سليم عساف: مفردات أغنية “تناديك” ليست سهلة ومع ذلك تصيب القلب!
طرح الفنان سليم عساف بصوته أغنية «تناديك» للفنان ماجد المهندس (على طريقة Cover)، كما أعلن عن مجموعة أغنيات جديدة سيطرحها خلال الفترة المقبلة.
وتحدث عساف لـ«الراي» عن تَغَيُّر في العصر سينعكس على كل شيء بما فيه الفن، وستكون له سلبياته وإيجابياته، مشيراً إلى أنه في عصر «التيك توك» صار يتخرج آلاف الفنانين كل أربع ساعات، بعدما كان الناس ينتظرون في زمن «ستديو الفن» 4 سنوات كي تتخرّج دفعة جديدة من الفنانين، وموضحاً أن استمرار أي فنان سيرتبط بنجاح أغنياته واستمراريتها وقدرته على تقديم الجديد.
• هل يمكن القول إن الفنانين يتعاملون مع المرحلة الحالية كتقطيع وقت، بانتظار ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع؟
– هذا الكلام يعكس وجهة نظر صحيحة إلى حد ما، لأن الرؤية ليست واضحة أمام كل الفنانين، والمرحلة الحالية هي مُناسِبة للتجارب.
من الجيد أن يبادر الفنان إلى تجارب فنية جديدة، ولكن هذا لا يعني أن الأعمال التي تُطرح حالياً لن تحقق النجاح، بل كل عمل جيّد ومضيء سيُكتب له النجاح.
نحن لا نعرف كيف ستتجه الحياة، وهذه المشكلة الأساسية التي نحن متأكدون منها.
هناك تجارب ناجحة وأخرى فيها تكرار، ولكن عندما نقرّر خوض تجارب جديدة يجب أن تكون كذلك فعلاً، وليس سماع ما سمعناه سابقاً.
• وفي أي أعمال لمستَ التكرار؟
– لا أريد أن أدخل في تفاصيل.
• حتى طرْح الأعمال، هل هو نوع من المجازفة فيه هدْر للمال لأن الناس لا يريدون أن يسمعوا بل يركّزون على الوضع الراهن في لبنان بكل أزماته وسلبياته؟
– لا شك أن الناس لديهم انشغالات كثيرة، ولكن العمل الجميل يفرض نفسه.
ومَن يشعر بأنه منزعج، ليس خطأ أن يسمع أغنية، لأن هدف الأغنية إضفاء أجواء جديدة تجعل الناس يبتعدون عن المزاج السيئ وتنقلهم إلى مكان آخر، أو ربما تحكي عن وجعهم. مثلاً أحببتُ كثيراً أغنية نانسي عجرم الأخيرة «إمي» ووجدتُها قريبة من القلب.
هذا الوقت ليس ميتاً، بل هو جيد للنشاط الفني.
كل فنان كان يرغب بتقديم أعمال معينة، فالوقت الحالي مُناسِب كي يشتغل عليها.
هو وقت فراغ، فلا حفلات ولا مهرجانات.
• طرحتَ أخيراً أغنية «تناديك» للفنان ماجد المهندس بعدما أعدتَ غناءها بصوتك وقلت إنها من الأغنيات التي تحبها. فهل هناك المزيد من الأغنيات التي تحبها أيضاً وتفكر بطرحها خلال الفترة المقبلة؟
– بشكل عام، أحب اللون الخليجي وهو قريب إلى قلبي.
الشعر الخليجي عميق وخصوصاً شعر ياسر التويجري الذي يتميّز بما يَنْظمه وهو دائماً يصيب وشعره في ذاته هو أغنية، وعندما يُلقي الشعر نشعر وكأنه أغنية.
مفردات أغنية «تناديك» ليست سهلة ومع ذلك هي تصيب القلب.
إلى ذلك أحب أغنيات عبدالمجيد عبدالله وتجديدها، وكذلك غيرها من الأعمال كأعمال أبو بكر سالم.
في السابق كنت ضد «الكوفر» ولكن أصبحت أحبها.
• وما الذي تَغَيّر، هل أصبحتَ أكثر نضجاً مثلاً؟
– مَن لم ينضج في هذا الوقت لن ينضج أبداً، لأن المرحلة الحالية جعلتْنا نعيد حساباتنا جميعاً، ونرى الأمور على حقيقتها ونعرف أن هناك أموراً مهمة لم نكن نعرف قيمتها، وأننا كنا مخدوعين بأشخاص يحيطون بنا.
هذه الفترة جعلتْنا نتصالح مع أمور كثيرة.
صحيح أنها كانت سيئة، ولكن كان فيها أيضاً الكثير من الحقيقة، وصرنا نريد أن نعيش من دون أن نخسر أنفسنا والذين نحبهم.
• عادةً، الغناء لفنان آخر يسبب مشكلة للفنان لأنه يضعه في موقع المقارنة معه.
كيف تتجنّب هذا الأمر؟
– إنها المرة الأولى التي أعيد غناء عمل لفنان غيري، وعادةً أفعل ذلك مع الأغنيات التي ألحّنها.
أنا طرحتُ «كوفر» وهو عبارة عن دقيقة وليس أكثر، ولو أنني لا أحب إحساس ماجد المهندس وهو يؤدي الأغنية لَما كنتُ أعدت غناءها بصوتي.
عندما أحب عملاً بصدق لا أفكر كثيراً في التفاصيل، ولذلك هو يصل إلى الناس لأنه بعيد عن التعقيد.
• ورأي الناس ومقارنتهم؟
– يهمّني أن يعجب العمل الناس وأن يلامس قلوبهم، ومن يريد التفكير بالمقارنة ففي النهاية الانتقاد قد يلاحقه في أي عمل.
• وماذا تحضّر للفترة المقبلة؟
– هناك أعمال لي ولغيري، وبينهم مَن أتعامل معم للمرة الأولى، ولكنني لا أستطيع الإفصاح عن هذه الأعمال، لأن هناك الكثير من المستجدات.
أحياناً لا يكون المزاج في أفضل حال، وأحياناً النتيجة لا تعجبنا، وأحياناً أخرى ظروف البلد تنعكس علينا.
• هل ترى أن الظروف الفنية صارت أصعب والمزاج الفني تَغَيّر كثيراً؟
– طبعاً.
المزاج الفني سيتغيّر وليس بالضرورة نحو الأسوأ.
العصر يتغيّر وهو سينعكس على المزاج الفني، وكل أنواع الفنون.
الفنون هي انعكاس للمجتمع. وكل الحروب والثورات في العالم، تلتْها أنماط موسيقية جديدة.
وهذا الأمر بدأنا نلمسه من خلال انتشار أغنيات لفنانين لم نسمع بهم سابقاً، طرحوها على «تيك توك» ويردّدها الناس بقوة. لم يعد يمكن بناء فنان وفق جماهيرية عريضة بل وفق أغنية يستمرّ مع استمرارها.
• وهل يمكن أن يتحوّل مغنّو «تيك توك» إلى نجوم أصحاب جماهيرية عريضة؟
– ليس بالضرورة، بل إن استمرارهم يرتبط بنشاطهم وبقدرتهم على التواجد.
اللعبة الفنية تغيّرت، إذ في السابق كنا ننتظر تَخَرُّج عدد من الفنانين من برنامج «استديو الفن» مرّة كل أربع سنوات، واليوم صار يتخرّج آلاف الفنانين كل أربع ساعات.
الأمر يرتبط بما يقدمه الفنان، ولكن في لحظة ما يمكن أن يَبْرُزَ فنان آخَر يقدّم ما هو أفضل، وإن كان هناك فنانون ثابتون وعريقون، وهم باقون ولو ارتكبوا هفوات أو قدّموا أغنيات ليست قوية.
الجيل الجديد لن يتعلق بفنان واحد طوال حياته كما جيلنا، لأن فناناً جديداً سيبرز يومياً والأسماء لن تستمر طويلاً.
• وهل هذا الأمر جيد أم سيئ؟
– هو سيئ بالنسبة إلى جيلنا، أما بالنسبة إلى الجيل الجديد فهو جيد.
• وكقيمة فنية؟
– هو جيد من ناحية واحدة، لأنه أصبح بإمكان أي كان أن يبرهن عن موهبته، وسيئ من ناحية أن بإمكان أي كان أن يغني، حتى لو كان دون المستوى.
المصدر: الراي