكلة كبيرة” بسبب عدم وجود أدلة علمية تثبت فعالية الطب الصيني.
المصدر: الجزيرة نت