منوعات

دراسة تربط بين مرض الربو وضعف الذاكرة عند الأطفال

كشفت دراسة حديثة عن تأثيرات سلبية محتملة للربو على قدرات الذاكرة، والتطور المعرفي لدى الأطفال، وخاصة الذين يعانون من مرض الربو منذ سنٍّ مبكرة.

الدراسة، المنشورة في دورية الجمعية الطبية الأميركية، تضمنت تحليلاً طويل المدى لـ 2062 طفلاً في اختبارات متعددة لقياس الذاكرة، وسرعة المعالجة والانتباه.

وأظهرت النتائج أن الأطفال المصابين بمرض الربو، وخاصة الذين ظهر لديهم المرض في وقت مبكر، أظهروا أداءً أقل في اختبارات الذاكرة، والوظائف التنفيذية، مقارنة بأقرانهم غير المصابين.

مقالات ذات صلة

مرض الربو عند الأطفال

مرض الربو أحد أكثر الأمراض المزمنة شيوعاً في مرحلة الطفولة، إذ يصيب حوالي 6.5% من الأطفال في الولايات المتحدة، وتزداد معدلاته بين الذكور.

وتتمثل أعراض مرض الربو، بشكل رئيسي، في مشكلات تنفسية، مثل الصفير، والسعال، وضيق التنفس، وتشير دراسات حديثة على نماذج القوارض إلى أن مرض الربو يؤدي أيضاً إلى إصابات عصبية وتراجع في الذاكرة.

ويظهر مرض الربو المزمن غالباً في مرحلة الطفولة، ولكن مدى ارتباطه بصعوبات الذاكرة لدى الأطفال لا يزال غير معروف بشكل كافٍ.

ورغم أن الفسيولوجيا المرضية للربو غير واضحة تماماً، إلا أن مرض الربو يُعرَّف بأنه عملية التهابية مستمرة لا تقتصر على الرئتين فقط، بل قد تمتد إلى الدماغ، محدثةً التهابات عصبية.

وقد أثبتت نماذج القوارض إلى أن مرض الربو يسبب إصابات عصبية في الحُصين، وهو جزء من الدماغ يتميز بحساسيته العالية تجاه الاستجابات الالتهابية العصبية.

وقد تؤدي صعوبات التنفس إلى حدوث نوبات من نقص الأوكسجين في الدماغ، مما يمكن أن يؤدي إلى تلف في الحُصين، كما أظهرت نماذج الربو لدى القوارض تراجعاً في الذاكرة في المهام التي تتطلب سلامة الحُصين.

تصل نسبة الإصابة بمرض الربو إلى ذروتها بين سن 4 و12 عاماً، لكن المعلومات حول أداء الذاكرة لدى الأطفال المصابين بالربو قليلة حتى الآن.

وقد أظهرت دراسات سابقة أن الأطفال المصابين بمرض الربو الذين يتلقون جرعات عالية من الكورتيزون، يعانون من ضعف في الذاكرة اللفظية مقارنةً بأطفال يتلقون جرعات أقل، إلا أن غياب مجموعة مقارنة من الأطفال غير المصابين بالربو يجعل من الصعب استنتاج علاقة واضحة بين الربو وقدرات الذاكرة.

مرض الربو وضعف الذاكرة

أشارت دراسات أخرى إلى صعوبات في الانتباه، والوظائف التنفيذية، والذاكرة البصرية والذاكرة العاملة، ولكن هذه الدراسات لم تأخذ في الاعتبار تأثير العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي قد تؤثر على احتمالية الإصابة بالربو والصعوبات المعرفية.

ويقول الباحثون إنه من الضروري فهم ما إذا كان مرض الربو مرتبطاً بصعوبات في الذاكرة، أو غيرها من الصعوبات المعرفية في مرحلة الطفولة، مع مراعاة المتغيرات المؤثرة، نظراً لأهمية القدرات المعرفية في التحصيل الأكاديمي، وفرص العمل المستقبلية.

وقد أظهرت الأبحاث حول حالات طبية أخرى -مثل مرض السكري من النوع الأول- أن الأطفال الذين يعانون من مضاعفات في سن مبكرة قد يكونون عرضة بشكل خاص لصعوبات معرفية.

وقد يكون لطول فترة الإصابة بالمرض دور مهم أيضاً، حيث إن مدة الإصابة بمرض الربو ترتبط بتغيرات في بنية ووظائف الدماغ لدى البالغين. بناءً على ذلك، افترض الباحثون أن الأطفال الذين يعانون من مرض الربو في سن مبكرة قد يكونون أكثر عرضة لصعوبات الذاكرة.

