صابر الرباعي: “يوتيوب والمنصات الغنائية الرقمية.. لغة العصر”
رغم شغفه بالمقامات التونسية وحبه للتراث الموسيقي، لكنه أدرك أن التطوير الموسيقي مطلوب، ليحافظ على نجوميته في أي زمان ومكان، ولأن القطاع الموسيقي هو إحدى القطاعات الكثيرة التي تأثرَت بظهور الإنترنت، طوع “الرباعي” التكنولوجيا في خدمة الفن، دون أن يخل بهوية الأغنية العربية.
وأكد صابر، أن التكنولوجيا برغم فوائدها ومزاياها المتعددة في التطور الموسيقي المطلوب، لكنها كانت السبب أيضا في إفساد الذوق الفني، لهذا السبب يطالب النقابات الفنية بتقديم ورش عمل عن كيفية دمج التكنولوجيا مع القطاع الموسيقي دون الإخلال بهوية الأغنية وقتل روحها.
التقت ” لغة العصر ” بالنجم صابر الرباعي على هامش مشاركته في مهرجان الموسيقي العربية بدورته الاستثنائية التي تحمل رقم 29، بدار الأوبرا المصرية، للحديث معه عن أهميه التكنولوجيا في حياته، وكيف تم تطويعها في خدمه فنه والتطوير من موسيقاه وإلى نص الحوار:
– هل يعتمد صابر الرباعي بشكل كبير على الإنترنت في توزيع أغانيه؟
لاشك أن الإنترنت غير من شكل ونمط الأغنية العربية، فهناك موزعون يعتمدون على الإنترنت بشكل كبير في توزيع الأغنية، كبديل للآلات الموسيقية، لتوفير النفقات والتكلفة التي يمكن أن تضاعف حال الاستعانة بعازفين موسيقيين، وأنا ضد ذلك، لأن هذا يفقد الأغنية روحها وهويتها.
– كيف طوع صابر التكنولوجيا في تطوير موسيقاه؟
الموسيقى العربية لا تعيش بمعزل عن موجة التطور التكنولوجي التي أحاطت كل العلوم، ويبدو أثرها جليا كلما اقتربت منها الأجهزة التقنية الحديثة بسبب الحاجة الحتمية إلى تسهيل مهماتها الفنية والأدائية من ناحية، وبسبب مواءمة روح العصر ومتطلباته من ناحية أخرى. فلا تستطيع الموسيقى أن تقف بعيدا عن التيار التقني الحاصل من حولها دون مواكبة له، والإفادة منه بطرائق عملها في جميع مجالاته الواسعة، لذا يتحمل المتخصصون في مجال الموسيقى العربية مسئولية كبيرة بحسن استخدام التطوير التكنولوجي وتطويعه لعالمها حتى تواكب الحداثة وثوابتها الجمالية التي شكلت قيمها الفنية عبر مراحل مسيرتها. ولا يخفى ذلك على المتتبع من خلال شبكات الاتصال، التي أسهمت في نشر الموسيقى العربية بشكل واسع.
– هل ترى أن التطوير الكبير في أجهزة التسجيل والتدوين الموسيقي بإمكانها إلغاء النوتة والآلات الموسيقية؟
أنا ضد أن التكنولوجيا تلغي الصنعة البشرية، خاصة في مجال الموسيقي، أنا معك أن التطوير التكنولوجي في أجهزة التسجيل، والمتمثلة ببرامج التسجيل الصوتي والخزن وِفْقَ الخطوط المتعددة المسارات، اختزلت كم الجهود والإمكانيات، واجتازت كل المعوقات والإشكاليات التي كانت تعرقل عملية تنفيذ الموسيقى، لكنها أفقدت الأغنية روحها، وللأسف هناك فنانون كثيرون يعتمدون على التكنولوجيا بشكل كبير في تطوير موسيقاهم وتسجيل أغانيهم، ما تسبب في طمس الأغنية العربية.
– ما أكثر شبكة تواصل اجتماعي تتواصل بها مع الجمهور فيسبوك، تويتر، إنستاجرام؟
كلاهما، عندما أريد أن أوجه رسالة خاصة لجمهور من خلال إنستاجرام أو فيسبوك، وعندما أحب أن أدلي برأي في قضية معينة ألجأ إلى تويتر، لأني أشعر أنه جاد إلى حد ما.
– كيف أثر يوتيوب والمنصات الغنائية الرقمية على سوق الألبومات؟
للأسف اليوتيوب والمنصات الغنائية الرقمية طغت على سوق الألبومات، فمعظم الفنانين الآن يلجأون إلى طرح أغاني سينجل على اليوتيوب الذي بات يحقق نجاحا كبيرا، ولكن من وجهة نظري الشخصية أرى أن الألبوم “برستيج” للفنان فهو الأرشيف الحقيقي له، الفنانون الذين مازالوا يحرصون على طرح ألبومات يفعلون ذلك حفاظا على تاريخهم وأرشيفهم الفني فقط.
– هل اتجهت مثل هؤلاء الفنانين إلى اليوتيوب؟
بالفعل اتجهت إلى اليوتيوب، لأنه لغة العصر الآن، ودوري كفنان أن أواكب العصر بالشكل الذي يتفق مع مبادئي الفنية، ومؤخرا طرحت قصيدة جديدة بعنوان “جريدة الرجل الثاني” كلمات الشاعر اللبناني الكبير نزار قباني، وألحان الدكتور طلال، فلا يجب أن نترك اليوتيوب لأنصاف الموهوبين الذين أفسدوا الذوق العام بالأغاني الرثة.
