تكنولوجيا

«تارك».. طلاء ذكي يوفر 10% من استهلاك الكهرباء

طور العلماء طلاءً جديداً ثورياً لسقف ذكي يحافظ على دفء المنازل خلال الشتاء ويبرد خلال الصيف؛ من دون استهلاك الغاز الطبيعي أو الكهرباء.

ويقول العلماء إن تلك التقنية الرائدة تتفوق على أنظمة الأسقف الباردة التجارية في توفير الطاقة. إذ يتحول طلاء السقف الجديد في جميع المواسم تلقائياً من الحفاظ على البرودة إلى الدفء، اعتماداً على درجة حرارة الهواء الخارجي.

ويقول «جانكيو وو» الباحث في قسم علوم المواد بمختبر بيركلي وأستاذ علوم وهندسة المواد بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، وهو المؤلف الرئيسي لتلك الدراسة: إن الطلاء الجديد يوفر تكييفاً وتدفئةً خاليين من الطاقة والانبعاثات «وكل ذلك في جهاز واحد».

تتمتع أنظمة الأسقف الباردة اليوم، مثل تلك التي تعتمد على الطلاءات العاكسة أو البلاط الحراري؛ بألوان فاتحة أو أسطح «ذات لون بارد» داكنة تعمل على تبريد المنازل عن طريق عكس ضوء الشمس. تنعكس من هذه الأنظمة بعض الحرارة الشمسية الممتصة مثل الأشعة تحت الحمراء الحرارية؛ في هذه العملية الطبيعية المعروفة باسم التبريد الإشعاعي، والتي فيها يتم عكس ضوء الأشعة تحت الحمراء الحرارية بعيداً عن السطح.

لكن مشكلة العديد من أنظمة الأسقف الباردة هي أنها تستمر في إشعاع الحرارة في الشتاء، ما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف التدفئة، لكن «وو» يقول إن المادة الجديدة التي تسمى الطلاء الإشعاعي المتكيف مع درجة الحرارة، يمكنها توفير الطاقة عن طريق إيقاف التبريد الإشعاعي تلقائياً في الشتاء، والتغلب على مشكلة التبريد الزائد».

وأطلق الباحثون على ذلك الطلاء اسم «تارك»، وهو أول طلاء للسقف يتحول تلقائياً بين التبريد في الطقس الحار إلى الاحترار في الطقس البارد من خلال تنظيم معدل التبريد الإشعاعي.

سقف لجميع الفصول

قبل بضع سنوات، تساءل «وو» إذا كان هناك مادة يمكنها التبديل تلقائياً بين التبريد الإشعاعي في الطقس الحار إلى الاحتفاظ بالحرارة في الطقس البارد «ثم فكرت أن ثاني أكسيد الفناديوم يمكنه فعل ذلك» يقول «وو».

من المعروف أن المعادن هي عادة موصلة جيدة للكهرباء والحرارة. في عام 2017، اكتشف «وو» وفريقه البحثي أن الإلكترونات الموجودة في ثاني أكسيد الفناديوم تتصرف كمعدن للكهرباء، ولكنها عازلة للتسخين. بمعنى آخر، توصل الكهرباء جيداً من دون أن تقوم بتوصيل الكثير من الحرارة. يقول «وو» إن «هذا السلوك يتناقض مع معظم المعادن الأخرى؛ حيث تقوم الإلكترونات بتوصيل الحرارة والكهرباء بشكل متناسب».

وثاني أكسيد الفناديوم تحت حوالي 67 درجة مئوية شفاف أيضاً وبالتالي لا يمتص الأشعة تحت الحمراء الحرارية.

ولكن بمجرد أن يصل ثاني أكسيد الفناديوم إلى 67 درجة مئوية، فإنه يتحول إلى حالة معدنية، ويصبح ماصاً لضوء الأشعة تحت الحمراء الحرارية. هذه القدرة على التحول من مرحلة إلى أخرى- في هذه الحالة من عازل إلى معدن- هي سمة لما يُعرف بمادة تغير الطور.

كشفت دراسة «وو» في 2017 أن استبدال نسبة 1.5% فقط من الفناديوم في ثاني أكسيد الفناديوم بالتنغستن، وهي تقنية تسمى «التنشيط» تخفض عتبة تغيير طور المادة إلى 25 درجة مئوية، وهي درجة حرارة مثالية لتطبيقات العالم الحقيقي.

لمعرفة كيفية أداء ثاني أكسيد الفناديوم في نظام السقف، صمم «وو» وفريقه جهازاً رقيقاً بطول 2 × 2 سم من طلاء «تارك» مُكون من ثلاث طبقات: طبقة سفلية عاكسة مصنوعة من الفضة، وطبقة وسطى شفافة تتكون من فلوريد الباريوم وطبقة علوية تحتوي على كتل منظمة من مادة ثاني أكسيد الفناديوم.

ويقول «وو» إن «تارك» يشبه الشريط اللاصق، ويمكن تثبيته على سطح صلب مثل الأسطح المنزلية.

توضح الدراسة الحالية التنوع المذهل لخواص ثاني أكسيد الفاناديوم في جميع الأحوال الجوية، حين يتم إضافته في غشاء رقيق من «تارك» ومقارنة أدائه مع طلاء السقف التجاري الداكن وطلاء السقف الأبيض التجاري.

وأجرى الباحثون في الصيف الماضي تجربة لإثبات جدوى التكنولوجيا في بيئة العالم الحقيقي.

سجل جهاز قياس لاسلكي تم إعداده على سطح المنزل بشكل مستمر استجابات للتغيرات في ضوء الشمس المباشر ودرجة الحرارة الخارجية من عيّنة «تارك» وعيّنة سقف مظلم تجاري وعيّنة سقف أبيض تجاري على مدار عدة أيام.

ثم استخدم الباحثون بعد ذلك البيانات من التجربة الخارجية لمحاكاة أداء «تارك» على مدار العام في مدن تمثل 15 منطقة مناخية مختلفة عبر الولايات المتحدة القارية.

قام «وو» بطلب مساعدة من «رونين ليفينسون» وهو عالم عامل ورئيس مجموعة هيت آيلاند جروب في منطقة تقنيات الطاقة في مختبر بيركلي، لمساعدتهم على تحسين نموذجهم الأولي.

طور «ليفينسون» الذي درس التكنولوجيا والفوائد والسياسات للأسطح الباردة مثل الأسقف والجدران والأرصفة العاكسة لما يقرب من ثلاثة عقود، طريقة لتقدير توفير الطاقة في حال استخدام الطلاء الذكي الجديد «تارك» من مجموعة من أكثر من 100000 محاكاة لطاقة المبنى، كما قام بإجراء تقييم لمقارنة فائدته في توفير الطاقة مع فوائد الأسطح الباردة والجدران الباردة في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

استخدم فريق «وو» هذه الطريقة للتنبؤ بالتوفير السنوي للطاقة الذي يوفره «تارك» من خلال تقليل الحاجة إلى كلٍّ من: طاقة التبريد في الصيف، وطاقة التدفئة في الشتاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى