أخبار العالم

رندة تقي الدين: لودريان في بيروت في مهمة شبه مستحيلة

يصل مساء اليوم مبعوث الرئيس الفرنسي الخاص الوزير السابق جان إيف لودريان إلى بيروت في مهمة أوكلها إياه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للاستماع للفرقاء اللبنانيين والعودة إليه بتقرير مع اقتراح حلول من أجل دفع الفرقاء اللبنانيين الى التوافق حول انتخاب رئيس .

وكثرت التأويلات والتحاليل اللبنانية المحلية حول أسباب تعيينه وماذا يحمل في جعبته . فالبعض في لبنان يظن انه آت مع خريطة طريق للتحرك والبعض الآخر يتوقع مبادرة فرنسية جديدة .

جل ما في الأمر أن ماكرون يبحث عن دفع حل للفراغ الرئاسي في لبنان وإخراج هذا البلد من أزمته الكارثية.

وسبق للرئيس الفرنسي فشل في مساعيه الشخصية عندما زار لبنان مرتين بسبب تعنت السياسيين.

وكان لودريان وزيرا للخارجية لمدة خمس سنوات في العهد الرئاسي الأول لماكرون وواكبه في زياراته الإثنين إلى بيروت بعد تفجير المرفأ ثم عندما حاول مجددا جمع رؤساء الأحزاب الذين خذلوه.

واستمرت زيارات إيف لودريان تنبيهه اللبنانيين من خطر تصرفهم وتحذيرهم من أن بلدهم “سيغرق مثل التيتانيك” لكن لا خبر لمن ينادي إذ إن لم يسمع أحد للودويان . ما الذي تغير إذا الآن؟ ليس هناك رئيس في لبنان علما أن زيارات ماكرون ثم وزيره السابق لودويان تمت في فترة كان ميشيل عون الذي هدد بدخول لبنان إلى جهنم رئيس وتبين أن كان عهده فعلا جهنميا مع انهيار المصارف والاقتصاد ومعظم المؤسسات.

فما الذي لدى إيف لودريان اليوم أكثر من الأمس.

خبرة لودويان كوزير دفاع في عهد الرئيس الفرنسي السابق الاشتراكي فرانسوا هولاند وكوزير خارجية في العهد الأول لماكرين ليست الوصفة للنجاح في مثل هذه المهمة.

فهو ذاهب ليسمع ما الكل سمعه ويعرفه.

إن حزب الله ورئيس مجلس النواب اللبناني مصرين على فرض مرشحهم للرئاسة الوزير السابق سليمان فرنجية رئيس تيار المردة حفيد الرئيس الراحل سليمان فرنجية وصديق بشار الأسد.

أما الأحزاب المسيحية المتخاصمة حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع وخصمه اللدود جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر العوني فتمكنت من التقاطع مع عدد من النواب الجدد ومع نواب اللقاء الديمقراطي الذي ينتمي إلى الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ونجله تيمور على ترشيح جهاد ازعور وزير المالية السابق ورئيس قسم الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي الذي حصل على ٥٩ صوتا في جلسة انتخاب دعا إليها نبيه بري في 14 من الشهر الجاري مقابل 50 إلى فرنجية ثم طير بري النصاب لتعطيل الانتخاب.

لكن الجديد الوحيد في زيارة لودريان إنها تأتي في فترة تطورات في الإقليم إذ أن هناك تطبيع بين إيران والسعودية .

لكن الملف اللبناني ليس ضمن هذا الحوار . اهتمامات السعودية هي اليمن واستقرار وامن السعودية ودول الخليج.

والتغير الأخر هو عودة لبشار الأسد إلى الجامعة العربية والتطبيع مع السعودية والإمارات وعدد من الدول العربية التي كانت مقاطعة للنظام السوري .

ورغم عودة بشار الأسد فهو ما زال محميا من إيران وحزب الله والطيران الروسي الذي كثيراً ما يتناسى حمايته عندما يقصفه الطيران الإسرائيلي.

فالنفوذ الإيراني وحزب الله سيتعزز في لبنان .

لودريان شخصية سياسية سابقا اشتراكية محترمة في فرنسا وكان مرشحا لمنصب رئاسة معهد العالم العربي الذي يرأسه الوزير السابق جاك لانغ الذي رغم سنه المتقدم غير راغب بالتخلي عن المنصب حتى الآن.

فتعيين لودريان مبعوثا للبنان يهدف إلى دفعة جديدة من ماكرون بشأن لبنان بالتوازي مع عدم إحراجه إذاء صديقه ووزيره السابق بعدم تعيينه في منصب رئيس المعهد الذي طمح اليه .

ثم أن علاقات لودريان قوية مع المملكة السعودية كثيرا ما زارها والتقى ولي العهد السعودي عندما شغل منصب وزير دفاع فرنسا.

وربما رهان ماكرون على ان يكون هناك لاحقا تحركا فرنسيا سعوديا للحل في لبنان علما ان الرئيس الفرنسي مدرك تماما ان لبنان ليس في أولوية اهتمامات ولي العهد السعودي المهتم بأمور أخرى في المنطقة.

لكن رأى ماكرون في حديثه مع الأمير محمد بن سلمان خلال استضافته في الإيليزيه يوم الجمعة ضرورة أن تظهر فعالية التطبيع بين السعودية وإيران عبر تسهيل انتخاب رئيس في لبنان .

ووعد ولي العهد الرئيس الفرنسي بالتنسيق معه حول لبنان دون الخوض بتفاصيل الوضع اللبناني الذي يتركها ولي العهد لفريق مستشاريه الموكلين الملف اللبناني .

وإيران ليست في صدد التدخل مع حزب الله للتخلي عن مرشحه الرئاسي فرنجية كما ان حزب الله لن يتخلى عن نفوذه في لبنان .

فالحزب اغتال من خالفه رأيه ومن حاول تقليص نفوذه ونفوذ حليفه الإيراني والسوري بشار الأسد .

وفي هذه الظروف من الصعب جداً نجاح رهان ماكرون على نجاح مبعوثه لودريان إلى لبنان.

زر الذهاب إلى الأعلى