د.شايع الشايع: منهج الكفايات ضعيف جداً وغير ملائم لطلبة المرحلة الابتدائية
أجرت اللقاء: هنادي فهد الهران
أكد أستاذ المناهج وطرق التدريس في جامعة الكويت، والملحق الثقافي في القاهرة سابقاً ومدرب ببرنامج (TRIZ)، د.شايع الشايع، أن منهج الكفايات المطبق حالياً في مدارس الكويت يعد منهجاً ضعيفاً وغير ملائم لطلبة الكويت، خصوصاً طلبة المرحلة الابتدائية، ناصحاً باستبداله بمنهج المعايير.
ودعا في لقاء مع “المعلم” إلى الاعتماد على الكفاءات الوطنية في جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي؛ لوضع المناهج بدلاً من الاستعانة بالبنك الدولي، الذي لا يمتلك خبرات تربوية، ولا علاقة له بالمناهج.
وانتقد د.الشايع المدارس الحكومية، مشيراً إلى تدني مستواها، ما دفع الكثير من أولياء الأمور إلى إلحاق أبنائهم في مدارس خاصة أو ثنائية اللغة، كما دعا إلى تغيير طرق التدريس، التي تعتمد على الانتقال من الكل إلى الجزء، إلى طريقة الانتقال من الجزء إلى الكل.
وفيما يلي نص اللقاء:
• ما تقييمكم بشكل عام للمناهج الكويتية حالياً؟
– أرى أن منهج الكفايات، الذي طبق منذ أربع سنوات في بعض المراحل التعليمية، غير ملائم لمستوى طلبتنا وللتعليم في الكويت، فهو منهج ضعيف جداً، ولا يتناسب مع أعمار طلبة المرحلة الابتدائية.
* وما أبرز التحديات التي تواجهها المناهج من وجهة نظركم؟
– أكبر مشكلة تواجهها المناهج أننا نعتمد في تصميمها على جهات أخرى، مثل البنك الدولي، وهو غير مختص في المناهج ولا في التربية؛ فهو مختص في الأمور الاقتصادية وتطوير المجتمعات، وليس في الجوانب التربوية، وهذا من الأمور المزعجة جداً، فنجد بعض الدول مثل قطر والإمارات وسنغافورة لم تعتمد على البنك الدولي، بل رفضت الاعتماد عليه وركزت على خبراتها وعلى التجارب العالمية.
ومن مشاكل المناهج في الكويت أنها عند تصميمها وتطويرها لا يتم الاعتماد على أشخاص مختصين في كليات التربية الكويت أو التربية الأساسية في التعليم التطبيقي، ولو تم الاعتماد عليهم سنحصل على مناهج ممتازة جداً، كون هؤلاء أساتذة لهم دراية في المناهج الحديثة والتطورات والتغيرات الحقيقية. ولا بد من الاستفادة من الكفاءات الكويتية، وللأسف تم الاعتماد على غيرهم. ومع تقديري لجهود وزارة التربية، إلا أن كثيراً من موجهي الوزارة ليست لديهم المعرفة، فهل طور الموجهون من أنفسهم من خلال إكمال دراستهم للحصول على الماجستير والدكتوراه؟ وهل حضروا دورات ومؤتمرات عالمية؟ وهل قاموا بتأليف كتب؟
وفي منهج الكفايات نجد صعوبة في توصيف هذه الكفايات أو خطوات تدريسها، وأنا أتحدث عن اللغة العربية وأسأل: هل هناك من يوضح طريقة التدريس؟ لا يوجد أي أحد لديه العلم والمعرفة بهذا المنهج، وهذه هي كارثة، كما لا يوجد من يزودنا بالمعلومات والبيانات، لا رئيس قسم، ولا معلماً، ولا حتى إدارة المناهج أو وزارة التربية أو مركز تطوير التعليم يمكن أن يشرح لنا منهج الكفايات.
حفظ وتلقين
• هناك اتهام بأن المناهج الكويتية تعتمد على الحفظ والتلقين، وما تعليقكم على ذلك؟
– مسألة الحفظ والتلقين موجودة في جميع المناهج، وهذا أمر طبيعي يعتمد عليه اعتماداً كبيراً، ونحن نتكلم عن استخدام طريقة منهج معين، هل يساعد الطالب بأن يصل إلى مرحلة الفهم وليس الحفظ، وأن يصل إلى مرحلة الإبداع فيبدع ويتميز؟. والأمر الأسوأ إذا كانت المناهج ليست مفهومة من قبل المختصين، فكيف يمكن إيصال المعلومة للطالب؟
• وما تعليقكم على أن المناهج الكويتية يتطلب أن يتم إعدادها وتقييمها محلياً دون الحاجة لجهات خارجية كالبنك الدولي على سبيل المثال؟
– لا بد من اعتماد الكويت على كفاءات وطنية، سواء من الميدان من المعلمين أو الموجهين، فلدينا كفاءات ممتازة وكفاءات من جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي وأساتذة متخصصين في هذا المجال وأشخاص على مستوى راق جداً ولديهم خبرات ممتازة، وهناك من ينشرون أبحاثاً في مجلات عالمية، ولو اعتمدنا على كفاءاتنا الوطنية لتطورنا أكثر، ولنأخذ تجارب دول قريبة منا، مثل الإمارات وقطر، فلماذا نذهب إلى البنك الدولي؟
المناهج والتكنولوجيا
• من وجهة نظركم، إلى أي مدى كان للتكنولوجيا تأثيرها السلبي على المناهج؟
– إذا كان القصد بالتكنولوجيا وسائل الاتصال الاجتماعي والتلفونات مع الطلبة خارج المدرسة وداخلها، فإن لها تأثيراً سلبياً كبيراً على مستوى العالم وليس الكويت فقط؛ لأنه يأخذ الكثير من جهد الطالب وتفكيره وذهنه بشكل غير طبيعي، أما إذا كان استخدام وسائل التكنولوجيا في التدريس، فهي مهمة جداً ومفيدة وميسرة للتعليم.
• هل أنتم مع الاستغناء عن الكتب واستبدالها بالنشر عبر الوسائل الإلكترونية؟
– استخدام الكتاب هو الأساس، واستخدام الوسائل لا يمنع بحدود معينة، لكن الكتاب ضروري بأن يقرأ الطالب ويتصفح الأوراق، فالكتاب مهم جداً.
المدرس الخصوصي
• هناك اتهام مباشر بأن الاعتماد على المدرس الخصوصي سببه التعقيدات في المناهج وعدم قدرة المعلمين على إيصال مفاهيمها بالشكل المطلوب، ما تعليقكم على ذلك؟
– نعم، أؤيد هذا الشيء، وهو سبب تفشي ظاهرة المدرس الخصوصي، وهي موجودة على مستوى الوطن العربي والعالم بشكل عام، ولكن أتكلم عن بلدي الكويت، وعن الأسباب الرئيسة، ونحاول أن نعالجها. نعم، السبب الرئيس هو تدني مستوى المناهج، وضعف صياغتها، وصعوبة تدريسها من قبل المعلمين وقناعة المعلم أن هذه الطريقة غير مناسبة وغير صحيحة، فلو تحدثنا عن اللغة العربية في المرحلة الابتدائية، لوجدنا أن المعلم يدرس بطريقة الجملة، ثم ينتقل إلى الكلمة، ثم الحرف، وهذه طريقة سيئة جداً؛ لأنها تقوي لدى الطفل مهارة الاستماع، ولكن لا تقوي عنده مهارتي القراءة والكتابة. وأنا أؤيد الطريقة الجزئية، التي تبدأ من الحرف ثم الكلمة فالجملة، كما نلاحظ أن المعلم الآن إذا درس تلميذ المرحلة الابتدائية درساً خصوصياً يستخدم الطريقة الجزئية من حرف إلى كلمة إلى جملة.
الموسوعة الإملائية
• الموسوعة الإملائية المتميزة للباحث اللغوي الكويتي حمزة الخياط، والتي كان لها مرددوها الإيجابي الكبير وصداها الواسع محلياً، ألا تعتبر دليلاً على وجود خلل في تأليف المناهج على مستوى وزارة التربية؟
– الأستاذ حمزة من الأساتذة المبدعين والمتميزين، كان معلماً ودرَّس فترةً طويلةً وخرَّج أجيالاً ممتازة وأيضاً في المركز الخاص به في الخالدية، وخرّج أجيالاً خلال فترة وجيزة وبطريقة رائعة جداً، وأبنائي كانوا يدرسون عنده، ويتعلمون، وهذا الأمر يدفعنا للفخر بأن يكون لدينا شخصية مثل الأستاذ حمزة، فكثير من المعلمين المتميزين والمبدعين، نراهم بعد التقاعد ينسون أو يبتعدون عن مجالهم، ولكن الأستاذ حمزة من الأشخاص المتميزين، وبعد تقاعده استمر في عطائه وخدمته لوطنه، والموسوعة رائعة جدا، وقد اطلعت عليها وهي ممتازة ومتميزة جداً، ولو تم تطبيقها في الكويت فستعالج مشكلة كبيرة، وتعالج أيضاً مشكلة تدني مستوى التعليم في الكويت وفي تعليم اللغة العربية. وإذا كانت اللغة العربية تعتمد عليها جميع المواد، حتى مادة اللغة الإنجليزية، فإذا كانت تدرس اللغة العربية بطريقة صحيحة كما يدرسها الأستاذ حمزة، فإن هذه الطريقة تعالج مشكلة التعليم في الكويت، دون الحاجة للكفايات أو مناهج أو غيرها.
• على الرغم من أن وزير التربية الراحل د.أحمد الربعي قد أقر تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية منذ عام 1992م بهدف معالجة ضعف مستوى الطلبة في المراحل الأخرى في اللغة الإنجليزية، إلا أن هذا الهدف لم يتحقق بالشكل المطلوب حتى وقتنا الحالي، فما تعليقكم على ذلك؟
– رحم الله د.أحمد الربعي، كان شخصاً مخلصاً ومجتهداً وفعالاً في تطبيق منهج اللغة الإنجليزية في المراحل الابتدائية، وأوضح نقطة مهمة جداً، كمتخصص في مجال التدريس في مجال اللغة العربية، لدينا مشكلة كبيرة جداً لا بد أن ننتبه لها، إذا كان تعليم الطفل في المراحل الأولى أكثر من لغة، فإن هناك لغة تطغى على اللغة الأخرى، فكان تدريس اللغة الإنجليزية أقل من اللغة العربية، وطغت اللغة العربية، بالإضافة إلى أن اللهجة الكويتية ليست لغة عربية، فإن الطفل يستخدم لغة غير اللغة الموجودة عنده، وهذه من أسباب تدني مستوى التعليم، وهو أنه من ناحية تعليمية وتربوية فإن لغة تطغى على لغة أخرى، وهذا كان له تأثير سلبي على الطالب. والنقطة الثانية، هل تم الاعتماد على خبرات الدول العربية في استخدام لغة غير ناطق بها أو لغة ثانية “اللغة الإنجليزية” في مجتمعات عربية؟ وهل تم الاعتماد على خبرات الدول العربية مثل لبنان ومصر والأردن وغيرها من الدول حتى نستفيد منها؟ للأسف أنا أرى أن هذا لم يهتم به، بالإضافة إلى تأهيل المعلمين، فلدينا معلمون متميزون جداً، هل تم تأهيلهم وإعطاؤهم دورات تدريبية في التدريس؟ هناك فرق بين أن أكون مختصاً في اللغة الإنجليزية وأن أكون معلما للغة الإنجليزية، وينطبق ذلك على اللغة العربية.
المدارس الأجنبية
• ما تفسيركم لتوجه عدد كبير من المواطنين للمدارس الأجنبية لتدريس أبنائهم؟ وهل للمناهج تأثيرها في هذا الشأن؟
– طبعاً هذا أمر طبيعي؛ لأن للمناهج تأثيراً سلبياً جداً، ونجد مستوى التعليم ضعيفاً جداً بالنسبة لطلبتنا في المدارس الحكومية، وبالإضافة إلى المدارس الخاصة هناك المدارس الخاصة ثنائية اللغة، ولها تأثير كبير في تطوير مستوى الطالب وتعليمه وبالذات اللغة الإنجليزية، حتى أننا نجد الكثير من الناس يبحث عن اللغة الإنجليزية أكثر من اللغة العربية أو غيرها، لذلك نجد ما لا يقل عن 30 ألف طالب في المدارس الخاصة، والسبب هو عدم الثقة للأسف بالمدارس الحكومية التي نجد مستوى التعليم فيها متدنياً جداً.
• ما الرسالة التي توجهها إلى وزير التربية في شأن المناهج؟
– أنا أنصح بقوة أن يتم أولاً الاعتماد على كفاءات من كليات التربية من جامعة الكويت، وهذه النقطة الأولى، أما النقطة الثانية، فأتمنى أن يكون هناك برتوكول بين وزارة التربية وكلية التربية وكلية التربية الأساسية للتعليم التطبيقي، وأتمنى أيضاً أن يلغى منهج الكفايات لأنه من المناهج التي له تأثير سلبي، وأتمنى أن يستبدل بمنهج المعايير، ومنهج المعايير أفضل وأقوى من منهج كفايات، والفرق بينهما أن منهج المعايير أكثر دقةً وتفصيلاً، وطبعاً الكفايات والمعايير هي قدرات ومهارات يتعلمها الطالب، والمعايير أكثر دقة وتعطينا المهارة أو المعيار، بحيث تصل الى آخر مرحلة وتدرك من أين تبدأ وإلى أين تنتهي، أما الكفايات، فيقدم المعلومات بشكل عام، كأن أعلم أشخاصاً لديهم علم ومعرفة، ولذلك منهج الكفايات يناسب المرحلة الثانوية نوعاً ما والمرحلة الجامعية، أما طلاب المرحلتين الابتدائية والمتوسطة فلا يناسبهم، وأرى أن من الأفضل استبدال منهج الكفايات مادام تم تطبيقة مدة ثلاث أو أربع سنوات، ولاحظنا الوضع السيئ جداً، وأنصح بقوة استبداله بمنهج أفضل بالاعتماد على متخصصين.
بطاقة تعريفية
د.شايع سعود أحمد الشايع
– أستاذ مساعد في قسم المناهج وطرق التدريس بكلية التربية في جامعة الكويت.
– دكتوراه في فلسفة التربية من جامعة أوهايو (أمريكا).
– ماجستير في التربية، تخصص مناهج وطرق تدريس، جامعة بورتلاند ستيت – أمريكا.
– بكالوريوس في التربية، تخصص لغة عربية، كلية التربية الأساسية.
– بدأ مشواره التربوي معلماً للغة العربية (١٩٩٣- ١٩٩٥).
– عمل ملحقاً ثقافياً في سفارة دولة الكويت بجمهورية مصر العربية.
– له العديد من البحوث والدراسات العلمية، إلى جانب عدد من الكتب، فيما كانت له مشاركاته في العديد من المؤتمرات الدولية والإقليمية والعربية والمحلية.
– عضو في العديد من الهيئات والجمعيات المهنية والتربوية والأكاديمية في الولايات المتحدة والكويت والأردن، ومستشار تربوي في تطوير المناهج وتقييم برامج ومناهج التدريب، وفي تصميم البرامج والدراسات الاستشارية التعليمية، ومدرب معتمد لبرامج التفكير.