جلسة نقاشية نظمتها جامعة نورثوسترن في قطر حول “الاحتلال الرقمي” والحرب ضد فلسطين
قطر – انتفض العالم ضد انتهاكات حقوق الإنسان التي مارستها سلطات الاحتلال الإسرائيلي مؤخرًابتهجيرها العائلات الفلسطينية قسرًا من حي الشيخ جراح في القدس الشرقية. للمرة الأولى لم يقتصر النضال من أجل العدالة على المتظاهرين والعائلات المهجرة، بل امتد ليشمل منصات التواصل الاجتماعي.
وعلى مدار 70 عامًا من النضال الفلسطيني، سعت العديد من وسائل الإعلام العالمية عمدًا إلى إسكات الأصوات الفلسطينية، الأمر الذي أضاف ظلمًا إلى ظلم الشعب الفلسطيني على أرض الواقع، والمستمر حتى يومنا هذا، حيث حذفت عدد من الشركاتمثل تويتر وفيسبوك باستمرار غالبية المحتوى الداعم للقضية الفلسطينية. وعند سؤالها عن سبب إزالة هذا المحتوى، عزت الأمر إلى وقوع “أخطاء” أو “عيوب فنية“.
في حلقة نقاشية نظمتها مؤخرًا جامعة نورثوسترن في قطر، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر، ناقش عدد من الأكاديميين وخبراء الإعلام وعلماء البيانات، أوجه “الاحتلال الرقمي“ العديدة في الحرب ضد فلسطين، سواء من خلال قمع الصوت الفلسطيني على وسائل التواصل الاجتماعي أو استمرار تقييد الاتصالات داخل الأراضي الفلسطينية من خلال التحكم في بنيتها التحتية الرقمية.
ضمت الجلسة ديما الخطيب، المدير العام لخدمة AJ+ من شبكة الجزيرة، والتي تحدثت عن الصوت الذي منحته منصات التواصل الاجتماعي للفلسطينيين في بداية أحداث الشيخ جراح، واصفةانتشار البث المباشر للاعتداءات على المسجد الأقصى عبرمنصات التواصل الاجتماعي، بأنها “مفاجأة” لم تدم طويلًا.
قالت ديما: “أدت الوسوم المرتبطة بأحداث الشيخ جراح إلى ضجة كبيرة في سائل التواصل الاجتماعي، وكان الاهتمام الذي رأيناه تجاه القضية الفلسطينية هذه المرة مختلفًا بشكل كبير وبلغت ذروتها في يوم التغطية الحية عبر إنستغرام، حيث نشرت مشاهداقتحام جنود الاحتلال المسجد الأقصى والاعتداء على المصلين“.
أضافت: “انتهز النشطاء من جميع أنحاء العالم الفرصة فورًالجذب أنظار الملايين من المتابعين إلى أحداث المسجد الأقصى، ودعم المصلين. ولكن بعد بضعة أيام من سماح إنستغرام بمشاركة البث المباشر للاعتداء، عادت الشركة وحذفت معظم هذا المحتوى دون سابق إنذار“.
كان من بين المتحدثين أيضًا مارك أوين جونز، أستاذ مساعد في دراسات الشرق الأوسط والعلوم الإنسانية الرقمية، بجامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر، حيث ألقى الضوء على التلاعب في الحملات الإعلامية التي انتشرت مؤخرًا على وسائل التواصل الاجتماعي. وقال إن هذا أتاح ما أسماه بنشر وهم التطبيع بين دول الخليج وإسرائيل، من خلال المؤثرين والروبوتات للترويج لرواية معينة لصالح إسرائيل.
من جانبها تحدّثت هيلجا طويل سوري، أستاذة الإعلام والثقافة والاتصال في جامعة نيويورك شتاينهاردت، والتي تركز دراساتها على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، في موضوع مفهوم الاحتلال الرقمي من ناحية البنية التحتية، وقالت: “إن الاتصالات والإعلام بمثابة عناصر أخرى لتقييد فلسطين وتشكيل حدودها، فقد مُنحت السلطة الفلسطينية الإذن لأول مرة لبناء جزء من بنيتها التحتية الرقمية عقب توقيعها اتفاقية أوسلو في منتصف التسعينيات، وفق قيود صارمة جدًا، وبالتالي، تحدد إسرائيل كافة تفاصيل البنية التحتية التكنولوجية الفلسطينية حتى يومنا هذا، بدءًا من سرعة الإنترنت وحتى حقوق البث. “
وقد دفع التعامل المتحيز مع البيانات الرقمية والمحتوى ذي الصلة بالأحداث الأخيرة في فلسطين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي ونشطاء حقوق الإنسان، في المنطقة العربية وجميع أنحاء العالم، إلى التنديد بكبرى منصات التواصل الاجتماعي مثلفيسبوك وتويتر وإنستغرام، ومنحها تقييمًا متدنيًا، وانتقلوا إلى منصات بديلة،
وأصبحت وسوم مثل #unmutepalestine رائجة جدًا للحديثعن تحيز هذه المنصات الكبرى وتكميمها الأصوات الفلسطينية.كما تعمل العديد من المنظمات والمواقع الإعلامية مثل معهد الشرق الأوسط للتفاهم؛ وموقع عين على فلسطين؛ وحملة المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي؛ لتقديم الرواية المعاكسة. وتطالب هذه المنظمات وسائل الإعلام العالمية باستخدام المصطلحات الصحيحة التي تنصف الوضع الفلسطيني. كما تطالبها بتسليط الضوء على الفصل العنصري والتطهير العرقي الذي يتعرض له الفلسطينيون،بدلًا من محاولة المساواة بين الجانبين عند تناول الصراع.
بات واضحًا المخطط الذي تتبعه إسرائيل لربط دعم فلسطين في الفضاء الرقمي بمعاداة السامية؛ بهدف استجداء التعاطف مع الجانب الإسرائيلي، وقد سمحت منصات التواصل الاجتماعي بمشاركة هذا المحتوى. وعندما قام بعض المشاهير والشخصيات العامة بالتعبير عن دعمهم للقضية الفلسطينية، قوبلوا بردود فعل عنيفة، ما دفع بعضهم إلى الاعتذار علنًا عن سوء فهم دوافعهم وراء دعم القضية الفلسطينية.