جاسم النبهان: بعض الأعمال الدرامية تفتقر إلى الواقع “كأننا في عزلة عن العالم”
«الحوارات الحديثة لا تدور في مسارها الصحيح»
اعتبر الفنان القدير جاسم النبهان أن بعض الأعمال الدرامية في الكويت لم يتم تناولها من قبل المنتجين والكتّاب بالشكل الصحيح «وكأننا من كوكب آخر»، موضحاً في حوار صحفي أن «بعض المسلسلات الكويتية تتضمن يوميات عادية جداً وتفتقر إلى الواقع والمصداقية، فأصبحت من عالم خارق آخر وليس لها دخل في تكوين ووجود الأسر الخليجية والعربية، كما ليس لها حوار منطقي وكأننا معزولون عن العالم، فالمجتمع الكويتي خالٍ من الأمية ومتصل بالعالم وكل القضايا العربية، والمفترض أن ينهل الكُتاب من نسيج هذا المجتمع، ولكن للأسف هناك أحداث كثيرة تكتب في الدارما لا تمت للمجتمع الكويتي بصلة»، مشيراً إلى «ظهور الثراء الفاحش في جميع المسلسلات، والكل رجال أعمال، إضافة إلى الحوارات بين الابن أو البنت مع والديهما بصورة مغايرة للحقيقة وبعض الصور الخاطئة عن مجتمعنا».
وقال النبهان إنه يميل كل الميل إلى الأعمال التاريخية والتراثية، سواء كان العمل كويتياً أو خليجياً أو عالمياً، لأنها تتضمن الحوارات الإنسانية والأكثر مصداقية، لافتاً إلى أن «أعمال شكسبير مثلاً تتضمن الكثير من المواقف الإنسانية، وكذلك الأعمال الإنسانية العالمية تضع النقاط على الحروف لأن فيها مصداقية وناجحة».
وبيّن أن «تلفزيون الكويت في الماضي كان ينتج كل عام في الموسم الدرامي الرمضاني، ثلاثة أعمال ترضي جميع الأذواق، فكان ينتج عملاً كوميدياً محلياً، وآخر تراثياً محلياً أو تراثياً إسلامياً، بالإضافة إلى الموروث العربي، وهذا كان حتى العام 1979، فهناك مثلاً مسلسل (نساء في شعاع) و(خولة بنت الأوزر)، وغيرهما الكثير من الأعمال التي كانت تثري المشاهد»، مشيراً إلى أنه «لا بد من الرجوع مرة أخرى لذلك، بما أن الحوارات الحديثة لا تدور في مسارها الصحيح ولا أعلم من أين لهم بهذه الأفكار حتى إنها لا تدور في المجتمع الإنكليزي أو الألماني».
وأوضح النبهان أن نسيج المجتمع الكويتي منذ نشأته تعلّم قبول الجميع من دون تفرقة ومهما كانت ثقافته، ويتقبل كل من عاش على هذه الأرض، ففي الماضي كان الهم الذي يشغل بالهم هو الاستقرار والتعايش بعيداً عن التكبر والغرور، حتى يكون هناك النماء والعطاء أكثر، موضحاً أن المجتمع الكويتي تكوّن منذ بداياته على التكافل والمصلحة المتبادلة وكان شعباً عاطفياً ومتعايشاً مع كل الطبقات والمستويات.
النبهان الذي شارك هذا العام في مسلسلي «رحى الأيام» و«محمد علي رود» اللذين جرى عرضهما في شهر رمضان الماضي، شارك أيضاً في «سما عالية»، الذي لم يتم عرضه لعدم اكتمال تصويره. وبيّن النبهان أن المسلسل متبق من مشاهده الثلث تقريباً، ولم يتم تصويرها بسبب أزمة «كورونا»، منتظراً عودة الأوضاع إلى سابق عهدها للبدء بتصوير بقية المشاهد.
وأعرب عن أمله بأن يكون هناك عمل آخر جديد للكاتب مشاري حمود العميري، «ففي مسلسل (رحى الأيام) كانت المفردات اللفظية كلها متجانسة مع الديكورات والملابس والحوارات».
وتابع «(رحى الأيام) وثق مرحلة مهمة في تاريخ الكويت، وهو من أهم الأعمال المميزة التي تم عرضها على تلفزيون الكويت خلال شهر رمضان، وتميز فيه كل من نور وعبدالله الخضر ومحمد الحملي ومشاري البلام وخالد الثويني ومحمد الصيرفي وياسة واحمد العونان».
وذكر النبهان أن المسلسل يعود بالذاكرة لسنوات طويلة خلت، ليقدم قصة مأخوذة من أحداث حقيقية، جرت لطفل غادر منطقة القصيم بالسعودية، وعاش في الكويت في عام 1920، متناولاً قصصاً تجارية لتجار خليجيين، ومستعرضاً نسيج المجتمعات الخليجية في ذلك الزمان، والعادات والتقاليد والترابط بين الأسر والأهل والجيران.
وأشار إلى أن الفيلم الكويتي «بس يا بحر»، الذي أخرجه خالد الصديق العام 1972، ويتناول حياة صيادي اللؤلؤ في الكويت إبان مرحلة الاستقلال، حصد الكثير من الجوائز في المهرجانات العربية والعالمية، وحتى الآن لم يشارك في مهرجان إلا ويحصد الجوائز لأنه يقدم مجتمعاً بسيطاً ويقدم الإنسان الكويتي بصورة حقيقية بعيداً عن التزيف.
وأعرب عن أمله في صناعة فيلم للكاتب هيثم بودي لقصته الرائعة «الطريق إلى كراتشي»، وهو ميناء في باكستان، «وإذا أنتج هذا الفيلم بالشكل الصحيح مع منتج يقدّر هذا العمل الراقي، فسوف ينجح نجاحاً باهراً»، مشيراً إلى أن «حياة البحار الكويتي لم يتم تناولها في قصص كثيرة، فهناك كل سفينة يكون عليها 50 أو 60 بحاراً، وكل واحد منهم لديه قصة وتتصارع القضايا والأفكار ولم يتم تناول ذلك من قبل الكتاب بالشكل الصحيح عن البحار الكويتي إلا قليل جداً».
الراي