ترجمة قصيدة أماندا غورمان خلال تنصيب بايدن تثير جدلاً في أوروبا
(أ ف ب)- خطفت أماندا غورمان الأضواء بالشعر الذي تلته خلال تنصيب جو بايدن في البيت الأبيض… لكن ترجمة قصيدتها في أوروبا فتحت جدليات واسعة وطرحت إشكاليات عرقية قلّما يشهدها المجال الأدبي.
وقد أثّرت قصيدتها “ذي هيل وي كلايمب” (التلّ الذي نتسلقه) بالملايين حول العالم، خصوصا بكلماتها التي دعت فيها الشابة السوداء إلى نبذ التفرقة وتجاوز الاختلافات لبناء المستقبل.
وقد أتت هذه القصيدة في توقيت حساس، إذ استوحت الشاعرة لتأليفها من هجوم أنصار دونالد ترامب على مبنى الكابيتول في السادس من كانون الثاني/يناير الفائت، ما جعل من الشابة البالغة 23 عاما ظاهرة حقيقية.
غير أن رسالة الوحدة هذه وصلت مشوشة في المقلب الآخر من المحيط الأطلسي، حيث تمحور الجدل على ناحية مختلفة تماما تمثلت في… لون بشرة المترجمين المعتمدين للقصيدة. هل ينبغي أن يكونوا بالضرورة من السود؟ أليست هذه مناسبة لزيادة التنوع في العالم الأدبي الذي يطغى عليه البيض؟
في هولندا، نشرت الصحافية والناشطة يانيس دول نهاية شباط/فبراير مقالة في صحيفة “دي فوالكسرانت” عنونتها “مترجمة بيضاء لقصيدة أماندا غورمان: أمر لا يُعقل”.
وبعد أسبوع، أعلنت المترجمة المعنيّة في هذا الموضوع مارييكه لوكاس رينفيلد انسحابها من المهمة. بعدها اعتذرت دار مولونهوف قائلة “لقد فوّتنا فرصة عظيمة لإعطاء شابة سوداء مساحة في هولندا وبلجيكا (القسم الناطق بالهولندية) عبر حرمانها من ترجمة عملها”.
وأثارت الحادثة غضب المترجمة الإسبانية نوريا باريوس (منشورات دار لومن، موعد الإصدار في 8 نيسان/ابريل). وكتبت في صحيفة “إل باييس” المحلية “هذا انتصار لخطاب (صراع) الهويات بمواجهة حرية الإبداع”.
وقد شهدت إسبانيا جدلا محتدما في القضية. فقد تراجعت دار نشر عن إسناد المهمة إلى المترجم فيكتور أوبيولس مطلع الشهر الفائت.
وقال أوبيولس لوكالة فرانس برس “هم كانوا يبحثون عن مواصفات شخصية مختلفة، (أرادوا الاستعانة) بامرأة شابة وناشطة مع أفضلية للسوداوات”.
ولم تكشف دار النشر “أونيفير” عن خطتها البديلة، ولا يزال القراء في برشلونة بانتظار الخيار الجديد.
والأمر عينه حصل في باريس، حيث تعتزم دار “فايار” إصدار ترجمة للقصيدة ستتولاها المغنية البلجيكية – الكونغولية لوس أند ذي ياكوزا في أولى تجاربها في هذا المجال.
أما الترجمة السويدية فتولاها مغنّ أيضا هو جايسون دياكيتيه وأصدرتها دار “بولاريس” الثلاثاء. وقال الفنان المولود لوالدين أميركيين والمعروف باسمه الفني “تيمبوكتو”، لقناة “اس في تي” التلفزيونية إن القصيدة “تحوي الكثير من القوافي لذا فالأمر أشبه بنص لأغنية راب. هذا مألوف جدا لدي”.
أما الترجمة الألمانية فقد صدرت بالتزامن مع النسخة الأصلية في الولايات المتحدة، من طريق دار النشر “هوفمان أوند كامبه”. لكن صحيفة “دير ستاندرد” النمسوية وصفت هذه الترجمة بأنها “فشل” بسبب تشويهها “الصيغ البديعية أو الصور القوية” للنسخة الأصلية.
ومن بين النساء الثلاث اللواتي أنجزن هذه الترجمة، هناك “خديجة هارونة – أولكر وهي امرأة سوداء، وكبرى غوموشاي المتحدرة من أصل تركي، اللتان تنشطان من أجل القضايا النسوية ومكافحة العنصرية أكثر من عملهما في المجالين الأدبي والصحافي”، وفق الصحيفة الصادرة في فيينا.
ويكتنف غموض أيضا اسم الشخص الذي سيتولى الترجمة الفنلندية. وقالت الناشرة ساره تيورانيمي لصحيفة “هلسينغين سانومات” المحلية في الرابع من آذار/مارس “أرسلنا اقتراحاتنا بأسماء المترجمين إلى المؤلفة ووكيلة أعمالها وننتظر الرد”.
وبالإيطالية، أبقت دار “غارانتزي” على العنوان الإنكليزي واختارت على الأرجح بموافقة أماندا غورمان، مترجمة شابة (بيضاء) هي فرانشيسكا سبينيلي. وحاولت الأخيرة تجاوز الجدل الناشئ في هولندا، واصفة ذلك عبر موقع “إيل ليبرايو” الإلكتروني بأنه “جدل محتدم وملتبس بعض الشيء يقول فيه الجميع ما يفكر به، من دون الحديث في كثير من الأحيان عن الأمر نفسه”.
أما في المجر فقد أطلقت دار النشر “أوبن بوكس بابليشر” مشروعا غير اعتيادي إذ أسندت مهمة الترجمة إلى شباب من غجر الروما في إطار محترف أدبي.
وقليلة هي الترجمات المنتظرة لهذه القصيدة خارج أوروبا.
ففي القسم الناطق بالفرنسية من كندا على سبيل المثال، لا مشاريع حاليا لترجمتها من الإنكليزية.
أما في البرازيل، فقد وقع الاختيار على الصحافية والشاعرة والمترجمة السوداء ستيفاني بورجيس لإنجاز هذه المهمة.
وقالت تاليتا بيريسيه المكلفة حقوق المنشورات الشبابية الأجنبية في دار “إينترنسيكا” لوكالة فرانس برس “هذا الجدل يرتدي أهمية فائقة: نأمل أن يتواصل ليفضي إلى تمثيل أفضل في الأوساط الأدبية”.