منوعات

خبراء : تجاهل كورونا في أفريقيا يهدد بظهور سلالات تعيد الدول الكبرى لنقطة الصفر

كانت الدول الصناعية المتقدمة الأشد تضررا من الجائحة في موجتها الأولى التي انطلقت في مارس 2020 في إيطاليا التي كانت الأشد معاناة من الخسائر البشرية وفي دول أوروبا الأخرى أو أمريكا التي كانت أكثر دول العالم معاناة سواء من حيث الوفيات أو الإصابات وبريطانيا التي أصبحت أطول الدول معاناة.

والآن وبعد مرور 16 شهرا على بدء الجائحة عالميا بدأت الدول الغنية مناقشة موضوعات ما بعد الجائحة مثل تخفيف القيود على الحركة والأنشطة الاقتصادية وبرامج التطعيم وعودة الحياة إلى طبيعتها. في المقابل فإن أغلب دول أفريقيا سقطت في قبضة الموجة الثالثة وتستعد للموجة الرابعة وربما الخامسة.

ومع انتشار السلالة المتحورة الأشد خطورة دلتا في القارة الأقل تطعيما ضد فيروس كورونا في العالم تتزايد أعداد الإصابات لتتجاوز الطاقة الاستيعابية للمستشفيات وترتفع أعداد الوفيات. وفي حين لا يوجد أمل كبير في تطعيم أعداد كبيرة من سكان أفريقيا خلال الشهور المقبلة بسبب استمرار الدول الغنية في الاستحواذ على أغلب إنتاج اللقاحات المضادة للفيروس يتوقع خبراء الوبائيات انطلاق موجة جديدة من الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا قبل نهاية 2021.

وفي تحقيق نشرته “بلومبيرج” قال أنطوني سجوازين رئيس مكتب جنوب أفريقيا إن انتشار السلالة الجديدة المتحورة في أفريقيا ينطوي على خطورة كبيرة بظهور سلالات جديدة مقاومة للقاحات المتاحة حاليا وهو ما يهدد ليس فقط أفريقيا ولكن كل دول العالم.

ويقول توليو دي أوليفيرا مدير معهد كوسبي لأبحاث التسلسل الجيني في جنوب أفريقيا “الموجة الثالثة ستكون كارثة لآننا في جنوب أفريقيا وقارة أفريقيا ككل لا نحصل على اللقاحات التي نحتاجها بشدة .. إذا لم نحصل على اللقاحات خلال الشهور القليلة المقبلة فسنواجه خطر موجة مدمرة أخرى من العدوى ليس فقط في عدد الإصابات وإنما أيضا في عدد الوفيات”.

وبحسب تقديرات مركز أفريقيا لمكافحة الأمراض ومنع العدوى فإن 1.1% فقط من سكان أفريقيا البالغ عددهم 1.2 مليار نسمة هم الذين حصلوا على التطعيم مقابل تطعيم 50% من سكان أمريكا وتطعيم كل المستهدفين من سكان بريطانيا. ومن بين 3 مليارات جرعة من لقاحات كورونا تم توزيعها على مستوى العالم كان نصيب قارة أفريقيا 50 مليون جرعة فقط. وقد أصبحت تأثيرات هذا التباين واضحة.

ففي أفريقيا تتضاعف أعداد الإصابات كل 3 أسابيع وأصبحت على حافة تجاوز أسوأ أسبوع بالنسبة لها. ففي الجمعة الماضي وصل عدد الإصابات في جنوب أفريقيا إلى مستوى قياسي. واضطرت مدن عديدة من جوهانسبرج في جنوب أفريقيا إلى كمبالا في أوغندا لفرض إجراءات إغلاق وأصبح عدد المرضى أكبر من عدد وحدات الرعاية المركزة. وفي الدول الأفقر في أفريقيا يموت المرضى بسبب نقص الأوكسجين وعمال الرعاية الصحية حيث يوجد ممرض 1 لكل 40 مريضا.

ويقول صانعو التوابيت وباعة الزهور في العاصمة الزامبية لوساكا إنهم يكافحون لمواكبة الطلب المتزايد على خدماتهم بسبب تزايد أعداد الجنازات. وتقول الناشطة الاجتماعية الزامبية لورا ميتي إن أحد زملائها توفي بسبب فيروس كورونا بعد أن قضى بعض الوقت في المستشفى حيث لقي العديد من المرضى حتفهم بسبب انقطاع الكهرباء عن وحدات توفير الأكسجين. مضيفة أن نقص أعداد العاملين في الأطقم الطبية كان له أيضا تأثيره على زيادة أعداد الوفيات.

وقالت إن أفراد التمريض يعانون من ضغط هائل للعمل والإحباط ولا يوجد عدد كاف منهم. وبحسب مركز أفريقيا لمكافحة الأمراض سجلت أفريقيا 5.4 مليون إصابة و 141 ألف وفاة منذ بدء الجائحة. لكن التقديرات تشير إلى أن الأعداد الفعلية أكبر بكثير حيث يصل عدد الوفيات في جنوب أفريقيا إلى 176 ألف وفاة.

ويقول ماتشيديسو مويتي مدير إدارة أفريقيا في منظمة الصحة العالمية إن “سرعة وحجم الموجة الثالثة لجائحة كورونا في أفريقيا أمر لم نشهده من قبل”. الآن فإن الدول الغنية مازالت تسيطر على إمدادات اللقاحات في العالم حيث تشتري كميات أكثر من حاجتها. وفي حين تستهدف مبادرة كوفاكس العالمية لتوفير اللقاحات لكل دول العالم نوزيع 1.8 مليار جرعة إلى 90 دولة فقيرة في العالم بحلول أوائل 2022 فإنها لم ترسل سوى 91 مليون جرعة حتى الآن.

ففي الهند التي كانت تأتي منها أغلب إمدادات مبادرة كوفاكس أوقفت تصدير الجرعات للتعامل مع تفشي الجائحة لديها. وأخيرا يقول ريتشارد ميهيجو مدير برنامج التطعيم وتطوير اللقاحات في مكتب أفريقيا بمنظمة الصحة العالمية إن “أفريقيا لا تنتظر اللقاحات من العالم كصدقة… إنها تمثل فرصة أمام المجتمع الدولي لمنع ظهور سلالات جديدة من الفيروس أسرع انتقالا تعيد كل الجهود حتى الجهود التي بذلتها الدول الغنية لاحتواء الجائحة إلى نقطة الصفر”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

زر الذهاب إلى الأعلى