شركات الذكاء الاصطناعي الصينية تتسابق لاختراق السوق الأمريكية
تسعى الشركات الناشئة الصينية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، إلى اختراق السوق الأمريكية، في مسعى من جانبها إلى تحقيق نمو سريع في الإيرادات، ومُحاكاة النجاح العالمي لشركة «تيك توك»، خاصة في ظلّ تباطؤ النموّ بالأسواق المحلية. وتُعدّ «ميني ماكس» و«بايت دانس» و«زيرو وان دوت إيه آي»، من بين مجموعة من الشركات الناشئة الصينية المُتخصصة في الذكاء الاصطناعي، التي أطلقت تطبيقات تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، مُستهدفةً الولايات المتحدة، التي تتمتّع بسوق استهلاكية ضخمة، تشهد إنفاقاً سخياً، على عكس المُستخدمين في أسواقها المحلية بالصين.
تمكّنت «ميني ماكس»، التي تتخذ من شنغهاي مقراً لها، وتحظى بدعم «هونغ شان» و«علي بابا» و«تنسنت»، من تحقيق تقدم واضح على مدى العام الماضي. وأفادت شركة «اليونيكورن» الناشئة، التي يبلغ عمرها ثلاثة أعوام، للمستثمرين، بأنها تتوقع تحقيق صافي مبيعات يبلغ نحو 70 مليون دولار هذا العام، وهي توقعات عالية، وفق معايير الشركات الناشئة العاملة بمجال الذكاء الاصطناعي، التي واجهت صعوبة في تحقيق أرباح من تقنياتها.
وتأتي غالبية المبيعات من تطبيق «توكي»، الذي أنشأته «ميني ماكس»، وهو روبوت للدردشة، يشغّله الذكاء الاصطناعي، ويستند إلى شخصيات افتراضية، وقد شاع استخدامه بالفعل بين المراهقين الأمريكيين.
من جانبها، أطلقت «بايت دانس»، مالكة منصة «تيك توك»، مجموعة من التطبيقات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى دمج ميزات ذكاء اصطناعي في تطبيقاتها الموجودة بالفعل، مثل تطبيق «هايبيك» لتحرير الصور. أما شركة «زيرو وان دوت إيه آي»، فهي العقل المبتكر لتطبيق «بوب إيه آي»، المفيد في تعزيز الإنتاجية، وهي تجري حالياً مرحلة الاختبار التجريبي لتطبيق للبحث يستخدم الذكاء الاصطناعي، بحسب أحد الأشخاص المطلعين على الأمر.
يؤكد هذا إمكانية إطلاق الشركات الصينية لتطبيقات تنافسية في مجال الذكاء الاصطناعي داخل الولايات المتحدة، رغم كل القيود التي فرضتها واشنطن على الرقائق، والرقابة الشديدة على القطاع. ويرى خبراء أن الصين تتمتع بميزات تنافسية في إطلاق منتجات مثل روبوتات الدردشة التي لا تتطلب قدراً كبيراً من الموارد الحاسوبية، لأنها تتدرب على كميات أصغر من البيانات، مقارنة بروبوتات الدردشة التي تعزز الإنتاجية.
في الوقت نفسه، يسلّط ذلك الضوء على التحديات التي تواجه شركات الذكاء الاصطناعي الصينية في سوقها المحلية، في ما يتعلق بتوليد إيرادات لدفع مقابل التكاليف المرتفعة للحوسبة المرتبطة بتدريب النماذج، في وقت تباطأت فيه وتيرة جمع التمويلات في أعقاب الطفرة التي شهدها النشاط خلال العام الماضي.
وتسبب تباطؤ وتيرة التمويل في ضغوط على شركات الذكاء الاصطناعي، فيما هي بحاجة إلى إثبات قدرتها على زيادة إيراداتها سريعاً. ويدفعها ذلك إلى توجيه أنظارها ناحية الأسواق الخارجية، حيث توجد فرص أفضل لتحقيق الربح، مقارنة بالصين، حيث يميل المستهلكون إلى العزوف عن الاشتراكات.
ترى أدينا ياكيفو، الخبيرة في الذكاء الاصطناعي بالصين لدى منصة هاجينج فيس المتخصصة في تعلم الآلة، أن شركات الذكاء الاصطناعي الصينية «تمر بنقطة تحوّل حرجة». وقالت: «يُعد التوسّع خارج البلاد خياراً ضرورياً، عندما نضع في الاعتبار الصعوبات التي تواجهها هذه الشركات في تحقيق الأرباح داخل الصين، والمنافسة الشرسة في السوق المحلية».
وأشار مصدران مطلعان، إلى معاناة «ميني ماكس» في تحقيق أرباح من نسختها المحلية من تطبيق «ووكي»، ويُدعى «شينغي»، مقارنة بالنجاح الذي تمكّن نظيره الأجنبي من تحقيقه. وقد رفضت «ميني ماكس» التعليق. وتولدّ الشركة غالبية مبيعاتها من الإعلانات على «توكي»، لكن لديها أيضاً اشتراك مميز يتيح للمستخدمين خوض محادثات طويلة مع الشخصيات الافتراضية على التطبيق.
وهناك تحذيرات من أن توقعات الشركة للأرباح كانت عُرضة للتغيير، في ضوء التقلب الذي يعتري الطلب. وبلغت قيمة «ميني ماكس» 2.5 مليار دولار مؤخراً، في جولة تمويل أعلنتها في مارس الماضي، وجمعت خلالها 600 مليون دولار.
وتحاول شركات الذكاء الاصطناعي الصينية، تفادي المشكلات التي تواجه «بايت دانس» في مواجهة واشنطن، بسبب الحظر المُحتمل لتطبيق «تيك توك»، وذلك عن طريق تأسيس الكيانات في الخارج، إما في سنغافورة أو في هونغ كونغ أو في الولايات المتحدة نفسها.
وتقوم هذه الشركات بتشغيل التطبيقات بعد ذلك على خادم يقع خارج الصين، وفق ما أفاد به أشخاص على دراية بالأمر. وتستخدم «ميني ماكس» مراكز بيانات تابعة لـ «خدمات أمازون ويب» في الخارج، لتشغيل تطبيق «ووكي».
وأشارت مزودة البيانات «سنسور تاور»، إلى أن تطبيق «ووكي» هو الـ 12 من بين تطبيقات الذكاء الاصطناعي الأكثر تحميلاً على مستوى العالم، بين شهري يناير وأغسطس من العام الجاري، ويحل في مرتبة تلي مباشرة منافسه الأمريكي «كاركتر دوت إيه آي».
كما تمكّنت تطبيقات أخرى تابعة لشركات صينية، من التوسّع في الخارج. ويحل تطبيقا «هايببك» التابع لـ «بايت دانس»، و«كويستشن إيه آي»، مساعد الفروض المنزلية الذي تشغّله شركة زويبانغ للتكنولوجيا التعليمية، على قائمة أكثر عشرين تطبيقاً يحمّلها المستخدمون.