جنين بشري اصطناعي دون حيوانات منوية أو بويضة!
ابتكر العلماء نموذج جنين “اصطناعي” من الخلايا الجذعية بدون حيوان منوي أو بويضة، لكنه يحمل جميع السمات الرئيسية وأنواع الخلايا التي تظهر في الأجنة البشرية، بحسب صحيفة The Times البريطانية.
كان لهذا الجنين القدرة على التنظيم الذاتي والنمو من مجموعة مكونة من 120 خلية، التي تعادل جنيناً عمره أسبوع، إلى 2500 خلية بعد أسبوع. وحين أخضع العلماء إفرازات من هذه الخلايا لاختبار الحمل، جاءت النتيجة إيجابية.
يُنظر إلى توفير نموذج لتطور الجنين في أول 14 يوماً على أنه سيحسّن فهم الباحثين لفترة لم تُدرس بشكل جيد وتحدث فيها معظم حالات الإجهاض.
تساؤلات أخلاقية
وهذا التقدم، الذي يأتي بعد الإعلان عن تخليق أجنة “اصطناعية” مماثلة ولكن أقل اكتمالاً مطلع هذا العام، قد يثير المزيد من التساؤلات الأخلاقية.
على أن الفريق القائم على هذا الابتكار، الذي أُعلن عنه في مجلة Nature، قال إنه من المستحيل أن يتطور هذا النموذج إلى حمل كامل.
بدوره، قال جاكوب حنا، من معهد وايزمان للعلوم في إسرائيل، إن الهدف منه تعزيز فهم نمو الجنين، مضيفاً: “الأحداث المهمة تكون في الشهر الأول، أما الأشهر الثمانية المتبقية من الحمل فهي في أساسها الكثير من النمو. لكن هذا الشهر الأول يظل لغزاً كبيراً”.
ومن الصعب متابعة ما يحدث في الأيام القليلة الأولى بعد الإخصاب، ويرجع ذلك جزئياً إلى المشكلات الأخلاقية المرتبطة بالأجنة البشرية الفعلية. ودراسة هذه الفترة قد تساهم في اكتشاف وعلاج أمراض النمو ومنع الإجهاض.
وقد حفز هذا محاولات زراعة نماذج أجنة باستخدام الخلايا الجذعية، وهي خلايا يمكن أن تتطور إلى جميع الأنواع الأخرى، وفي هذا السياق قال حنا: “نموذج الجنين البشري المخلّق من الخلايا الجذعية يوفر لنا طريقة أخلاقية لحل هذا اللغز. فهو يحاكي تطور جنين بشري حقيقي بدرجة كبيرة”.
جنين اصطناعي مركّب من خلايا جذعية
وهذا الجنين الاصطناعي مركّب من خلايا جذعية مأخوذة من خلايا الجلد، بعضها ترك كما هو، ليصبح الجنين، فيما عولجت مجموعة أخرى بمواد كيميائية، لتنشيط جينات معينة تساعد على تكوين الهياكل التي تدعم الجنين، مثل المشيمة والكيس المحي.
ثم حاول الباحثون توفير الظروف المشابهة لظروف الرحم حتى تتطور الخلايا من تلقاء نفسها، إذ قال حنا: “الجنين يتطور بنفسه، لا نحتاج إلى أن نخبره بما عليه أن يفعله، علينا فقط أن نطلق العنان لإمكاناته المشفرة داخلياً”.
وأضاف: “من المهم جداً مزج الأنواع الصحيحة من الخلايا في البداية، التي لا يمكن استخلاصها إلا من الخلايا الجذعية التي ليس لها أي قيود على النمو. وبعد أن يحدث ذلك، ينطلق هذا النموذج الشبيه بالجنين في رحلة النمو من تلقاء نفسه”.
حتى الآن، لم يحدث هذا إلا في حوالي 1% من محاولات تخليق الجنين الاصطناعي. أما بقية المحاولات فكانت فاشلة. ومع ذلك، قال باحثون آخرون إن هذا تقدم كبير.
وقال البروفيسور ألفونسو مارتينيز أرياس، من جامعة بومبيو فابرا في برشلونة: “هذا العمل نجح لأول مرة في تحقيق بناء دقيق للبنية الكاملة من الخلايا الجذعية، في المختبر، وهذا يفتح الباب أمام دراسة الظواهر التي أدت إلى تشكيل خطة الجسم البشري. هذه دراسة تاريخية تفتح آفاقاً جديدة للبحث في النمو البشري ودراسة جوانب عديدة من الخصوبة والمرض”.