واستخدم الباحثون في دراستهم بيانات طولية من دراسة تطور الدماغ، والإدراك لدى المراهقين في الولايات المتحدة الأميركية لتقييم ما إذا كان الأطفال المصابون بمرض الربو يُظهرون أداءً أقل في الذاكرة.

تتطلب الذاكرة العرضية، وهي القدرة على تذكر الأحداث الماضية بتفاصيل معينة، سلامة الحُصين، وهي أيضاً عمليات ذاكرة استُهدفت في نماذج القوارض.

تتحسن هذه القدرة بشكل كبير خلال الطفولة. لذلك، من المتوقع أن يظهر الأطفال الذين يعانون من بداية مبكرة للربو تحسناً أبطأ في نمو الذاكرة مع مرور الوقت، مقارنةً بالأطفال الذين أُصيبوا بالربو في وقت لاحق، وبالمقارنة مع مجموعة من الأطفال غير المصابين بالربو.

أطفال من أعراق مختلفة

وبناءً على النتائج التي ظهرت لدى البالغين، افترض الباحثون أن مرض الربو مرتبط بانخفاض الأداء في المهام التي تقيس الوظائف التنفيذية وسرعة المعالجة، لذلك من المتوقع أن يُظهر الأطفال المصابون بالربو أداءً أقل في الذاكرة العرضية طويلة الأمد والوظائف التنفيذية، بغض النظر عن توقيت ومدة الإصابة، مقارنةً بمجموعة مقارنة من الأطفال الذين ليس لديهم تاريخ مع مرض الربو.

والذاكرة العرضية طويلة الأمد نوع من الذاكرة التي تتعلق بتخزين، وتذكر الأحداث والتجارب الشخصية التي تحدث للفرد على مدار فترة زمنية طويلة. تتضمن هذه الذاكرة تذكر التفاصيل الخاصة بالأحداث الماضية، مثل أماكن وأوقات وقوعها، والأشخاص الذين كانوا حاضرين، والمشاعر والأفكار التي كانت موجودة في تلك اللحظة.

تم تضمين 474 طفلًا في التحليل الطولي لهذه الدراسة، وتم تقسيمهم إلى مجموعتين وفقًا لعمر ظهور مرض الربو في الطفولة.

شملت المجموعة الأولى 135 طفلاً لديهم بداية مبكرة للإصابة بالربو منهم 56% ذكور، وكان التوزيع العرقي يشمل 28% من الأطفال السود، و21% من الأطفال من أصل لاتيني أو إسباني، و48% من البيض.

أما المجموعة الثانية، التي بدأت فيها أعراض مرض الربو في سن متأخرة نسبياً، فقد شملت 102 طفل بمتوسط عمر يبلغ 9.88 سنوات، منهم 53% إناث، وتوزع الأطفال عرقياً بنسبة 17% من السود، و19% من اللاتينيين أو الإسبان، و63% من البيض.

وتم مقارنة المجموعتين مع مجموعة ثالثة مؤلفة من 237 طفلاً غير مصابين بالربو، بمتوسط عمر يبلغ 9.89 سنوات وتوزيع عرقي شمل 15% من السود، و20% من اللاتينيين، و62% من البيض.

التطور المعرفي للأطفال

أظهرت النتائج أن الأطفال الذين عانوا من مرض الربو في وقت مبكر من طفولتهم شهدوا انخفاضاً في معدلات التحسن في الذاكرة الطولية مقارنة بمجموعة الأطفال غير المصابين بالربو، ما يشير إلى أن بداية مرض الربو في سن مبكرة قد تؤثر سلباً على التطور المعرفي للأطفال على مدى الزمن، خصوصاً فيما يتعلق بقدرات الذاكرة.

في التحليل المقطعي، شملت الدراسة 2062 طفلاً، منهم 1031 طفلاً مصاباً بالربو بمتوسط عمر 11.99 سنة (وكانت نسبة الذكور 57%، حيث توزع الأطفال عرقياً بنسبة 27% من السود، و18% من اللاتينيين، و54% من البيض.

وتمت مقارنة هذه المجموعة مع 1031 طفلاً غير مصاب بمرض الربو بمتوسط عمر 12.00 سنة، مع نسبة 54% من الإناث، وتوزيع عرقي يشمل 21% من السود، و23% من اللاتينيين، و59% من البيض.

أظهرت نتائج التحليل المقطعي أن الأطفال المصابين بالربو سجلوا درجات أقل في اختبارات الذاكرة العرضية وسرعة المعالجة والوظائف التنفيذية مثل الانتباه.

تشير هذه النتائج إلى أن مرض الربو يمكن أن يؤثر سلباً على الذاكرة، وسرعة المعالجة، والوظائف التنفيذية للأطفال، مما قد يؤثر على أدائهم الأكاديمي، وقدرتهم على التركيز.

زر الذهاب إلى الأعلى