– هل ترى أن الألبومات الغنائية تخوض حرب شرسة مع أغاني المهرجانات التي تتصدر تريند الشبكات الاجتماعية؟
أنا لست ضد نوع غنائي معين، ولكن ضد البذاءة، والكلمات المبتذلة، الفن له شروط ومواصفات يجب أن تنطبق على الفنان أولا قبل أن يخوض المهنة ويحسب نفسه واحدا منها، لا شك أن الألبومات الغنائية تخوض حربا شرسة مع التيارات الغنائية الهابطة التي باتت تحتل التريند الآن، لذا فكرت أن نحاربها بنفس السلاح الذي تستخدمه وهو “اليوتيوب” فهي منصة تتسع للجميع، لذا دورنا كفنانين غيورين على مهنتنا أن نكون متواجدين على اليوتيوب، حتى لا نسمح الفرصة لإنصاف الموهوبين في طمس معالم الأغنية العربية. والتيارات الغنائية الهابطة تحتل التريند لفترة معينة من الوقت، وتبقي الأغنية الأصيلة حاضرة في الذاكرة مهما مرّ عليها سنوات وقرون، وخير دليل على قولي أغنية “علي اللي جرى” التي لا تزال حتى الآن تحقق نجاحا كبيرا على اليوتيوب رغم مرور ما يقرب من نصف قرن على إنتاجها. لهذا أطالب النقابات الفنية بتقديم ورش عمل للموسيقيين والفنانين عن كيفية دمج التكنولوجيا مع القطاع الموسيقي دون الإخلال بهوية الأغنية وقتل روحها.
برأيك.. هل التكنولوجيا كانت السبب في ظهور أنصاف الموهوبين على الساحة؟
بالتأكيد، تحديدا اليوتيوب، فبات بإمكان أي شخص يدخل يسجل أغنية بصوته ويطرحها على اليوتيوب ويكسب من ورائها، دون الخضوع لهيئة الرقابة على المصنفات الفنية، أو الحاجة لتصريح من النقابة بالغناء. ما ساهم في انتشار الأغاني الرثة التي ساهمت في إفساد الذوق الفني.
وكيف يمكن التغلب على ذلك؟
أن نكون متواجدين بشكل دائم على المنصات الرقمية.
كيف استفاد صابر الرباعي من التكنولوجيا؟
استقطاب جمهور أكبر من دول مختلفة، الألبوم نطاقه ضيق، مقارنة باليوتيوب والتطبيقات الغنائية.
هل تتفاعل بشكل شخصي مع الجمهور علي شبكات التواصل الاجتماعي أم هناك مدير خاص بك لإدارة تلك الشبكات؟
كنت أتواصل بشكل مباشر ودائم مع الجمهور خلال فترة الحجر المنزلي الذي فرضه علينا فيروس كورونا المُستجد، ولكن بحكم طبيعة عملي بسبب الحفلات والتصوير، أستعين بطاقم يدير حساباتي الاجتماعية ويرد على استفسارات الجمهور.
لجأ معظم المطربين خلال فترة الحجر المنزلي إلى الإنترنت لإقامة حفلات أون لاين، لماذا لم يلجأ صابر الرباعي لذلك؟
في الحقيقية لم تراودني الفكرة، وأنا سعيد بالخطوة التي اتخذها زملائي من الفنانين في إقامة حفلات أون لاين للتواصل مع الجمهور، ولا شك أن هذه الحفلات كانت تبث روح الأمل والتفاؤل لدي الجمهور، ولكن بطبيعتي أحب الاتصال مباشرة مع الجمهور على المسرح، أستمد منهم قوتي وإحساسي وأنا على خشبة المسرح.
في ظل انتشار كورونا واعتماد معظم معجبينك على متابعة أخبارك من الإنترنت، فهل تعتقد بأن شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية سيكون لها دور مؤثر لنشر الأعمال الفنية وأحدث الأخبار الخاصة بك أم سيلجأون للوسائل التقليدية (صحف وراديو وإذاعة وتليفزيون)؟
هذا ما يحدث الآن، فأنا استعين بالإنترنت في توجيه رسالة خاصة للجمهور، أو أدلي برأي في قضية معينة، فلم يكن الجمهور بحاجة للاطلاع على أخبار الفنانين عقب التلفاز والمواقع الإخبارية، بمجرد الدخول على حساباته الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي يجد المعلومة التي يبحث عنها بكل سهولة.
حاليًا يوتيوب والساوند كلاود (شبكات التواصل) يتيح لأي شخص عمل أغنية ونشرها للجمهور فهل يوجد إمكانية لاكتشاف مواهب جديدة من خلال تلك التقنيات الحديثة؟
لم لا.. الفكرة تناسب تطور العصر وتسهل الطريق للوصول إلى الهدف، وبالفعل أطلقت “روتانا” مؤخرا إطلاق برنامجها التطبيقى “The Talent” وهو برنامج غنائى يهتم باكتشاف المواهب عبر الإنترنت، ويسمح للمشتركين من مختلف دول العالم العربى لعرض مواهبهم. يتم الاشتراك فيه أونلاين عبر تسجيل حساب على التطبيق الرقمى أو الموقع الإلكترونى، وما على المشترك إلّا تحميل مقطع فيديو يعكس فيه موهبته فى الغناء. ويكون اختيار الأغنية قائما على لائحة الأغانى المقترحة. ويكون هناك تصويت للمشتركين يعتمد على الجمهور ومعارف كل مشترك عبر مواقع التواصل الاجتماعى والـSMS. والفكرة لاقت صدي واسعا، يجب أن نرحب بالافكار الجديدة، وندمج التكنولوجيا في الفن.
المصدر: بوابة الأهرام