منوعات

تركيا تشهد ازدهاراً في إنتاج الورود السوداء!

تتميز منطقة خلفتي، الواقعة جنوب شرقي تركيا، بإنتاج ورود ذات ملمس مخملي ولون أسود داكن ورائحة لا تُقاوم، إذ تشتهر هذه المنطقة بتربة لها سمات فريدة أبرزها المستوى المناسب لدرجة الحموضة.

وفيما يطغى الأسود على البراعم، يصبح لون الورود عند اكتمال نموّها أحمر غنياً أشبه بلون الخمر.

ويتعذر الحفاظ على لون الوردة المعروفة باسم “كاراغول” بالتركية والتي تتميز بأشواكها الكثيفة، في أي مكان آخر، على ما يوضح الخبراء.

ويطمح سكان خلفتي إلى تحويل “كاراغول” إلى علامة تجارية لأنّ قطاع الورود في تركيا يشكل مهنة مزدهرة.

وتمثل محافظة إسبرطة في غرب البلاد أبرز اللاعبين في هذا القطاع حالياً، وتُعرف بأنها “حديقة ورود تركيا”.

وتنتج تركيا إلى جانب بلغاريا 80% من إجمالي زيت الورود المُنتجة في العالم.

لكنّ ديفريم توتوس (28 عاماً) الذي يقطن في خلفتي بدأ يشهد على ازدهار القطاع.

وبعد وضعه خطة عمل تهدف إلى الترويج للورود السوداء، يتولى حالياً تزويد إسطنبول بأوراق الورود التي تُستخدم في تصنيع العطور والحلويات التركية.

ومع أنّ الطلب على هذه الأوراق أصبح يتجاوز قدراته الإنتاجية، لم يتخل توتوس عن عمله.

ويقول إنّ “الأسواق في إسطنبول كثيرة، وتعج كلها بورود إسبرطة، فلم لا تنتشر فيها ورود كاراغول كذلك؟”.

إنقاذ الورود
ولم تكن الورود السوداء دائماً في حال ازدهار.

ويقول مسؤول محلي يهتم بالحفاظ على الورود إنّ السكان كانوا في الماضي غير مبالين بها.

ويضيف صديقه الذي عرّف عن نفسه باسم بولنت، إنّ “الورود السوداء كانت تنتشر في الحدائق كلها ولم تكن تلفت انتباه أحد”.

ويشير المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه إلى أنّ “السكان المحليين لم يكونوا على دراية بأهمية الورود وفرادتها”، مضيفاً: “نقلنا عدداً منها إلى مناطق مرتفعة وبدأنا ننتجها في خيم زراعية”.

وتضم أعالي خلفتي دفيئة زراعية واحدة تديرها مديرية الزراعة في المدينة وتضم ألف وردة سوداء.

وفي مطلع القرن الحالي، تجمّع سكان المنطقة لإنقاذ الورود بعدما غمرت مياه سد يقع على نهر الفرات المنطقة، مهددةً بدفن الورود على غرار ما حصل لعشرات المواقع الأثرية التي كانت تضمها بلاد ما بين النهرين.

وجاء بناء سد بيرسيك سنة 2000 كجزء من مجموعة مشاريع تنموية في جنوب شرقي تركيا أثارت جدلاً واسعاً.

وينتشر في العالم حالياً عشرون نوعاً من الورود السوداء، من بينها 16 نوعاً في تركيا، على ما يوضح عالم النباتات علي إكينجي.

ويقول إكينجي، وهو أستاذ في “جامعة هاران”، الواقعة في محافظة شانلي أورفة، إن “كاراغول ليس نوعاً مستوطناً في خلفتي، لكنّ البيئة والمناخ والتربة التي تتميز بها المنطقة تجعل الوردة تكتسب اللون الأسود الداكن عند نموها”، مضيفاً “إن زُرعت وردة كاراغول في مكان آخر، فلن تكون بهذا الاسوداد”.

صلة لفرنسا؟
ويشدد الأستاذ على أنّ الورود التي تنمو في خلفتي “فريدة”.

ويشير إلى أنّ لون الوردة يصبح أكثر اسوداداً ورائحتها أقوى كلما ابتعدنا من شانلي أورفة التي تضم خلفتي واتجهنا نحو سوريا التي تبعد حدودها ستين كيلومتراً جنوباً.

ويوضح المسؤول في خلفتي أنّ الورود تنمو في الأراضي المرتفعة لأنّ التربة القريبة من السد تتميز بنسبة حموضة عالية بسبب مياه نهر الفرات.

ويرى إكينجي أنّ وردة “كاراغول” ربما يعود تاريخها إلى وردة “لويس الرابع العشر” السوداء التي كانت تنمو في فرنسا سنة 1859 وسُميت تيمناً بالملك الفرنسي.

لكنّ فريدريك أشيل، وهو نائب مدير الحدائق النباتية التابعة للمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في باريس، يعتبر أنّ هنالك لغطاً كبيراً في شأن موضوع لا أساس له.

ويقول ممازحاً: “قد تكون وردة لويس الرابع عشر تحوّلت في مياه نهر الفرات (…)”.

وردة خضراء
وتشكل خلفتي أيضاً موطناً للورود الخضراء غير المألوفة والمشابهة للحشيش، ورغم أنّها تبدو غير واقعية، إلا أنها حقيقية وليست مجرد صورة أُخضعت لتغييرات من مستخدمي “إنستغرام”.

ويقول إكينجي إنّ هذه الورود “لا تزال تفاصيلها غامضة. وكانت تنمو في بعض حدائق سكان المنطقة. لكنها لم تجذب الانتباه بسبب انعدام رائحتها”.

أما أشيل، فيعتبر أنّ هذه الورود لا تجذب الأنظار “لأنها قبيحة جداً”، مضيفاً أنّ الورود الخضراء كانت “تثير الفضول في حدائق الورود” بعدما استقدمتها المشاتل البريطانية إلى أوروبا سنة 1856.

لكن خلفتي تصرّ على الاستفادة من كنوزها الفعلية المخفية.

وعلى ضفاف السد، يروّج بعض البساتنة غير المحترفين للوردة السوداء بين صفوف السياح الذين يقومون بجولات في القوارب لمشاهدة كهوف أصبحت مغمورة بالمياه.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى