سوريا: الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل وسط انسداد سياسي وانهيار اقتصادي
وكالات
خلال افتتاح دورة برلمانية استثنائية، أمس، حدد مجلس الشعب السوري يوم 26 مايو موعداً للانتخابات الرئاسية، في استحقاق تبدو نتائجه محسومة لمصلحة الرئيس بشار الأسد، في بلد دخل النزاع الدامي فيه عامه الحادي عشر، وسط غياب لأي آفاق تسوية سياسية.
وتأتي الانتخابات الرئاسية، الثانية منذ بدء النزاع في عام 2011 والتي تجرى كل سبع سنوات، في وقت تشهد البلاد أزمة اقتصادية خانقة، وبعدما استعادت القوات الحكومية بدعم عسكري روسي وإيراني مساحات واسعة، في حين تبقى مناطق أخرى تحت نفوذ أطراف محلية مدعومة من قوى خارجية.
وأعلن رئيس مجلس الشعب، حمودة صباغ، فتح باب الترشح عشرة أيام، اعتباراً من اليوم، كما حدد موعد اقتراع سوريي الخارج بسفاراتهم في 20 مايو.
ولم يعلن الأسد (55 عاماً)، الذي يحكم البلاد منذ عام 2000، ترشحه رسمياً حتى الآن. وقد فاز، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة (يونيو 2014)، بنسبة تجاوزت 88 في المئة.
ووافق مجلس الشعب في 2014 على مرشحين اثنين، إضافة إلى الأسد. ولا تتوافر حتى الآن أي معلومات عن أشخاص قد يقدمون ترشيحهم.
ولن تجرى الانتخابات الرئاسية إلا في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية، أما في المناطق الواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية الكردية (شمال شرق)، فقد توضع صناديق اقتراع بأحياء قليلة لا تزال تتواجد فيها قوات النظام بمدينتي الحسكة والقامشلي، في حين ستغيب الانتخابات عن المناطق الأخرى.
كما لا تعني الانتخابات نحو نصف مساحة محافظة إدلب ومناطق محدودة محاذية لها (شمال غرب)، وتسيطر عليها «هيئة تحرير الشام» المتشددة (جبهة النصرة سابقاً)، فضلاً عن منطقة حدودية واسعة تسيطر عليها قوات تركية وفصائل سورية موالية لها.
وتنظم الانتخابات الرئاسية بموجب الدستور، الذي تم الاستفتاء عليه في 2012، في حين لم تسفر اجتماعات اللجنة الدستورية، التي تضم ممثلين عن الحكومة والمعارضة، برعاية الأمم المتحدة، عن أي نتيجة. وتنص المادة 88 من الدستور، الذي تم الاستفتاء عليه في 2012، على أن الرئيس لا يمكن أن ينتخب أكثر من ولايتين كل منها من سبع سنوات. لكن المادة 155 توضح أن هذه المواد لا تنطبق على الرئيس الحالي إلا اعتباراً من انتخابات 2014.
ومن شروط الترشح للانتخابات أن يكون المرشح قد أقام في سورية بشكل متواصل خلال الأعوام العشرة الماضية، مما يغلق الباب أمام ترشح أي من المعارضين المقيمين في الخارج.
ولقبول ترشيحه، يحتاج المرشح تأييد 35 عضواً على الأقل من أعضاء مجلس الشعب، الذي يسيطر عليه حزب البعث الحاكم.
وتتزامن الانتخابات مع أزمة اقتصادية خانقة تشهدها سورية، فاقمتها العقوبات الغربية، خصوصاً قانون قيصر الأميركي وإجراءات احتواء فيروس كورونا، فضلاً عن الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور، حيث يودِع سوريون كثر، بينهم رجال اعمال، أموالهم.
وترافقت الأزمة مع تدهور قياسي في قيمة الليرة السورية، مما انعكس ارتفاعاً هائلاً في الأسعار. ويعيش أغلبية السوريين اليوم تحت خط الفقر، ويعاني 12.4 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي، وفق برنامج الأغذية العالمي.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، تكثر التحليلات عما إذا كانت سورية تتجه نحو تسوية سياسية، بعد سنوات لم تحقق فيها جولات تفاوض عدة قادتها الأمم المتحدة أي تقدّم. إلا أنه ليس هناك أي تغير ملموس في الأفق، برغم انفتاح عربي محدود تجاه دمشق، ومحاولات روسيا لجذب الاستثمارات لإعادة الإعمار.
وخلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، الشهر الماضي، قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد إن «هذه الانتخابات لن تكون لا حرة ولا نزيهة. ولن تُكسب نظام الأسد أي شرعية»، و«لا تستجيب لمعايير القرار 2254 الذي ينص على إجرائها بإشراف الأمم المتحدة أو بموجب دستور جديد».
وفي بيان مشترك، دعا وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، التي «لن تؤدي إلى أي تطبيع دولي للنظام السوري».
وتابع الموقعون أن «أي مسار سياسي يتطلّب مشاركة كل السوريين، ولاسيما في دول الشتات والنازحين لضمان إسماع كل الأصوات».