سبكتيتور: ماكرون مسؤول عن نهاية عصر فرنسا في إفريقيا
تلقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رسالة يوم الاثنين من نحو 100 عضو في مجلس الشيوخ يمثلون مختلف الطيف السياسي الفرنسي انتقدوا فيها “الإخفاقات ونكسات” سياسة الجمهورية في إفريقيا خلال السنوات الأخيرة، ودعوا الرئيس إلى إعادة التفكير بالاستراتيجية الفرنسية في القارة.
في إطار سردها لبعض هذه الإخفاقات – مثل رفض مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو ومؤخراً النيجر لفرنسا – حذرت المجموعة من أنه قد يكون هناك المزيد من المشاكل المستقبلية في ساحل العاج والسنغال، حيث المشاعر المناهضة لفرنسا آخذة في الازدياد. ثم هناك شمال إفريقيا، حيث العلاقات مع المغرب وتونس لم تعد كما كانت، وفي حالة الجزائر، أصبحت عدوانية بشكل نشط.
وحسب مراسل الشؤون الفرنسية في مجلة “سبكتيتور” البريطانية غافين مورتيمر أنه يمكن أن يُعزى بعض هذا التدهور إلى التدخل الروسي، لكن فرنسا تتحمل أيضاً بعض المسؤولية عن نفوذها المتضائل. يمكن أن يُعزى بعض هذا التدهور إلى التدخل الروسي، لكن فرنسا تتحمل أيضاً بعض المسؤولية عن تضاؤل نفوذها. شدد أعضاء مجلس الشيوخ الـ94 على أنهم لم يكونوا متلهفين لعصر “فرنسافريقيا” لكنهم سعوا إلى الاستنارة حيال استراتيجية ماكرون في أفريقيا، إن وجدت. عسكرياً وثقافياً ولغوياً، يبدو أن فرنسا تنسحب من القارة، وبالتالي، نصت الرسالة على أنه “تم استبدال فرنسافريقيا الأمس بروسيافريقيا العسكرية أو الصينافريقيا الاقتصادية أو أمريكافريقيا الدبلوماسية”.هل فشلت عسكرياً أو سياسياً؟ردّ وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان ليكورنو على الرسالة بالنيابة عن الجيش، رافضاً فكرة أن عملية برخان التي انتقدها أعضاء مجلس الشيوخ كانت هزيمة. العملية المناهضة للجهاديين التي أطلقها الرئيس فرانسوا هولاند في منطقة الساحل الأفريقي في أغسطس (آب) 2014 انتهت رسمياً في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وقد أسفرت عن مقتل 58 جندياً.
قال ليكورنو لصحيفة الفيغارو الفرنسية: “لم تكن برخان فاشلة، من الخطأ قول ذلك”. وأضاف: “هل كان هناك فشل عسكري؟ الجواب لا، الجيش الفرنسي لم يُهزم. هل كان هناك فشل سياسي؟ يعود الفضل لفرنسا في أنها حاربت الإرهاب. لا أنسى أبداً أننا فقدنا 58 جندياً”. لاحظ مورتيمر أن هذا لم يكن جواباً على ما إذا كانت عملية برخان إخفاقاً سياسياً.
تغيير في النهج
حتى أشد مؤيدي ماكرون الذين يتضاءل عددهم في فرنسا سيواجهون صعوبة كبيرة لقول إنه نجح في yفريقيا. ومع ذلك، هو وجّه الكثير من طاقته لإعادة تأسيس النفوذ الفرنسي في القارة. لقد أجرى أول زيارة له لإفريقيا في مايو (أيار) 2017 بعد أسبوعين على انتخابه رئيساً، وكانت هناك 17 زيارة أخرى جنوباً لمصافحة عدد من رؤساء الدول.
في مارس (آذار) من هذه السنة، تحدث ماكرون عشية زيارة أخرى إلى أفريقيا عن “رؤية جديدة للشراكة مع الدول الإفريقية”. وقد انطوت على تقليص الوجود العسكري الفرنسي، لكن الرئيس شدد على ضرورة عدم رؤية هذه الخطوة كـ”انسحاب أو فك ارتباط”. كانت مجرد تغيير في النهج، “تعاون بشكل مختلف”.
سبب الفشل الذريع
أضاف الكاتب أن هذا النهج حرض عليه ماكرون وماكرون وحده، مما قد يفسر فشله الذريع. في 2022، استبدل وزير خارجيته المخضرم جان إيف لو دريان بكاثرين كولونا، وهي السفيرة السابقة في المملكة المتحدة، وبالتالي خسر دبلوماسياً ذا خبرة واسعة كان على دراية معمقة بالسياسة الإفريقية. إضافة إلى ذلك القرار، أعلن ماكرون أيضاً عن إصلاح مثير للجدل في السلك الدبلوماسي وهو ثالث أكبر سلك في العالم بعد الولايات المتحدة والصين، عبر التخلص التدريجي من السفراء المفوضين ومستشاري الشؤون الخارجية واستبدالهم بموظفين حكوميين جدد.
رد فعل مفاجئ
تعني التغييرات التي ستدخل حيز التنفيذ في وقت لاحق من هذه السنة أن كبار موظفي الخدمة المدنية لن يقضوا مسيرتهم المهنية في منصب معين ولكن سيخضعون للمداورة على فترات منتظمة. واجه الإصلاح إضراباً نادراً من الدبلوماسيين الذين يعتقدون أنه سيقوض المعرفة والخبرة التي تم صقلها على مدى سنوات عدة. وقيل إن لو دريان أعرب عن “تحفظاته” بشأن التغيير. في تقييمه للإصلاح، خلص معهد أبحاث السياسة الخارجية الأمريكي إلى أن ماكرون “لم يأخذ في الاعتبار كثيراً آراء المعنيين ناهيكم عن آراء خصومه… مما ولد إحساساً بخيبة الأمل والارتباك.
كلمة ماكرون التي تبددت
خلال خطاب ألقاه في وقت سابق من هذه السنة، أعلن ماكرون من الإليزيه أنه يطمح إلى دخول فجر جديد من التعاون بين فرنسا وأفريقيا مبني على “علاقات محترمة ومتوازنة ومسؤولة، للقتال معاً من أجل القضايا المشتركة والدفاع عن مصالحنا ومساعدة البلدان الإفريقية على النجاح”.
لكن حسب مورتيمر، يبدو بشكل متزايد أن إفريقيا لم تعد تريد مساعدة فرنسا. كما أشار أعضاء مجلس الشيوخ الـ94 في رسالتهم، إن عصر فرنسافريقيا قد انتهى وأن الصين وروسيا وأمريكا تتدافع الآن نحو تلك القارة.